Tuesday, July 10, 2012

الفكر السياسي عند الفرق الشيعية

الفكر  السياسي عند الفرق الشيعية
الدكتور/ كمال الدين نور الدين مرجوني
رئيس قسم الدعوة والإدارة الإسلامية بحامعة العلوم الإسلامية الماليزية
         اقترن الفكر السياسي عند الشيعة بنظرية "الإمامة"([1])، وهي قضية من القضايا الشائكة في التاريخ الإسلامي، لا سيما أنها أول قضية حدث فيها خلاف بين المسلمين، وأهم مواطن الخلاف في هذه القضية هي سؤالان: هل أن الإمامة مصلحة دنيوية يوكل أمرها إلى الأمة، فتختار من يصلح لها، أو أنها مصلحة دينية لا يجوز إغفالها ولا تفويضها للأمة -بمعنى أنها ليست بطريق الانتخاب، وإنما هي بالتعيين والوصية-؟. هل أن خلافة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي صحيحة أو أنه هناك نزاعا في البعض منهم-؟. وقد أدى هذا الخلاف إلى تفرقهم إلى جماعات، وفرق، ومذاهب، وبخاصة الشيعة. فمنذ الخلافة الراشدة وحتى الآن والصراع بين المذاهب الإسلامية قائم حول مَنْ له الأحقية في تولي الإمامة أو الخلافة من المسلمين.
وقد أشار مؤرخو الفرق والملل إلى ذلك، فقال الإمام الأشعري: "أول ما حدث من الاختلاف بين المسلمين بعد نبيهم اختلافهم في الإمامة"([2]). وقال الشهرستاني مؤكدا على أنها المشكلة الرئيسية الكبرى التي تركّز حولها الصراع في ميدان السياسي العملية بين المسلمين: "وأعظم خلاف بين الأمة خلاف الإمامة، إذ ما سلّ سيف في الإسلام على قاعدة دينية مثلما سلّ على الإمامة في كل زمان"([3]).
وقد أكد بذلك أيضا نشوان الحميري الزيدي فقال: "إن أول اختلاف جرى بين الأمة بعد نبيها وآله، اختلافهم في الإمامة يوم سقيفة بني ساعدة"([4]). وقال ابن حزم: "كان عمدة كلامهم في الإمامة والمفاضلة بين أصحاب النبي([5]).
ويتضح من هذه النصوص التي أوردها مؤرخو الفرق الإسلامية، أن الخلاف بين الأمة الإسلامية ليس خلافا فكريا أو مذهبيا، وإنما كان خلافا سياسيا بحتا. ذلك أن الخلاف الذي طرأ على الأمة الإسلامية كان بعد وفاة الرسول محصورا في تولي الخلافة ورئاسة الدولة. وفي ذلك يقول أستاذي الدكتور محمد الجليند: "إن الخلاف حول قضية الإمامة في هذه الفترة المتقدمة من تاريخ المسلمين، لم يكن خلافا فكريا أو مذهبيا، وإنما خلافا عصبيا تشوبه روح التعصب للعرق والدم"([6]).
ولعل هذا الصراع هو الذي دعى الإمام الزيدي أحمد بن الحسن الرصّاص (تـ621هـ) إلى اعتبارها مسألة صعبة على الأمة الإسلامية، إذ يقول: "ولا شك أن الإمامة من الأمور الشاقة المتعبة"([7]).
فالسؤال الذي يطرح نفسه، هو ما هذه الإمامة التي تجعل الأمة متفرقة ومنقسمة إلى عدة جماعات، وفرق، ومذاهب، وطوائف وما إلى ذلك من الانقسام؟.
إن الإمامة في اللغة كما ورد في (لسان العرب): التقدم، وقولك أمّ القوم وأمّ بهم: تقدّمهم، وهي الإمامة، والإمام: كل من ائتم به قوم كانوا على الصراط المستقيم، أو كانوا ضالين، ورئيس القوم: أَمَّهم، ويطلق الإمام علي الخليفة، وعلى العالم المقتدى به، وعلى من يؤتم به في الصلاة([8]). ويقول صاحب (القاموس المحيط): "أَمَّه: قَصَدَهُ ... والمئم: الدليل الهادي، والجمل يقدم الجمال، والإمة بالكسر: الحالة والشرعة، والدين ... والإمامة، وأمهم وبهم تقدمهم، وهي الإمامة. والإمام: من ائتم به من رئيس أو غيره ... والخيط بمد على البناء فيبنى والطريق، وقيم  الأمر: المصلح له، والقرآن، والنبي والخليفة"([9]).
ويتضح من هذا التعريف اللغوي، أن كلمة (إمام) تفيد المعاني الآتية: التقدم، والقصد إلى جهة معينة، والهداية، والقيادة، والأهلية لأن يكون المرء قدوة.
وأما الإمامة في الاصطلاح، فعرفها الإمام الماوردي الشافعي بقوله: "الإمامة موضوع لخلافة النبوة في حراسة الدين والدنيا"([10]). ويقول الإيجي بأنها: "خلافة الرسول في إقامة الدين، بحيث يجب اتباعه على كافة الأمة"([11]). ويقول إمام الحرمين الجويني في تعريفه للإمامة: "رياسة تامة، وزعامة عامة، تتعلق بالخاصة والعامة من مهمات الدين والدنيا، مهمتها حفظ الحوزة، ورعاية الرعية، وإقامة الدعوة بالحجة والسيف، وكف الخيف والحيف، والانتصاف للمظلومين من الظالمين، واستيفاء الحقوق من الممتنعين ، وإيفاؤها على المستحقين"([12]).
ويتضح من هذه التعاريف أن الإمامة أو الخلافة هي النظام الذي جعله الإسلام أساسا للحكم بين الناس، بهدف اختيار الأصلح من المسلين قدر الطاقة لتجتمع حوله كلمة الأمة، وتتحد به صفوفها، وتقام به أحكام الشريعة.
والزيدية يعرفون الإمامة بأنها: رئاسة عامة باستحقاق شرعي لشخص مخصوص في أمور الدين والدنيا على أن لا يكون فوق يده يد مخلوق، وفي ذلك يقول الإمام أحمد بن يحيى المرتضى (تـ840هـ): "الإمامة رياسة عامة لشخص مخصوص بحكم الشرع ليس فوقها يد"([13]). ويعرفها الإمام القاسم بن محمد (تـ1029هـ) قائلا: "رياسة عامة باستحقاق شرعي لرجل لا يكون فوق يده مخلوق"([14]). وهذا الرجل لا بد أن يكون من آل البيت، وعلى وجه التحديد من ولد الحسن والحسين([15]). ويكاد هذا التعريف يكون متفقا عليه عند الزيدية. حيث أشار إلى ذلك الإمام حميدان بن يحيى (تـ656هـ) بقوله في حقيقة الإمام، فقال: "هو الشخص الجامع للرئاسة على الخلق في الدين والدنيا على وجه لا يكون فوق يده يد ، قالته أئمتنا عليهم السلام"([16]).
فالإمامة الحقة عندهم لا تكون إلا باستحقاق شرعي لتخرج جميع أنواع الرئاسة الأخرى القائمة على القهر، والغلبة، وعلى مبدأ الاختيار لغير مَنْ لا يستحقها، ومن ثم فلا بد أن تكون الإمامة لشخص مخصوص يكون من آل البيت ممن جمع شروطها. وتحصر الزيدية طاعة الرعية لإمامها على أمور الدين والدنيا المتعلقة بمصلحتها كالجهاد، الولايات، والحدود، وقبض الزكاة، أما ما يتعلق بأمور الدين والدنيا الشرعية فليست من اختصاصه([17]).
