Tuesday, June 1, 2010
أثر الأديان المغايرة للإسلام على الباطنية
أثر الأديان المغايرة للإسلام على الباطنية
الدكتور/ كمال الدين نور الدين مرجوني
إن تأثير الأديان المغايرة للإسلام كاليهودية ، والمسيحية ، والمجوسية واضح في عقائد غلاة الشيعة ( ) وبخاصة الإسماعيلية الباطنية ( ). وهذه المؤثرات جاءت كنتيجة مباشرة للبذور التي بذرها عدد من اليهود وغيرهم من أتباع الملل الأخرى بتظاهرهم باعتناق الإسلام، ليدخلوا من خلال تلك الأفكار المسمومة والغريبة في عقائد المسلمين، فكانت فكرة التشيع لعلي وآل البيت ستارا ينطلقون منه لتحقيق أهدافهم ( ). وبالإضافة إلى ذلك، فإن هذه المؤثرات كما يبدو إنما جاءت في المقام الأول كوليدة للصراعات الفكرية بين المسلمين وأصحاب الديانات الأخرى . ويذكر الدكتور يحيى هاشم فرغل أن النشاط المسيحي بدأ منذ عصر الرسول ، ويشير إلى مناقشة النجاشي لوفد مكة ومناقشة الرسول لوفد نجران ( ). ويذكر ابن حزم أن اليهود هم الذين أفسدوا دين المسيح عندما دخل بولس المسيحية وقال بإلهية المسيح، إذ يقول: " وهذا أمر لا نبعده عنهم، لأنهم قد راموا ذلك فينا وفي ديننا ، فبعد عليهم بلوغ إربهم، وذلك بإسلام عبد الله بن سبأ اليهودي الحميري لعنه الله ليضل من أمكنه من المسلمين، فنهج لطائفة رذلة كانوا يتشيعون في علي أن يقولوا بإلهية علي، كما نهج بولس لأتباع المسيح أن يقولوا بإلهيته، وهم الباطنية والغالية إلى اليوم " ( ) . وعلى أية حال، فإن أهم هذه المؤثرات هي فكرة الوصاية، والرجعة، والمهدية، والتناسخ ( ) . ويلاحظ الدكتور عبد الرحمن بدوي أن الكيسانية من أقدم فرقة إسلامية تقول بفكرة المهدي ( ) . ويذهب كل من فان فلوتن جولد تسيهر إلى القول بأن فكرة ظهور المهدي التي أدت إليها نظرية الإمامة، والتي تجلّت معالمها في الاعتقاد بالرجعة منشأها المؤثرات اليهودية والمسيحية ( ) . غير أن الدكتور محمد إقبال يرى غير ذلك، حيث يرجع فكرة ( المهدي ) إلى تأثير الفكر المجوسي ( ) .
ومن الجدير بالذكر أن المسلمين جمعوا أديان الفرس تحت اسم ( المجوس )، وإن كانوا قد أحسوا بما بينها من فروق ( ) . ومن المذاهب المجوسية التي كان لها تأثير مباشر في غلاة الشيعة هي: الزرادشتية، والمانوية، والمزدكية ( ) . ويذكر الشيخ محمد أبو زهرة أن الشيعة قد تأثروا بالأفكار الفارسية حول الملك والوراثة، والتشابه بين مذهبهم ونظام الملك الفارسي واضح، ويستدل على ذلك بأن أهل فارس من الشيعة، وأن الشيعة الأولين كانوا من فارس ( ) . ولذلك، فإن آراء الشيعـة كانت تلائـم الإيرانيين ( ) .
ويصور لنا الشهرستاني في كتابه (الملل والنحل) تأثير الأديان السابقة للإسلام والمذاهب والتيارات الأخرى على غلاة الشيعة، إذ يقول: "هؤلاء هم الذين غلوا فى حق أئمتهم حتى أخرجوهم من حدود الخليقية ، وحكموا فيهم بأحكام الإلهية ، فربما شبهوا واحدا من الأئمة بالإله، وربما شبهوا الإله بالخلق، وهم على طرفى الغلو والتقصير، وإنما نشأت شبهاتهم من مذاهب الحلولية ومذاهب التناسخية ومذاهب اليهود والنصارى، إذ اليهود شبهت الخالق بالخلق والنصارى شبهت الخلق بالخالق، فسرت هذه الشبهات في أذهان الشيعة الغلاة حتى حكمت بأحكام الإلهية فى حق بعض الائمة" ( ) .