ومن هنا فلا يجوز للإمام عند الزيدية أن يتنحّى عن الأمة، وهو يجد فيهم جماعة يعينونه على أمر الله، ويأتمرون له، ويجاهدون معه، ولا خلاف في ذلك، فإن لم يجد من يعينه على أمر الله، ويجاهد معه في سبيل الله جاز له التنحّى عنهم –أى الأمة– كما فعل عليّ u بعد رسول الله  وآله من قعوده عن طلب الأمر، مع أن الحق كان له، وكذلك فعل ولده الحسن بن عليّ لما فسد عليه أصحابه، وخذلوه، اعتزلهم وخلّى بينهم بين معاوية، وبين الأمر، وكذلك القاسم بن إبراهيم u بويع ، واجتمع عليه الخلق ، ثم رأى فشلهم وغلب على ظنه أنه لا يمكنه القيام بالأمر كما يحب بهم فاعتـزلهم؛ لأن هذا الأمر لا يتم إلا بالأعوان والأنصار، فإذا لم يكونوا سقط وجوبه عن الإمام([18]).
وأما الإمامة عند الشيعة الإمامية الإثنى عشرية، فهي الرئاسة العامة الإلهية، خلافة عن رسول الله ، في شؤون الدنيا والدين، بحيث يجب على كافة الخلق طاعة الإمام، والفرق بين النبي والإمام هو أن النبي حاكم بالأصل على الناس في دينهم ودنياهم مباشرة ودون واسطة. أما الإمام فهو الحاكم بواسطة النبي  ([19]) .
وعلى هذا، فإن الإمامة بكلتا سلطتيها: الدينية والدنيوية منصب إلهي ديني، وحلقة أخرى منبثقة عن النبوة، لا تختلف عنها بشيء إلا بالوحي. ومن ثم فالإمامة لا تخضع للاختيار أو الانتخاب، وإنما يكون تعيين من له الإمامة بنص من الله ورسوله، أو بنص من نص عليه رسول الله بحيث ينص السابق على الإمام اللاحق([20]).
وعلى هذا الأساس، فإن الأحكام الإلهية لا تستقى إلا من جهة الأئمة، ولا يصح أخذها إلا منهم . ولا خلاف في هذه النقطة بين الشيعة الإمامية والشيعة الإسماعيلية كما سيتضح فيما بعد.
والملاحظ من كل هذه التعريفات، اتفاق كل المذاهب –سنة أو شيعة بفرقها المختلفة– على أن الإمامة هي خلافة النبوة لحفظ الشريعة. وكما هو جدير بالإشارة إليه، أن لفظ " الإمام " هو المعنى الخاص للشيعة ويراد به المرشد الروحي، ويمكن أيضا أن يطلق على (الخليفة) أو (الحاكم) أو (الرئيس)، وقد شاعت هذه المعاني في التراث الكلامي السياسي. وبالرغم من الانسجام أو الترادف اللغوي بين الخلافة والإمامة الذي يقول به أهل السنة، فإن لفظ الإمامة بمعزل عن الخلافة ، قد شاع استخدامه عندما اشتعل أوار الجدل بين العلماء والفقهاء ضمن المجموعة الإسلامية ، غير أن أهل السنة يتابعون الشيعة في عدم استخدام لفظ (الخليفة) في أبحاثهم الكلامية، وإنما استخدموا فيها لفظ (الإمام)، ذلك لأنهم في واقع الأمر اضطروا إلى البحث في الإمامة للرد على الشيعة ، وأن مصطلحات هذا العلم وموضوعاته ومسائله قد حددها الشيعة من قبل([21]).
ويوضّح لنا ابن خلدون السر وراء استعمال الشيعة اسم الإمام دون الخليفة، إذ يقول: "إن الشيعة خصّوا عليّا باسم (الإمام) نعتا له بالإمامة التي هي أخت الخلافة، وتعريضا بمذهبهم في أنه أحق بإمامة الصلاة من أبي بكر، لما هو مذهبهم وبدعتهم ، فخصوه بهذا اللقب، ولمن يسوقون إليه منصبا الخلافة من بعده"([22]).
ومن ناحية أخرى يلاحظ الدكتور صلاح رسلان أن لفظ الإمام في العصر الحديث يطلق على الشخص دون أن يعني ذلك تحميل اللفظ معنى الإمامة الكبرى (أي الخلافة)، فنقول مثلا: الإمام محمد عبده([23]).
والإمامة هي النقطة الأساسية التي انقسم فيها المسلمون إلى أهل سنة وشيعة، وتبدو حساسيتها عند الشيعة أكثر من أي فرق إسلامية أخرى، لأنهم حصروا كل شيء في الوجود ضمن الإمامة وألطافها ، لذلك جعلوها من أهم أصولهم الاعتقادية ، بينما أهل السنة يجعلونها من المسائل الفرعية للأدلة التي أوردوها([24]) .
وعلى هذا، فقد اضطر علماء الكلام أن يدرجوا في مؤلفاتهم العقدية أو ما يعرف بـ "علم أصول الدين"مباحث الإمامة، كردود فعل لما قامت به الشيعة من جعلها أهم القضايا الدينية، فعـدّوها من أعظم أركان الإيمان. وقد أشار إليه الإمام صالح المقبلي الزيدي (تـ1108هـ)، فقال: "الإمامة مسألة فقهية ، وإنما عدّها المتكلمون من فنهم لشدّة الخصام ، كوضع بعض الأشاعرة المسح على الخفين في مسائل الكلام"([25]). ونصب الإمام عند الأشعرية واجب سمعا، وعند الزيدية والمعتـزلة واجب عقلا ... وقالت الإمامية والإسماعيلية: بل على الله ... وقالت الخوارج: لا يجب أصلا ، إلا أن الإمامية أوجبوه عليه لحفظ قوانين الشرع عن التغيير بالزيادة والنقصان، والإسماعيلية أوجبوه ليكون معرّفا لله وصفاته أى أنه لا بد عندهم في معرفته من معلّم([26]) .
والواقع، أن الإمامة هي الحجر الأساسي في المذاهب الشيعية –الزيدية، والإمامية الإثنى عشرية، والإسماعيلية الباطنية–، فاتفقوا جميعا في اعتبارها من أصول الدين([27])، ويرى الشيخ المفيد الإمامي (تـ413هـ) أنه لما كانت الإمامة تشكّل القاعدة الأساسية، والركن الذي قام عليه التشيع، دخل الزيدية تحت لواء الشيعة لانتظامهم بمعناها ، وعدم خروجهم عنها([28]). حقا، فقد صرّح بذلك علماء الزيدية في مواضع مختلفة من كتبهم، فعلى سبيل المثال، يقول الإمام الحسين بن القاسم العياني الزيدي (تـ404هـ): "إن الإمامة فرض من الله لا يسع أحد جهلها"([29]). ويقول الإمام أحمد بن الحسن الرصّاص الزيدي (تـ621هـ): "إن الإمامة من أصول الدين المهمة التي يلزم كل مكلف معرفتها([30]). ويقول الإمام حميدان بن يحيى الزيدي (تـ656هـ)، فيقول: "إن معرفة مسائل الإمامة من أصول الدين المفروضة المعينة التي يستحق كل من أخل بها الذم والعقاب ... فمدّعي التشيع لا يخلو إما أن يقر بما أجمعوا عليه ويعترف بصحته، أو لا. فإن أنكر ذلك أو تأوله فليس بشيعي"([31]). ويقول الإمام أبو القاسم محمد بن الحوثي الزيدي المعاصر (تـ1319هـ) في نهاية كتابه "الموعظة الحسنة" بعد ذكر كل مسائل أصول الدين ومنها الإمامة: " فهذه ثلاثون مسألة في أصول الدين على قواعد آبائنا أهل البيت ... فيجب المصير فيها إلى العلم اليقين، ولا يجوز التقليد فيها لأحد المكلفين"([32]).