ويتضح من هذا النص وجود التأثيرات الخارجية من الأديان والمذاهب والمعتقدات المخالفة للإسلام في عقائد غلاة الشيعة.
ولبيان مدى تأثر الباطنية باليهود نقف قليلا عند فكرة التأويل الرمزي لدى اليهود، لأنها – على ما نظن– من أكثر دلالة على تأثير اليهود على الفكر الباطني، فاستخدم كل منهما التأويل الرمزي كمنهج لدراسة العقيدة ( ) . وخاصة تراث فيلون الإسكندراني (Philo) كما يحدثنا عنه الدكتور عبد الرحمن بدوي، أن التأويل الرمزي انتقل إلى اليهودية على يد فيلون في القرن الأول الميلادي، وأنه يعد من أكبر ممثلي النزعة إلى التأويل في العصر القديم، وإن كان قد سبقه في اليهودية كثيرون أوّلوا الكتب المقدّسة في العهد القديم تأويلا رمزيا( ). فيؤول فيلون الجنة بأنها ملكوت الروح، وشجرة الحياة بأنها خوف الله، وشجرة المعرفة هي الحكمة والأنهار الأربعة من الثقافة العقلية، وقابيل بأنه الأناني، وشيث بأنه الفضيلة المزودة بالحكمة، وأخنوخ بأنه الرجاء، وسارة بأنها الفضيلة والحكمة، ويوسف بأنه نموذج الرجل السياسي، ومعطفه المؤلف من عدة ألوان يدل على سياسته المركبة الضيقة الإدراك ( ) . وكذا يؤول فيلون الوعود الإلهية الورادة في التوراة بأنها خيرات روحية للنفس الصالحة وبسيادة الشريعة على العالم حتى التئام اليهود في بلد واحد بعد توبتهم يؤوله بمعنى اجتماع الفضائل في النفس وتناسقها بعد ما تحدثه الرذيلة من تشتت ( ) .
والغرض الأساسي عند فيلون من استخدام التأويل ومحاولة تطبيقه على نصوص التوراة هو تحويل أشخاص قصص التوراة إلى رموز يعبر بها عن جوانب الخير والشر في النفس الإنسانية ونزعاتها المختلفة ، فقصة بدء الخلقية تمثل عند فيلون رموزا إيحائية تفسر النفس البشرية بين حالات الخير والشر والرذيلة والفضيلة، فآدم مثال للنفس العارية عن الفضيلة والرذيلة نراه يخرج من هذه الحالة بالإحساس المرموز له بـ (حواء) التي تغريها اللذة والسرور المرموز لهما بالحية ، وبهذا تلد النفس العجب المرموز له بـ (قابيل) مع كل ما يتبع ذلك من سوء ، ومن ثم نجد الـير المرموز له بـ (هابيل) يخرج من النفس ويبتعد عنها، وأخيرا تفنى النفس الإنسانية في الحياة الأخلاقية ، ولكن تنمو بذور الخير التي في النفس بسبب الأمل والرجاء المرموز له بـ (أنيوس) والندم المرموز له بـ (إدريس) ثم ينتهي الأمر بعد ذلك إلى العدالة المرموز لها بـ (نوح) ثم الجزاء على ذلك وهو التطهير التام المرموز له بـ (الطوفان) ( ) .