ومن نصوص الإمامية الإثنى عشرية الدالة على أن الإمامة من أصول الدين، قول ابن المطهر الحلي الإمامي (تـ726هـ) ([33]) في مقدمة كتابه (منهاج الكرامة): "أما بعد، فهذه رسالة شريفة، ومقالة لطيفة، اشتملت على أهم المطالب في أحكام الدين، وأشرف مسائل المسلمين، وهي مسألة الإمامة التي يحصل بسبب إدراكها نيل درجة الكرامة، وهي أحد أركان الإيمان المستحق بسببه الخلود في الجنان والتخلص من غضب الرحمن"([34]). ويقول الشيخ محمد رضا المظفر الإمامي المعاصر: "نعتقد أن الإمامة من أصول الدين، لا يتم الإيمان إلا بالاعتقاد بها"([35]).
وأما نصوص الإسماعيلية الباطنية، فنكتفي بذكر قول الداعي حميد الدين الكرماني الباطني (تـ411هـ)، حيث يقول: "إن الإمامة من أصول الإسلام، وهي أجلها وأفضلها ، إذ بها يكمل"([36]).
وعلى كل حال، فإن الإمامة عند الشيعة ليست قضية مصلحية تناط باختيار العامة وبتنصيبهم، بل هي قضية أصولية، وهي ركن من أركان الدين ، لايجوز للرسول إغفاله أو إهماله، ولا تفويضه للعامة. وعلى هذا، فإن من شرط صحة الانتماء إلى التشيع هو الاعتقاد بأن الإمامة من أصول الدين.
ومن هنا أعطى الشيعة أهمية كبرى لموضوع الإمامة ، ففتقوا الكلام فيه، وتناولته مختلف فرقهم بالبحث والنظر([37]). وكانت النتيجة فيه، أنهم أثبتوا بذلك أمام الناس جميعا و بطريقة غير مباشرة على أن الإمامة ميراث خاص لأهل البيت أو لأسرة النبي ، فلا يجوز لغيرهم أن يكون إماما لهذه الأمة. وفي ذلك يقول الإمام أحمد بن يحيى بن الحسين الزيدي (تـ325هـ)([38]): "... ثم يصطفي الله أهل البيت دونهم، ويجعل إليهم الرئاسة والسياسة"([39]).
ومما يثبت هذا ويوضّحه، أن الشيعة على اختلاف مذاهبهم وطوائفهم قد أجمعوا على أن النبي قد عَيَّنَ عليّا  ليكون وصيا له بعد وفاته، ويحدثنا نشوان الحميري الزيدي عن هذا الإجماع بقوله: "وقالت الشيعة كلها: إنَّ عليا كان أولى الناس بمقام رسول الله  بعده، وأحقهم بالإمامة والقيام بالأمر في أمته([40]).
وقد أشار إليه أيضا الشهرستاني الأشعري حين يعرف الشيعة بأنهم: "الذين شايعوا عليا t على الخصوص، وقالوا بإمامته وخلافته نصا ووصية، إما جليا و إما خفيا([41]). وذلك في (غدير خم)([42])، حيث نسبوا إلى الرسول حديثا يقول في شأن علي بن أبي طالب : »ألستم تعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟، قالوا: بلى. قال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله وأدر الحق معه حيث دار«([43]). ويذكر الإمام يحيى بن حمزة الزيدي (تـ749هـ) أن دلالة إمامة عليّ بن أبي طالب قاطعة، والحق فيها واحد، ليست من مسائل الاجتهاد، كما ذكره بعضهم، فمن خالفها فلا شك مخطئ لمخالفته للدلالة القاطعة([44]).
ولكنه إذا أمعنا النظر فيما يقول الرسول من أقوال في حجة الوداع، وتحليلها، يتضّح لنا أنه لم يأت على ذكر أي شيء يتعلق بالخلافة، وإنما ذكر فيه على أفضلية أمير المؤمنين علي  لما قدّمه للمسلمين من خدمات. ولذلك لم تكتف الشيعة بالاستدلال بحادثة (غديرخم) على ولاية الإمام عليّ، بل إنهم –بجميع فرقهم وعلى اختلاف آرائهم وتباين عقائدهم–استندوا إلى آيات قرآنية لإثبـات ما ذهبوا إليه من وجوب إمامة الإمام عليّ وغيره من الأئمة–، منها قوله I: ]إِنَّمَا وَلِيُّكُمْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ[ - المائدة: 55-. وقوله I: ]أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ[ - النساء: 59-. فقالوا: إن المراد من (أولي الأمر) هم الأئمة من ذرية علي t([45]). ومن هنا، أن القدر المشترك بينهم والمجمع عليه هو كون الإمام علي وابنيه الحسن والحسين أئمة. وأما الأئمة بعدهم فاختلفوا فيه، لذلك حاول كل من الزيدية والإمامية الإثنى عشرية والإسماعيلية الباطنية أن تثبت الإمامة في أئمتها من دون أئمة الفرق الأخرى. فأمعنوا في الولاية المشبوهة بالتبري، حتى جعلوها من أهم أسس الدين.
ويذكر أستاذي الدكتور حسن الشافعي([46]) في إشارة موجزة إلى أن الشيعة لا يختلفون في عدد الأئمة وتحديد ذواتهم فحسب، ولكن في مهمة الإمام نفسه: فهو عند الإمامية الإثنى عشرية منفّذ للشريعة إن توفّرت له السلطة، وطريق للعلم بأحكامها أيضا بحكم العصمة، ولا محل للاجتهاد فيها حال ظهوره. أما عند الإسماعيلية فهو طريق العلم بالشريعة وصاحب الحق في تنفيذ أحكامها، وله مع ذلك وظيفة كونية لا ينتظم أمر العالم إلا بها، بينما يرى الزيدية أن الإمام منفّذ لأحكام الشرع فحسب، وهو في العلم بهذه الأحكام كغيره من المجتهدين ، وهم في هذا يلتقون مع أهل السنة([47]). وعلى هذا، فيمكن القول بأن الإمامة منذ البداية، هي أهم مبادئ الدعوة الشيعية، وأرسخ قواعدها، وملاذها الذي انضوت تحت لوائه، وحاولت أن تؤكّده، وأن تدعمه بسائر الوسائل الروحية والمذهبية، ولم تدخر وسعا في أن تستمد أسانيدها من القرآن ذاته، ومن الأحاديث النبوية، لتسبغ بذلك على مسألة الإمامة، جوا من الإيمان والقدسية ، يسمو إلى مرتبة النبوة ذاتها، فحاول فقهاء الشيعة ورواتها ودعاتها، منذ عصر مبكر، أن يخلقوا هذا الجو القدسي حول الإمامة، بما وضعوه من الكتب والرسائل العديدة([48]).
ولكن يستثنى من ذلك الفرقة الزيدية –غير الجارودية–، وكان الفضل في ذلك يرجع إلى الإمام زيد بن علي المؤسس لهذه الفرقة، حيث إن آراءه ظهرت بمظهر الاعتدال نتيجة سيادة آراء الغلو التي سادت في العصر الأموي نتيجة التضييق الفكري الذي عانت منه الشيعة، فظهرت آراء منحرفة وسط ظلام الكتمان، فكانت مزاعم ألوهيـة علي t، ورجعة النبي ، وعدم موت علي وغيرها ، وظهرت آراء زيد وسط آراء ثلاثة، أولها: أن الخلافة ثبتت بالوراثة لا بالاختيار، وثانيهما: الاعتقاد باغتصاب أبي بكر حق علي في الخلافة، وثالثها: عصمة الأئمة، وغيرها من الاعتقادات الباطلة.