وبهذا يدور أكثر تفلسف فيلون حول شرح التوراة شرحا رمزيا فحواء في رأيه كناية عن الحس، والحية كناية عن اللذة، ولقد نفى عن الله جميع الصفات التي وصفته بها التوراة، فالله في نظره لا يمكن أن يتصل بالعالم، ولهذا خلق أولا الكلمة وهي في نظر فيلون (الابن الأول لله)، أما العالم فهو الابن الثاني لله، وبما أن الإنسان لا يستطيع أن يتصل بالله مباشرة ، فقد جعل الله الكلمة والملائكة شفعاء للبشر في توسلهم إليه ( ) . ويبدو أن الدافع الأساسي لفيلون إلى اتخاذ هذا التأويل الرمزي كمنهج لشرح نصوص الدين اليهودي هو الحملة التي قام بها المفكرون اليونانيون على ما في التوراة (العهد القديم) من قصص وأساطير ساذجة أو غير معقولة: مثل برج بابل والحية التي أغرت حواء في الجنة وغيرها، فاضطر فيلون إلى الدفاع عن التوراة بتأويل هذه المواضيع الأسطورية وغير المعقولة الواردة في التوراة تأويلات بالباطن، ورأى أن التأويل بالباطن هو روح النص المقدس وأن التفسير بالمعنى الحرفي –هو مجرد جسم هذا النص المقدس– للنص سيؤدي حتما إلى الكفر والإحالة ( ) . ولهذا قام فيلون بمحاولات لتفسير وشرح العهد القديم.
الآثار اليهودية.
وإذا انتقلنا إلى تراث الباطنية، فسنجد أن هذا النهج الرمزي في التأويل لدى اليهود موجود عندهم ، ويكاد جميع كتبهم على اختلاف عناوينها محتوية على التأويل، بل صرحت عناوين كتبهم بألفاظ التأويل، وفي ذلك وضع القاضي النعمان (تـ363هـ) كتابين بعنوان "أساس التأويل" و "ودعائم التأويل". وكذا ألف الداعي أبو يعقوب السجستاني (تـ353هـ) كتابا وعنونه بـ "تأويل الشريعة" . ومن يطالع كتاب (الكشف) للداعي جعفر بن منصور اليمن (تـ347هـ)، فيظهر له وجه التشابه بينه وبين فيلون اليهودي في استخدام التأويل التعسفي كمنهج لشرح النصوص الدينية، فكلاهما لا ينطلقان من قاعدة ثابتة وأساس متينة، ففي تأويل قوله : اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّــةٍ ( ) . يقول الداعي جعفر بن منصور اليمن (تـ347هـ): "فنوره في السموات هداة ، ونوره في الأرض الأئمة الذين بهم يهتدى ... والمشكاة مثلا لفاطمة الزهراء بنت محمد صلى الله عليه وعليها ليس لها عيب ... والمصباح يعني الحسين ، والزيتونة يعنى إبراهيم حين سماه بالشجرة إنها من شجرة الزيتون ، والزيتون مما تسمى به الأئمة و الرسل، والتين مماتسمى به الأوصياء والحجج ... لا شرقية يعنى لا نصرانية تشبه ملة عيسى ، ولا غربية يعني ولا يهودية تشبه ملة موسى" ( ) .
الآثار المسيحية.
وأما عن تأثر الباطنية بالمسيحية، فأشار إليه النوبختي (تـ310هـ) في كتابه "فرق الشيعة"، حيث رأى وجود أصول مسيحية في العقيدة الإسماعيلية الباطنية بقوله: "وزعموا أن محمد بن إسماعيل هو خاتم النبيين الذي حكاه الله في كتابه، وأن الدنيا اثنا عشرة جزيرة في كل جزيرة حجة، وأن الحجج اثنا عشر ولكل حجة داعية، ولكل داعية يد، يعنون بذلك أن اليد رجل له دلائل وبراهين يقيمها ويسمون الحجة: الأب. والداعية: الأم. واليد: الابن. يضاهون قول النصارى في ثالث ثلاثة"( ) . ويؤكد بذلك أيضا الدكتور محمد حسين كامل إذ يلاحظ أن المؤلفات الإسماعيلية قبل دور الإسماعيلية الفاطمية في مصر، أى في الدور المغربي ( ) موافقة تماما لآراء العقيدة المسيحية، بل صرح الداعي جعفر بن منصور اليمن (تـ347هـ) في كتابيه أسرار النطقاء) و (سرائر النطقاء) بأن ترتيب الدعاة هو نفس ترتيب رجال الكنيسة المسيحية، واعتراف دعاة الإسماعيلية بصلب المسيح هو تأثير قوي من تعاليم المسيحية. وفي الدور الفاطمي بمصر نجد الداعي حميد الدين الكرماني (تـ411هـ) مثلا يستشهد بآيات من التوراة والإنجيل، ويؤولها تأويلا يتفق مع عقيدته في الإمامة، بل يجعل آيات التوراة تشير إلى إمامه. كل ذلك بتأثير المسيحية على العقيدة الإسماعيلية تأثيرا جعل مسيحي مصر يقولون إن المعز لدين الله اعتنق المسيحية وهو قول لا أساس له من التاريخ ( ) . وقد استشهد الوزير يعقوب بن كلّس (تـ380هـ) بقول السيد المسيح بعد حكايته عن خلق العالم، وهذا نص قوله: "قال السيد المسيح: ما كان من السماء فإلى السماء يرقى، وما كان في الأرض ففي الأرض يبقى ... ثم قال بعد الاستشهاد به: " فجثث الحيوان في الأرض تبقى ، ونفوسها إلى عالم الحركات ترقى" ( ) .
الآثار المجوسية.
وأما عن تأثر الباطنية بالمجوس فيذكر كل من البغدادي والإسفراييني أن الباطنية يشاركون المجوس في الاعتقاد بصانعين لهذا العالم، غير أن المجوس يزعمون بأن أحد الصانعين قديم وهو الإله الفاعل للخيرات، والآخر شيطان محدث فاعل للشرور. وأما الباطنية فيزعمون بأن الإله خلق النفس، فالإله هو الأول والنفس هو الثانى، وهما مدبرا هذا العالم، وسموهما الأول والثاني، وربما سموهما بـ (العقل والنفس )، ثم قالوا إنهما يدبران هذا العالم بتدبير الكواكب السبعة والطبائع الأربعة. فهذا بعينه قول المجوس حيث قالوا إن مدبر العالم اثنان أحدهما قديم والآخر حادث ، حدث من فكرته، إلا أن المجوس قالوا هما (يزدان وأهرمن) ( ) . وبهذا حوّل الباطنية عبارات المجوس إلى القول بأن الله تعالى خلق النفس، وكان الله هو الأول، والنفس هو الثاني أو يقولون بأن العقل هو الأول والنفس هو الثاني.
هكذا يظهر لنا مدى تأثر الباطنية بالديانات المغايرة للإسلام - اليهود والمسيح والمجوس-. ونتج عن هذا التأثر، نادى الباطنيون إلى وحدة الأديان فحاولوا أن يوفقوا بين كافة الأديان السماوية التي سبقت الإسلام وبين ما جاء به الإسلام؛ مستدلين بقول أبي يعقوب السجستاني (تـ353هـ) عندما حاول أن يوفّق بين الصليب والشهادة، إذ يقول في ذلك: " إن الشهادة مبينة على النفي والإثبات، فالابتداء بالنفي والانتهاء إلى الإثبات، وكذلك الصليب خشبتان: خشبة ثابتة لذاتها، وخشبة أخرى ليس لها ثبات إلا بثبات الأخرى، والشهادة أربع كلمات، كذلك الصليب له أربعة أطراف. فالطرف الذي هو ثابت في الأرض، منزلته منزلة صاحب التأويل الذي يستقر عليه نفوس المرتادين، فالطرف الذي يقابله علوا في الجو، منزلته منزلة صاحب التأييد الذي عليه تستقر نفوس المؤيدين ... ( ) . فالإسلام الذي جاء آخر الأديان السماوية شمل منطلقاته وعقائده كافة المنطلقات والعقائد الأخرى ... فالأنبياء والرسل الذين بشروا بالشرائع والمذاهب والأديان غرضهم واحد، وهم يعبون من ينبوع واحد، وينتهون إلى نقطة التقاء واحدة، مهما اختلفوا في طريق السير ونوعها وماهية الزاد الذي يتزودون به خلال عبورهم واجتيازهم العقبات التي تتكوم في معارج الطريق ( ) .