ومن هنا –كما قلنا سابقا-، جاء المذهب الزيدي كرد فعل لغلاة الشيعة، والتشيع الإثنى عشرية، وكذا التشيع الإسماعيلية الباطنية فيما بعد، فأقام الزيدية جسرا بين أهل السنة والشيعة. حيث إنهم لا يقبلون القول بالنص الجلي، والعصمة، والرجعة، وفكرة الإمام المهدي المنتظر. فكل هذه العقائد تدينها الشيعة الاثنى عشرية والإسماعيلية الباطنية على حدّ سواء، ولا غرابة في ذلك، لأن الشيعة الإسماعيلية قد استمدت أصولها في بداية الأمر من الشيعة الإثنى عشرية، ثم افترقت الطرق بينهما.
 ويرى الدكتور أحمد صبحي أن إنكار الزيدية لهذه الفكرة، لأن المهدية عندها لا تنفصل في مفهومها عن الإمامة ذاتها، فكل فاطمي، شجاع، عالم، زاهد يخرج بالسيف يدعو إلى الحق، فهو إمام ومهدي في آن واحد، دون اعتقاد في المهدية بالمفهوم الذي يفيد انتظار محرر أو مخلص مبعوث من الله، وكل أئمة الزيدية كزيد وابنه يحيى ومحمد النفس الزكية مهديون([49]).
ومن الملاحظ أن مفهوم الإمامة عند الإسماعيلية الباطنية لا يختلف كثيرا عن الإمامية الإثنى عشرية، فهم يرون أن الإمامة من أجلّ أركان الإسلام وأفضلها، إذ بها يكمل. بل هي الدرجة الرفيعة التي اختص بها عليّ بن أبي طالب، وأنها كالنبوة، واستمرار لها، ولذلك لا بد من وجود الإمام في كل زمان، لتعليم الناس عن دينهم ودنياهم وما إلى ذلك من الاعتقادات([50]). يقول الداعي حميد الدين الكرماني الباطني (تـ411هـ): "إن الأرض لا تخلو من إمام قائم لله لحقه ، إما ظاهرا مكشوفا ، وإما خائفا مغمورا مستورا([51]).
وبعد أن أشرنا إلى نظرية الإمامة عند الشيعة عامة، فنأتي بالحديث عن نظرية الإمامة عند الإسماعيلية الباطنية.
يحدثنا الدكتور مصطفى غالب الباطني المعاصر عن نظرية الإمامة عند الإسماعيلية الباطنية أنها مختلفة عن غيرها من الشيعة، حيث إن دعاتهم أدخلوا الفلسفة في الإمامة، لذلك جاءت نظرياتهم في الإمامة جديدة على الشيعة، ومن هنا ينظر بعض المؤرخين والعلماء خروجا على المألوف([52]).
وقد أوضح الداعي أحمد النيسابوري الباطني أهمية الإمامة عند الباطنية، فقال: "كانت الإمامة هي قطب الدين، وأساسه، والتي يدور عليها جميع أمور الدين والدنيا، وصلاح الآخرة والأولى، وينتظم بها أمور العباد، وعمارة البلاد، وقبول الجزاء في دار المعاد، وبها يصل إلى معرفة التوحيد، والرسالة بالحجة والبرهان، والدلالة إلى معرفة الشريعة وبيانها"([53]). ويقول عن ضرورة وجود الإمام في كل زمان ومكان: "إن وجود الإمام ضروري لا بد منه، وإن جميع الشرائع والأحكام منوطة به لم يخل منه وقت من الأوقات، ولا زمن من الأزمنة، طاعتهم مفروضة على الخلق، وقيادتهم معقودة، وحدودهم موجودة معدودة، في كل زمان ومكان لإنقاذ البشرية من الضلال والفساد"([54]). وأشار بذلك الوزير يعقوب بن كلّس الباطني (تـ380هـ): "إن الإمامة لا تنقطع عن العالم طرفة عين ، لأنها الحجة على الخلق"([55]). ويقول الداعي أبو يعقوب السجستاني الباطني (تـ353هـ) عن مهمة الإمام: "فواجب إقامة الأئمة في الأزمنة لهداية الخلق، ولحفظ الدين"([56]).
وقد استدل الإسماعلية الباطنية على ما ذهبوا إليه من أن الأرض لا تخلو من إمام معصوم بالقرآن الكريم والسنة النبوية، ومن القرآن قوله I : ]يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ[ -الإسراء: 71-. وقوله I: ]وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا[ -الأنبياء: 73-. وقوله I : ]إِنَّمَا أَنْتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ[ -الرعد: 7-. فبين أن لكل إنسان في كل زمان إمام يهديه بأمر الله إلى دينه وصراطه المستقيم، فواجب أن يكون في كل زمان للخلق إماما هاد مهتدي لا تخلو الأرض منه ، إما ظاهرا وإما مستورا([57]). وأما السنة فبحديث رسول e : »من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية ([58]).
فهذا الحديث –كما يزعمون– يفيد على أن الناس بحاجة ماسة إلى الإمام في كل زمان ومكان([59]).
وكما استدلوا بالقرآن والسنة استدلوا كذلك على وجوب الإمامة بأدلة ذات طابع عقلي، فقالوا: إن طبائع الناس مختلفة وأهواءهم متفاوتة والحوادث غير معلومة، ولا محصورة، وكان في الطبع الاستطالة والتعدي، وحب القهر والغلبة. وعلى هذا وجب من طريق الحكمة أن يكون بين الناس حاكم يفصل بينهم في الحوادث، فلا يكون لهم محيص عن حكمه، ولا مهرب من قضائه، كما كان النبي e في أيامه، فأخبر الله I عنه بقوله: ]فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا[ -النساء: 65-. والحاكم الإمام، إذ الإمامة واجبة([60]).
ونقرر هنا، أنه لا خلاف في هذه النقطة بين الإمامية الإثنى عشرية والإسماعيلية الباطنية، فاتفقوا في أن الأحكام الإلهية لا تستقى إلا من الأئمة، لأنه عالم بكل شيء بتعليم من علاّم الغيوب، وأن الأرض لا تخلو من إمام معصوم([61]). وقد جاء في رواية الكليني الإمامي (تـ329هـ) بسنده عن أبي جعفر قال: "لو أن الإمام رفع من الأرض ساعة لماجت بأهلها كما يموج البحر بأهله"([62]). وأكد ذلك الشيخ محمد رضا المظفر الإمامي المعاصر قائلا: "وعليه لا يجوز أن يخلو عصر من العصور من إمام مفروض الطاعة منصوب من الله تعالى، سواء أبى البشر أم لم يأبوا، وسواء ناصروه أم لم يناصروه، أطاعوه أم لم يطيعوه، وسواء كان حاضرا أم غائبا عن أعين الناس"([63]). غير أن الإمامية والإسماعيلية اختلفوا في السبب الذي أدى بهم إلى القول بذلك، فقال الشيخ جعفر سبحاني الإمامي المعاصر موضّحا الفرق بينهم: " أقول: إنّ ما ذكره –الباطنية– من أنّ الأَرض لا تخلو من حجة للّه حقٌ، ولكن السبب ليس ما جاء في كلامه من إقامة الحدود، وحفظ المراسم، ومنع الفساد؛ فإنّ ذلك يقوم به سائر الولاة أيضاً، وإنّما الوجه أنّه الإنسان الكامل وهو الغاية القصوى في الخلقة، ويترتب على وجود ذلك الإنسان الكامل بقاء العالم بإذن اللّه سبحانه وآخره لحصول الغاية"([64]).