ومن هنا، مهما تعددت الطرق واختلفت المسالك، وتنوعت الدروب، فالأديان كلها مهما تباينت عقائدها، وتنوعت مذاهبها تؤدي إلى طريق واحد مستقيم، ويوصل الإنسان إلى الكمال المطلق، والهدف الأمثل ( ) . وفي ذلك يقرر الداعي القرمطي عبدان بأن المسلم –على حدّ قوله– :"هو من يقبل جميع الشرائع بتمامها، فكل من عمل بشرائع صاحب دوره فهو مسلم" ( ). ومن الحق القول بأنه ربما وجد الإسماعيليون في هذا الخليط الفكري المتباين العجيب، مدعاة للفخر والاعتزاز، لأنهم لا يمثلون الديانة الإسلامية، ولا اليهودية، ولا النصرانية، ولا المجوسية، ولا البوذية، ولا الهندوسية، بل يمثلون كل الديانات السماوية والأرضية على حدّ سواء. مهما تباينت وتشاكلت، لأنها في نظر المفكرين الإسماعيليين تؤدي جميعها إلى طريق الهدى والتقى والمثل العليا ( ) .
وقد أكد الدكتور برنارد لويس هذا التداخل المعتقدى (Interconfessionalism) في المذهب الإسماعيلية الباطنية، فرأى أنه اجتمع في هذا المذهب عدد من جماعات مختلفة في العنصر و الدين مثل: مزدكيين، ومانويين، وصابئين، ومسيحيين، ويهود. وقد سبقتهم إلى هذا الاعتقاد الشمولي فرقة من الفرق اليهودية تعرف بـ (العيسوية)، وهذه الفرقة تدعي في أثناء خلافة عبد الملك الأموي بأن محمدا وعيسى كانا نبيين صادقين بالنسبة إلى وطنيهما وشعبيهما اللذين ظهرا فيهما، فتأثر الإسماعيلية بها، ثم طوّروا هذه الفكرة العيسوية وصاغوها نظاما محكّما أصبحت بموجبه الصحة النسبية لجميع الأديان معترفا بها، وألغى التعصب الديني إلغاء تاما ( ) .
ونخلص من هذا، فنقول إن العقائد الإسماعيلية عبارة عن مجموعة آراء مختلفة تضمها كل العقائد الدينية من يهودية ومسيحية وغير ذلك من الأديان المخالفة للإسلام، ويحاولون في أن تتحد الأديان كلها تحت راية المذهب الإسماعيلية الباطنية. فمهما كان الحال، فإن عقائد الباطنية هي مجموعة أفكار ملفقة من مذاهب شتى، وكلها خبط و اضطراب، وذلك لانتفاعهم من كل هذه الاعتقادات المخالفة للإسلام، فجمعوا كل هذه العقائد لتشويه صورة الإسلام.
وعلى هذا، فيمكننا القول بأن الباطنية في الحقيقة يحاولون تأسيس دين جديد يضم جميع الأديان، يهودية، و مسيحية، و مجوسية، و إسلامية.
_________________________________
المراجع:
( ) ويجدر التنويه إلى أن مؤرخي الفرق في تقسيمهم لفرق الشيعة قد اتفقوا على وضع الغلاة كفرقة داخل الشيعة ، وأن الإسماعيلية الباطنية توضع بين فرق الغلاة أحيانا – كما صنفها البغدادي – وتابعه في ذلك الدكتور برنارد لويس ، وأحيانا أخرى تذكر كفرقة مستقلة من فرق الشيعة - كما صنفها الشهرستاني ونشوان الحميري - . انظر : الفرق بين الفرق ص 46 . الملل والنحل ، 1/191 ، شرح رسالة الحور العين ، ص 162 . أصول الإسماعيلية ، ص 63 .
ويذكر الدكتور عمر فرّوخ أن غلاة الشيعة هم جماعات من غير العرب في الأكثر كانوا متأثرين باليهود والمجوس والنصـارى ، فألهوا الإمام عليا والأئمة من بنيه . تاريخ الفكر العربي إلى أيام ابن خلدون ، ص 212 ، دار العلم للملايين ، بيروت – لبنان ، ط4/1983م .
( ) انظر : الفصل في الملل والنحل ، ابن حزم ، 4/138 . مختصر التحفة الإثنى عشرية ، شاه عبد العزيز الدهلوي ، 298 وما بعدها . تاريخ الفلسفة العربيـة ، حنا الفاخوري و خليل الجر ، 1/189 وما بعدها ، دار الجيل ، بيروت ، ط3/1993م . تاريخ الفكر العربي ، د. عمر فرّوخ ، ص 212 . العقائد الباطنية وحكم الإسلام فيها ، د. صابر طعيمة ، ص 43 .
( ) الحركات الباطنية في العالم الإسلامي ، د. محمد أحمد الخطيب ، ص 36 ، مكتبة الأقصى بعمان و عالم الكتب بالرياض ، ط2/1986م . ( أصل الكتاب رسالة دكتوراه للمؤلف قدمها إلى قسم العقيدة والمذاهب المعاصرة بكلية أصول الدين جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في الرياض . بإشراف : الشيخ زيد بن عبد العزيز الفياض ) .
( ) عوامل وأهداف نشأة علم الكلام ، ص 169 ، مجمع البحوث الإسلامية ، القاهرة ، 1392هـ - 1973م .
( ) الفصل في الملل والنحل ، 1/164 .
( ) انظر : فجر الإسلام ، أحمد أمين ، ص 273 ، مكتبة النهضة المصرية ، القاهرة ، ط12/1978م . نظرية الإمامة لدى الشيعة الإثنى عشرية ، د. أحمد محمود صبحي ، ص 398 وما بعدها ، دار المعارف ، القاهرة ، بدون تاريخ . أدب الشيعة ، د. عبـد الحسيب طه حميدة ، ص 90 وما بعدها ، مطبعة السعادة ، القاهرة ، ط2/1968م .
( ) انظر : مذاهب الإسلاميين ، 2/815 .
والحقيقة أن الاعتقاد بالمهدي المنتظر ، وبأنه من أهل البيت ، وسيخرج في آخر الزمان ، فيملأ الأرض قسطا وعدلا بعدما ملئت جورا ، هو عقيدة إسلامية مشتركة بين الشيعة وأهل السنة ، ولكنهم اختلفوا فيمن يكون هذا الشخص المنتظر ؟ . فيرى أهل السنة أنه رجل من أهل البيت دون التحديد بالشخص ، وهناك آراء تقول بأن لا مهدي سوى عيسى ، ولكن جمهور أهل السنة على أن المهدي المنتظر غير عيسى ، بينما ذهب الإمامية إلى تحديد الشخص المنتظر وهو الإمام الثاني عشر محمد بن الحسن العسكري ، وأما الباطنية فالمهدي عندهم هو محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق ، فهو قائم القيامة أو صاحب الدور والكور – والكور يتألف من عدة أدوار قد تصل إلى السبعة – ، فالإمام السابع في أي دور من الأدوار يكون هو القائم صاحب الدور الذي يحاسب أهل دوره على الأخطاء التي ارتكبوها . انظر : المقدمة ، ابن خلدون ، ص 311 . الفكر السياسي عند الباطنية وموقف الغزالي منه ، د. أحمد عرفات القاضي ، ص 91 ، الهيئة المصرية العامة للكتاب ، القاهرة ، 1993م . ( أصل الكتاب رسالة ماجستير للمؤلف قدّمها إلى قسم الفلسفة الإسلامية بكلية دار العلوم جامعة القاهرة . بإشراف : أستاذي : أ.د. محمد السيد الجليند و أستاذي : أ.د. السيد رزق الحجر ، عام 1988م ) . نظرية الإمامة لدى الشيعة الإثنى عشرية ، د. أحمد محمود صبحي ، ص 398 . الإمام المهدي المنتظر بين النظرية والواقع ، ، السيد عدنان البكّاء ، ص 45 ، الغدير ، بيروت – لبنان ، ط1/1999م . الإمامة وقائم القيامـة ، د. مصطفى غالب ، ص 303 – 304 ، دار ومكتبة الهلال ، بيروت – لبنان ، 1981م .
( ) انظر : السيادة العربية و الشيعة والإسرائيليات في عهد بني أمية ، ص 121 – 123 ، ترجمه عن الفرنسية : د. حسن إبراهيم حسن و د. محمد زكي إبراهيم ، مصر ، 1934م . العقيدة والشريعة في الإسلام ، ص 205 ، ترجمة : د. محمد يوسف موسى وآخرون ، مصر ، 1946م .