وقد أسبغ الإسماعيلية الباطنية أئمتهم ببعض الصفات الإلهية والمناقب القدسية العالية، كوصف أئمتهم بأنهم وجه الله، ويد الله، وجنب الله، وحجة الله، وهم الصراط المستقيم، والذكر الحكيم، ويستدلون على ذلك بأن الإنسان لا يعرف إلا بوجهه، ولما كان الإمام هو الذي يدل العالم على معرفة الله، فبه إذن يعرف الله، فهو وجه الله الذي يعرف به الله. وأن اليد هي التي يبطش بها الإنسان ويدافع بها عن نفسه، والإمام هو الذي يدافع عن دين الله، ويبطش بأعداء الله ، فهو على هذه المثابة يد الله. بل يدعون بأن أئمتهم الذين يحاسبون الناس يوم القيامة، وأما في الدنيا فيجب عليهم طلب الإستغفار من الله بواسطة الأئمة باعتبارهم خلفاء الله في أرضه، وأبواب رحمته، وأسباب مغفرته لعباده، ومن استشفع بهم شفع، ومن استرحم بهم رحم، ومن توسل بهم وصل([65]). إذن، فالإمام عليّ حسب اعتقاد الإسماعيلية الباطنية ليس الله نفسه، ولكنه لا ينفصل عنه([66]). وقد صرّح الداعي هبة الله الشيرازي الباطني (تـ470هـ) أن الأئمة هم وجه الله، فقال: "والأنبياء والأوصياء والأئمة u هم وجه الله تعالى"([67]).
ويرى الإسماعيلية الباطنية أنه لايصل إلى درجة النبوة إلا الأئمة. وقد أشار إلى ذلك الداعي أحمد النيسابوري الباطني بقوله: "إن مدار الدين على الإمام، وأن الإمام يعمل في شريعة النبي في دوره، فلا يصل إلى النبي ومنزلته وإلي الشريعة الصحيحة التي لم تتغير ولم تتبدل إلا من جهة الإمام، ولا يصل إلى حقيقة الشريعة وتأويلها ومعانيها إلا من جهته([68]).
ويلاحظ أن الذي دفع الإسماعيلية الباطنية إلى القول بأن الإمام هو الذي سيحاسب الناس يوم القيامة، هو اعتقادهم وإيمانهم العميق بأن جميع الشرائع والأحكام منوطة بالإمام ، وفي ذلك يقول الداعي حاتم بن إبراهيم الحامدي الباطني(تـ596هـ): "والحشر مع الإمام ... أن الإمام مغناطيس عالم الدين، وكذلك أن نفسه الشريفة تجذب نفوس مواليه حتى يصيروا في أفقها وحوزتها ... كما أن حجر المغناطيس تجذب برادة الحديد إذا اختلطت بالرمل وقرب حجر المغناطيس لحق البرادة من الحديد بالحجر المغناطيس وخلف الرمل، هذا وهو حجر جماد لا يعقل شيئا، كيف من هو حياة العالمين([69]).
      ولهذا، فقد أعطى الإسماعيلية الباطنية الإمامة مركزا ساميا ومقدّسا، وجعلوا من الإمام مثلهم الأعلى ، وزودوه بصلاحيات واختصاصات واسعة. وهو كالنبي سواء بسواء، وأنه لا فرق بينه وبين النبي إلا فضل السبق ، فهو يستطيع أن يتصل بالعقل الفعال والملائكة كالنبي أيضا. وفي ذلك يقول الداعي أحمد النيسابوري الباطني عن شخصية الإمام عليّ بن أبي طالب: "وتجسدت في ذاته قوة الأنبياء والمتمين والحكماء، وزاد على ذلك أشياء عجزوا عنها، ولولا قيامه بهذه المنزلة المقدسة، لما كانت علومهم وحكمهم، تامة، سرمدية أبدية على مر العصور والأزمان، وقد تجسدت جميع العوالم الجسمانية والروحانية والوضعية بأمير المؤمنين، وخلقت كلها لأجله"([70]). ويقول الداعي إدريس عماد الدين الباطني (تـ872هـ) عن خصائص الإمامة: "إن الإمامة هي اجتماع النفوس الشريفة، اللطيفة، المرتقية، الصاعدة، التي قد تهذبت بالأعمال الشرعية، وتخلقت بالأخلاق الفاضلة الملكية، وانصبغت بالصبغة الشريفة الروحانية، وتجوهرت بالعلوم اللطيفة الحقيقية"([71]).
ومن هنا، نجد ابن هانئ الأندلسي يصور لنا فكرة الإمامة ومفهومها العام لدى الإسماعيلية الباطنية بقوله:
ما شئت لا ما شاءت الأقدار #  فاحكم فأنت الواحد القهار
فابن هاني هنا يخلع على ممدوحه الإمام المعز الفاطمي اسمين من أسماء الموجود الأول، أو العقل الفعال، هما (الواحد، والقهار) ، ولا يعطي أي اسم من الأسماء العائدة للمبِدع، ثم يعود ابن هاني فيعطي الإمام صفة الرسالة التي ورثها عن النبي بقوله :

وكأنما أنت النبي محمد # وكأنما أنصارك الأنصار([72]).

وهذا أصح التعبير عن حقيقة الإمامة عند الإسماعيلية الباطنية كما يرى الدكتور مصطفى غالب –الباطني المعاصر– ([73]).

ومن مميزات نظرية الإمامة عند الإسماعيلية الباطنية التي لا نجدها عند غيرها من الفرق الشيعية، هي اعتقادهم بأن دعوتهم قديمة قدم هذا الوجود، لذلك لم يجعلوا تسلسلها من إسماعيل بن جعفر الصادق فحسب، بل ذهبوا إلى عهد بدء الخليقة ، فقالوا: إن الإمامة تبتدئ منذ بداية الحياة الإنسانية، فآدمu  كان الإمام الأول ، وكان أساسه أو وصيه شخص يدعى (هنيد) ويسمى دوره الأول أى دور التكوين، ومدّته ألفان وثمانون عاما وأربعة شهور وخمسة عشر يوما، وتنتهي إلى قيام القائم المنتظر الذي يسمى دوره السابع([74]) .
وكما يتميز الإسماعيلية الباطنية عن غيرها من الشيعة بقولهم إن الإسلام بني على سبع دعائم، وبغيرها لا يكون الإنسان مسلما مؤمنا، وفي ذلك يذكر القاضي النعمان الباطني (تـ363هـ) مستندا إلى رواية أبي جعفر u أنه قال: بني الإسلام على سبع دعائم: الولاية، وهي أفضلها، وبها وبالولي يوصل إلى معرفتها، والطهارة، والصلاة، والزكاة، والصوم، والحج، والجهاد([75]).
بينما الإمامية الإثنى عشرية يقولون بأن الإسلام بني على خمس: الصلاة، والزكاة، والصوم، والحج، والولاية. وقد جاء في رواية الكليني الإمامي (تـ328هـ) بسنده عن أبي جعفر قال:"بني الإسلام على خمس: على الصلاة، والزكاة، والصوم، والحج، والولاية، ولم يناد بشيء كما نودي بالولاية"([76]). وعنه أيضا: "بني الإسلام على خمسة، على الصلاة، والزكاة، والحج، والصوم، والولاية، قال زرارة: فقلت: وأى شيء من ذلك أفضل، فقال: الولاية أفضل لأنها مفتاحهن، والولي هو الدليل عليهن"([77]).
وعلى الرغم من ذلك، فإن الإمامية الإثنى عشرية والإسماعيلية الباطنية –حسب نصوصهم– اتفقوا على أن الولاية هي الأفضل من كل هذا الخصال.
ويختلف الإسماعيلية الباطنية عن بقية فرق الشيعة من الزيدية والإمامية الإثنى عشرية في أن الإمامة نوعان، فهناك (إمام مستقر) و (إمام مستودع). يقول القاضي النعمان الباطني (تـ363هـ):
"ليس المستقر كالمستودع، ولا الوكيل كالموكل، ولا الوصي كالموصى عليه، ولا يملك له أن يملك شيئا مما له في يديه، ولا أن يعدل بذلك إلى غيره عنه"([78]).