( ) تجديد التفكير الديني في الإسلام ، ص 177 . ترجمة : عباس محمود وآخرين ، مصر ، 1955م .
( ) نشأة الفكر الفلسفي في الإسلام ، د. علي سامي النشار ، 1/189 .
( ) غلاة الشيعة وتأثرهم بالأديان المغايرة للإسلام ، د. فتحي محمد الزغبي ، ص 556 .
( ) انظر : تاريخ المذاهب الإسلامية ، ص 38 ، دار الفكر العربي ، القاهرة ، بدون تاريخ .
( ) انظر : الخوارج والشيعة – المعارضة السياسية الدينية – ، يوليوس فلهوزن ، ص 146 ، دار الجيل للكتب والنشر ، ط5/1998م ، ترجة وتقديم : د. عبد الرحمن بدوي .
( ) الملل والنحل ، الشهرستاني ، 1/173 .
( ) ويذكر ويليام ريزي أن تأويل النصوص الدينية قد احتل مكانا بارزا في الأديان السماوية ، حيث يرى أتباع الديانات المختلفة على أهمية ذلك العلم إلى أن برز كفنّ مستقل ، له قواعده وأصوله في علم اللاهوت اليهـودي والمسيـحي وهـو ما يعـرف بالهرمينطيقيـا ( Hermeneutics ) . انظر :
Dictionary of Philosophy and Religion, William L. Reese, Humanities Press,
New jersey, 1996, p. 297.
( ) مذاهب الإسلاميين ، 2/755 – 756 .
( ) المصدر السابق ، 2/756 – 757 .
( ) تاريخ الفلسفة اليونانية ، يوسف كرم ، ص 249 ، دار القلم ، بيروت – لبنان ، بدون تاريخ .
( ) انظر : الآراء الدينية والفلسفية لفيلون ، أميل بريهييه ، ص 73 – 95 ، ترجمة : د. محمد يوسف موسى و د. عبد الحليم النجار ، طبعة مصطفى الحلبي ، 1954 . قضية التأويل عند الإمام ابن تيمية ، د. محمد السيد الجليند ، ص 140 – 141 .
( ) تاريخ الفكر العربي إلى أيام ابن خلدون ، د. عمر فرّوخ ، ص 131 – 132 بتصرف .
( ) مذاهب الإسلاميين ، 2/756 . ولمزيد من التفصيل راجع : الإمام ابن تيمية وقضية التأويل ، د. محمد السيد الجليند ، ص 138 وما بعدها .
( ) سورة النور : 35 .
( ) كتاب الكشف ، ص 35 باختصار .
( ) انظر : ص 82 من الكتاب .
( ) وأعلنت الدولة الفاطمية في المغرب برئاسة عبد الله المهدي – الخليفة الفاطمي الأول – في السابع من ذي الحجة سنة 296هـ . وبعد هذا الإعلان فتخرج الإمامة من السرية المطلقة إلى العلنية ، وبهذا انتهى دور الستر . تاريخ الإسماعيلية – الدعوة والعقيدة – ، د. عارف تامر ، 1/243 .
( ) طائفة الإسماعيلية ، ص 176 – 177 .
( ) الرسالة المذهب ، ص 111 – 112 .
( ) انظر : الفرق بين الفرق ، ص 269 – 270 . التبصير في الدين ، ص 142.
( ) كتاب الينابيع ، ص 148 ، منشورات المكتب التجاري ، بيروت ، تحقيق : د. مصطفى غالب .
( ) مفاتيح المعرفة ، د. مصطفى غالب ، ص 275 .
( ) المصدر السابق ، ص 263 .
( ) شجرة اليقين ، ص 13 – 14 ، تحقيق : د. عارف تامر .
( ) الشيعة الإسماعيلية - رؤية من الداخل - علوي طه الجبل ، ص 352 ، دار الأمل ، القاهـرة ، ط1/2002م .
( ) انظر : أصول الإسماعيلية ، ص 152 وما بعدها.
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
0 komentar:
Post a Comment