وبهذا، فالإمام المستقر، هو الإمام الذي يملك صلاحية توريث الإمامة والنص على الإمام من ولده ، ولا يمكن أن يخطئ بحال من الأحوال لتمتعه بالعصمة الذاتية. وأما الإمام المستودع فهو الذي يتسلم شؤون الإمامة في الظروف الاستثنائية الصعبة نيابة عن الإمام المستقر، ويكون له نفس الصلاحيات، إلا أنه لا يحق له توريث الإمامة ، ولا النص عليها ، وهو معصوم عصمة مكتسبة من مرتبته، ومن ألقابه (نائب غيبة). وعندما كان الأئمة في مرحلة الستر خوفا من أعدائهم أى قبل أن يتمكنوا من تأسيس دولة اتخذوا أئمة مستودعين تعمية لأعدائهم وسترا على صاحب الحق الشرعي. ففي استطاعة الإسماعيلية إذن دائما أن يكون لهم إمام سواء أكان مستقرا أو مستودعا في كل زمان([79]). وقد أطلق برنارد لويس على الإمام المستودع بـ (الإمام الحفيظ) إذ ينتحل بموجبها بعض الدعاة ألقاب الإمام ووظائفه أو يظل الإمام الحق مستورا ليدبّروا الحركات ويخبروا اتجاه الرأي العام، دون أن يتعرض الإمام المستقر لخطر([80]).
          هكذا كانت آراء الإسماعيلية الباطنية في الإمامة، لذلك إن دققنا النظر فيها، فنجد على تباين مشاربها لا ترمي إلاّ إلى هدف واحد، وهو تركيز الولاء المطلق للإمام المطلق وحسب، فالإمام لا سواه هو النتيجة الذي ينتهي إليه كل المقدّمات، والركيزة الذي تدور حوله مفاهيم الدين ودلالات العقيدة. فهو أعلى سلطة، ومصدركل قانون أو تنظيم أو تشريع.
ومن هنا نقرر أنه ليس من شك في أن الإمامة تعتبر المحور الأساسي الذي تدور عليه كافة العقائد الإسماعيلية الباطنية، ولكنهم لا يصرحون بهذا المعتقد علانية، بل يرمزون إليه متّخذين من نظرية الظّاهر والباطن ستارا لتحقيق ما يشيرون إليه.


([1]) وجوهر هذه النظرية يعتمد على القول بعدم جواز خلو الأرض من قائم لله بالحجة (الإمام)، ويجب أن يكون معصوما.
([2]) الأشعري ، مقالات الإسلاميين ، ص 2 .
([3])  الشهرستاني ، الملل والنحل ، 1/24 .
([4]) نشوان الحميري ، شرح رسالة الحور العين ، ص 212 .
كان الخلاف الذي نشأ بين الأمة الإسلامية حول قضية السياسة والحكم أثره في إبراز دور العلماء في تقنين النظرية السياسية الإسلامية، ووضع أسسها وتحديد معالمها، وقد وضع مفكرو أهل السنة والجماعة أسس النظرية السياسية الإسلامية من خلال النظام السياسي في عصر الخلافة. وبالرغم من وقوع الخلاف في بداية الأمر بين المهاجرين والأنصار حول قضية الخلافة، فقد استطاع عدول الأمة، أهل الحل والعقد إنهاء ذلك الخلاف وحسمه. وتقوم نظرية الخلافة عند أهل السنة والجماعة على أسس من القرآن الكريم والسنة النبوية، وتتمثل هذه الأسس في: الشورى والبيعة. والإمام أوالخليفة في نظرية أهل السنة بشر يخطئ ويصيب ملكف بعد اختياره للقيام على واجبات منصبه بشقيها الديني والدنيوي من حمية الدين، ورعاية للأمة وسهر على مصالحها، يساعده في ذلك أهل السنة الشورى من عدول الأمة ضمانا لعدم استبداده بالسلطة. للتوسع راجع: د/ فتحية النبراوي. د/ محمد نصر مهنا، 1982م، تطور الفكر السياسي في الإسلام، القاهرة-مصر، دار المعارف.
([5]) ابن حزم، الفصل، 2/113.
([6]) الجليند ، محمد السيد ، 1981م ، قضية الخير والشر في الفكر الإسلامي ، ص 338 .
([7]) أحمد بن الحسن الرصاس ، الخلاصة النافعة ، ص 224 .
([8]) انظر : 12/22 – 25 ، مادة " أمم " .
([9]) انظر : 4/77 – 78.
([10]) الماوردي ، 1973م ، الأحكام السلطانية ، ص 5.
([11]) الإيجي ، كتاب المواقف : 3/574 .
([12]) الجويني ، غياث الأمم في التياث الظلم ، ص 22 .
([13]) أحمد بن يحيى المرتضى ، البحر الزخار ، 2/ 561 (كتاب السير) .
([14]) القاسم بن محمد ، 1980م ، الأساس لعقائد الأكياس ، ص 159.
([15])انظر : محمد بن يحيى بن الحسين ، كتاب الأصول ، ص 42 . أحمد بن موسى الطبري ، كتاب المنير ، ص 167 . الحسين بن القاسم العياني ، المعجز ، ص 243 . أحمد بن سليمان ، كتاب حقائق المعرفة في علم الكلام ، ص 471 .
([16]) جواب المسائل الشتوية والشبه الحشوية ، ص 484 ، ضمن مجموع السيد حميدان .
([17])أحمد بن يحيى حابس الصعدي ، شرح مصباح العلوم في معرفة الحي القيوم ، ص 210 – عن أشواق أحمد مهدي غليس ، 1417هـ - 1997م – ، التجديد في فكر الإمامة عند الزيدية في اليمن ، ص 27 ، القاهرة ، مكتبة مدبولي .
([18]) أحمد بن سليمان ، 1424هـ - 2003م ، أصول الأحكام ، 2/1416 (كتاب السير).
([19]) آية الله السيد عبد الحسين دستغيب ، 1988م ، النبوة والإمامة ، ص 147.
([20]) انظر : الشيخ عبد الله نعمة ، 1985م ، روح التشيع ، ص 182. محمد الحسين آل كاشف الغطاء ، أصل الشيعة وأصولها، ص 68 . تقديم : السيد مرتضى العسكري. الشيخ محمد رضا المظفر ، عقائد الإمامية ، ص 65.
([21])  انظر : مصطفى غالب ، الإمامة وقائم القيامة ، ص22 . د. أحمد محمود صبحي ، نظرية الإمامة لدى الشيعة الاثنى عشرية ، ص 23 .
([22]) المقدمة ، ص 227 .
([23]) رسلان، صلاح، 1983م،  الفكر السياسي عند الماوردي، ص 90.
([24]) اتفق الشيعة مع أهل السنة في القول بوجوب الإمامة، غير أن الشيعة لهم فهما خاصا في معنى الوجوب، فالشيعة لا يرون أنها واجبة على الأمة، ولكن يقولون إنها واجبة على الله.
([25]) المقبلي ، العلم الشامخ ، ص 11 .
([26]) الإيجي ، كتاب المواقف ، 3/574 ، 579 .
([27]) انظر : القاسم بن محمد ، كتاب الأساس لعقائد الأكياس ، ص 159 . أحمد الشرفي ، شرح الأساس الكبير ، 1/206 . محمد بن القاسم الحوثي ، الموعظة الحسنة ، ص 42 . ابن المطهر الحلي ، منهاج الكرامة ، ص 27 ، الداعي أحمد النيسابوري ، كتاب إثبات الإمامة ، ص 27 ، 71 .
([28]) الشيخ المفيد ، 1371هـ ، أوائل المقالات ، ص 64 ، تبريز .
([29]) العياني ، الحسين القاسم ، المعجز ، ص 241 .
([30]) أحمد بن الحسن الرصاس ، الخلاصة النافعة ، ص 218 .
([31]) حميدان بن يحيى ، التصريح بالمذهب الصحيح ، ص 209 ، ضمن مجموع السيد حميدان .
([32]) انظر : ص 107 باختصار من الكتاب .
([33]) هو  جمال الدين يوسف بن الحسن بن عليّ الملقب بـ (ابن المطهر الحلي) ، شيخ وفقيه إمامي ، ولد في مدينة الحلّة، وهي مدينة كبيرة تقع بين الكوفة وبغداد ، وكانت ولادته سنة 648هـ ، وتوفى سنة 726هـ ،  ومن أهم مؤلفاتـه : "منهاج الكرامة" و "تبصرة المعلمين" و "قواعد الأحكام في معرفة الحلال والحرام" . وقد قام ابن تيمية بالرد على كتابه الأول في "منهاج السنة النبوية" . انظر : ابن حجر ، 1972م ، الدرر الكامنة ، مطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية ، تحقيق : د. محمد عبد المعيد خان ، حيدر آباد – الهند .
([34]) انظر : ص 27 من الكتاب.
([35]) المظفر ، محمد الرضا ، عقائد الإمامية ، ص 65 . وانظر : محمد الحسين آل كاشف الغطاء ، أصل الشيعة وأصولها ، 68.
([36]) الرسالة الكافية ، ص 181 ، ضمن مجموعة رسائل الكرماني .
([37]) مصطفى حلمي ،1988م ، نظام الخلافة بين أهل السنة والشيعة ، ص 153 ، دار الدعوة ، مصر – الإسكندرية .
([38]) هو الإمام الناصر لدين الله أحمد بن الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن السبط بن علي بن أبي طالب ، أحد الأئمة الزيدية ، وتوفي بصعدة سنة 325هـ ، وأهم مؤلفاته : "النجـاة" و "الرد على الإباضية" . انظر : المحلى ، الحدائق الوردية ، 2/ق 111 – 112 ، ميكروفيلم رقم :2136 . مخطوط بدار الكتب . محمد بن محمد بن يحيى زبارة ، أتحاف المهتدين بذكر الأئمة المجددين ومن قام باليمن الميمون ، ص 69 .
([39]) أحمد بن يحيى بن الحسين ، 2001م ، كتاب النجاة ، ص 167 ، ، القاهرة ، تحقيق : إمام حنفي عبد الله ، دار الآفاق العربية .
([40])  نشوان الحميري ، شرح رسالة الحور العين ، ص 154 .
([41]) الشهرستاني ، الملل والنحل ، 1/146 .
([42]) هو موضع بين مكة والمدينة، بينه وبين الجحفة ميلان. ياقوت الحموي، معجم البلدان، 3/465-466. 6/269. 
([43]) هذا الحديث مما تنازع العلماء في صحته:
-        وقد أخرجه الترمذي في سننه ، كتاب (المناقب) ، باب : مناقب عليّ بن أبي طالب t ، رقم : 3646. وجاء بلفظ : » من كنت مولاه فعليّ مولاه « ، قال أبو عيسى : هذا حديث حسن غريب .
-        وقد روى شعبة هذا الحديث عن ميمون أبي عبد الله عن زيد بن أرقم عن النبي e نحوه وأبو سريحة هو حذيفة بن أسيد الغفاري صاحب النبي e .
-        وأحمد في مسنده ، كتاب (العشرة المبشرين بالجنة) ، باب : ومن مسند الإمام عليّ بن أبي طالب ، رقم : 915 .  وجاء بلفظ : » ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجي أمهاتهـم . فقلنا : بلى يا رسول الله ، قال : فمن كنت مولاه فعلي مولاه اللهـم وال من  = = والاه وعاد من عاداه « .
-        وابن ماجه في سننه ، كتاب (المقدمة) ، باب : فضل عليّ بن أبي طالب ، رقم : 113 . وجاء بلفظ : » ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم . قالوا : بلى . قال : ألست أولى بكل مؤمن من نفسه . قالوا : بلى. قال : فهـذا ولي من أنا مولاه اللهـم وال من والاه اللهم عاد من عاداه « .
-        وقد اتهم الإمام الطبري بالتشيع لتصحيحه هذا الحديث، قال ابن حجر: "وإنما نبز بالتشيع، لأنه صحح حديث غدير خم". لسان الميزان، 5/115. إضافة إلى سرد الطبري لبعض الروايات التي يتعلق بها الرافضة، ومن هذه الروايات ما ذكره في تفسير قوله تعالى: )وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ( -الشعراء: 214-. عن علي بن أبي طالب قال: "لما نزلت هذه الآية على رسول الله e دعاني، فقال لي: يا علي إن الله أمرني أن أنذر عشيرتي الأقربين ... ) وذكر الحديث بطوله، وفي آخره أن عليا قال: أنا يا نبي الله أكون وزيرك. فأخذ برقبتي، ثم قال: إن هذا أخي، وكذا وكذا، فاسمعوا له وأطيعوا". تفسير الطبري، 19/121-122. تاريخ الطبري، 2/319-322. وفيه: "إن هذا أخي ووصي وخليفتي فيكم. وفي رواية، قال علي: فضرب بيده على يدي قال: فبذلك ورثت ابن عمي".
والحقيقة أن مجرد ذكر رواية كهذه ليس دليلا كافيا وصائبا للقطع بتهمة الغير باالتشيع، وهذا ما وقع لكثير من المحدثين بسرد الروايات التي تتعلق بالرافضة، ومن هذا القبيل، مثل حديث: "أنا دار الحكمة وعلي بابها". راجع: تهذيب الآثار، مسند علي رقم: 8، وروايات أخرى تشبهها.
([44]) يحيى بن حمزة ، عقد اللآلئ في الرد على أبي حامد الغزالي ، ص 153 . وانظر : القاسم الرسي ، 1997م ، تثبيت الإمامة ، ص 40 . القاهرة ، تحقيق : صالح الورداني ، دار الهدف . الصاحب بن عباد ، الإبانة عن مذهب أهل العدل ، 28 . محمد بن يعقوب الكليني ، أصول الكافي ، 1/324 . ابن المطهر الحلي ، منهاج الكرامة ، ص 118 – 119 . الداعي حسن بن نوح، الأزهار ومجمع الأنوار ، ص 216 – 217 ، تحقيق : د. عادل العوا ، ضمن منتخبات إسماعيلية . القاضي النعمان بن محمد ، 1419هـ - 1999م ، الأرجوزة المختارة ، ص 71 ، بيروت – لبنان ، تحقيق : د. يوسف البقاعي . وتقديم : د. عارف تامر ، دار الأضواء .
([45]) انظر : القاسم الرّسي ، تثبيت الإمامـة ، ص 40 . أحمد بن سليمان ، كتاب حقائق المعرفة في علم الكلام ، ص 441 . وله أصول الأحكام ، 2/1412 (كتاب السير) . أحمـد بن الحسن الرّصّاص ، الخلاصة النافعة ، ص 220 . أحمـد بن يحيى المرتضى ، البحر الزخار ، 6/581 (كتاب السير) . محمـد بن القاسم الحوثي ، الموعظة الحسنة ، ص 35 . الشيخ المفيد ، 1409هـ - 1989م ، الإفصاح ، ص 12 ، بيروت – لبنان ،دار المنتظر . الشيخ محمد رضا المظفر ، عقائد الإمامية ، ص 69 . القاضي النعمان بن محمد ، دعائم الإسلام ، 1/25 . وله كتاب المجالس والمسايرات ، ص 416 . هبة الله الشيرازي ، 1984م ، ، المجالس المؤيديـة – المائة الثالثة – ، ص 77 ، تحقيق : د. مصطفى غالب ، بيروت – لبنان ، دار الأندلس . الداعي علي بن الوليد ، دامغ الباطل وحتف المناضل ، 1/158 وما بعدها .
([46]) أستاذ العقيدة والفلسفة في كلية دار العلوم جامعة القاهرة ، والرئيس السابق للجامعة الإسلامية العالمية بإسلام آباد – باكستان.
([47]) انظر: حسن الشافعي ، المدخل إلى دراسة علم الكلام ، ص 102 – 103. حسن الشافعي، 1418هـ - 1998م، الآمدي وآراؤه الكلامية ، ص 500 ، القاهرة ، دار السلام .
([48]) محمد عبد الله عنان ، 1983م ، الحاكم بأمر الله وأسرار الدعوة الفاطمية ، ص 34.
([49]) صبحي ، محمود صبحي أحمد ، نظرية الإمامة لدى الإثنى عشرية ، ص 405 .
([50]) الداعي أبو يعقوب السجستاني ، كتاب الافتخار ، ص 68 . الداعي حميد الدين الكرماني ، الرسالة الكافية ، ص 181 ، ضمن مجموع رسائل الكرماني .
([51]) حمدي الدين الكرماني ، المصابيح في إثبات الإمامة ، ص 106 . وانظر : الداعي حاتم بن إبراهيم الحامدي ، زهر بذر الحقائق ، ص 166 ، ضمن منتخبات إسماعيلية ، تحقيق : د. عادل العوا . الداعي علي بن الوليد ، دامغ الباطل وحتف المناضل ، 1/152 .
([52]) انظر : مقدمة كتاب إثبات الإمامة ، ص 13 – 14 .
([53]) أحمد النيسابوري ، كتاب إثبات الإمامة ، ص 27 .
([54]) المصدر السابق ، ص 71 .
([55]) يعقوب بن كلِّيس ، الرسالة المذهبة ، ص 142 .
([56]) السجستاني ، أبو يعقوب ، كتاب الافتخار ، ص 71 .
([57])كتاب الافتخار ، ص 70 . وانظر : القاضي النعمان بن محمد ، كتاب المجالس والمسايرات ، ص 118 .
([58]) أخرجه الكليني في أصول الكافي ، باب دعائم الإسلام ، 2/45 . ومسلم في صحيحه ، كتاب الإمارة ، باب " الإمام"، رقم: 1851 ، وجاء بلفظ (من خلع يدا من طاعة لقي الله يوم القيامة لا حجة له ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية) . وأحمد في مسنده ، رقم : 16922 . وأبو بكر الهيثمي في مجمع الزوائد ، 5/218،  وفي رواية : من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية ، وإسنادهما ضعيف . والطراني في المعجم الكبير، 19/388 ، رقم : 910 .  عن معاوية ، وجاء بلفظ : (من مات بغير إمام مات ميتة جاهلية).
([59]) انظر : الداعي حسن بن نوح ، مجموعة التربية ، ص 239 . ضمن كتاب الإمامة وقائم القيامة .
([60]) الداعي أحمد حميد الدين الكرماني ، 1416هـ - 1996م ، المصابيح في إثبات الإمامة ، ص 66. دامغ الباطل وحتف المناضل ، 1/155 .
([61]) انظر : عقائد الإمامية ، ص  66. محمد الحسين المظفر ، الشيعة والإمامة ، ص 18.
([62]) أصول الكافي ، باب "أن الأرض لا تخلو من حجّة" ، 1/201 .
([63]) المظفر محمد رضا ، عقائد الإمامية ، ص 66 .
([64]) الشيخ جعفر سبحاني ، كتاب بحوث في الملل والنحل ، 8/223 . نقلا عن الانترنت : www_imamsadeq_org
([65]) القاضي النعمان بن محمد ، الهمة في آداب اتباع الأئمة ، 45 .
([66]) انظر : مصطفى غالب ، الإمامة وقائم القيامة ، ص 148 .تاريخ الدعوة الإسماعيلية له ، ص 40 – 41 . الحركات الباطنية في الإسلام له ، 98 – 99 . مفاتيح المعرفة له ، ص 214 .
([67]) المجالس المؤيدية ، ص 258 ، تحقيق : محمد عبد الغفّار .
([68]) الداعي أحمد النيسابوري ، كتاب إثبات الإمامة ، ص 28 .
([69]) انظر : زهر بذر الحقائق ، ص 170 – 171 ، تحقيق : عادل العوا ، ضمن منتخبات إسماعيلية .
([70]) الداعي أحمد النيسابوري ،كتاب إثبات الإمامة ، ص 85 .
([71]) الداعي إدريس عماد الدين ، كتاب زهر المعاني ، ص 274 .
([72]) ديوان ابن هانيء ، ص 146 .
([73]) انظر : مقدمة كتاب إثبات الإمامة ، ص 18 .
([74]) انظر : سرائر وأسرار النطقاء ، الداعي جعفر بن منصور اليمن ، ص 27 وما بعدها .
وجدير بالذكر أن الإسماعيلية جعلوا الدور على نوعين : صغير وكبير . فالدور الصغير هو الفترة التي تقع بين كل ناطق وناطق ويقوم فيها سبعة أئمة . وأما الدور الكبير فيبتدئ من عهد بدء الخليقة إلى قيام القائم المنتظر الذي يسمى دوره السابع ، فيكون بنفس الوقت متما لعدد النطقاء الستة . وقد أفاض الباطنيون المعاصرون في تقرير هذه الأدوار فعلى سبيل المثال : د. عارف تامر ، الإمامة في الإسلام ، 139- 156 . مصطفى غالب ، تاريخ الدعوة الإسماعيلية ، ص 65 وما بعدها . الحركات الباطنية في الإسلام له ، ص 101 .
وقد استعملوا كلمة ( القائم ) للدلالة على الإمام المتصرّف بالشريعة . حنا الفاخوري و خليل الجر ، تاريخ الفلسفة العربية ، 1/214 .
([75]) القاضي النعمان ، دعائم الإسلام ، 1/ 2 .
([76]) الكليني ، أصول الكافي ، باب دعائم الإسلام ، 2/42 .
([77]) المصدر السابق ، 2/43 .
([78]) القاضي النعمان ، كتاب المجالس والمسايرات ، ص 411 . وانظر : مسائل مجموعة من الحقائق العالية والدقائق والأسرار السامية ، مؤلفه مجهول ، ص 115 ، ضمن أربعة كتب إسماعيلية ، تصحيح : ر. شتروطمان .
([79]) وجدير بالذكر هنا، أن الإسماعيلية قد طبقوا عليه في (الحسن بن علي) ، فاعتبروه إماما مستودعا قائما بالإمامة نيابة عن الإمام المستقر ( الحسين بن علي ) . فهم والحالة هذه لا يدخلونه في شجرة الإمامة ، ولا في عداد الأئمة المستقرين . انظر : الوزير يعقوب بن كلس ، الرسالة المذهبة ، ص 143 . الداعي علي بن الوليد ، رسالة تحفة المرتاد وغصة الأضداد ، ص 168 ، ضمن أربعة كتب إسماعيليـة ، تصحيح : ر. شتروطمان . د. عارف تامر ، الإمامة في الإسلام ، ص 122 .
ويذكر أستاذي الدكتور محمد الجليند أن الإسماعيليين المتأخرين يرون أن ميمون القداح يمثل الإمام المستـودع ، ومحمد بن إسماعيل الإمام المستقر ، ويعضهم يجعل ميمون حجة فقط لمحمـد ابن إسماعيل بن جعفر ، وليس إماما مستودعا ، لأن من شروط الإمام المستودع أن يكون علويا . انظر : الإمام ابن تيمية وقضية التأويل ، ص 241 .
وكذا يذكر حنا الفاخوري وخليل الجر أن عبيد الله كان إماما مستودعا ، أعاد الإمامة إلى صلب الحسن ولم يتركها لأولاده ، فخلفه محمد القائم بن الحسين بن أحمد وهو أول خليفة فاطميّ من نسل عليّ . تاريخ الفلسفة العربية ، 1/204 .
([80]) لويس ، برنارد ، أصول الإسماعيلية ، ص 94 .

0 komentar:

Post a Comment