Wednesday, February 24, 2010

الإباضية، النشأة والمنهج

الإباضية،النشأة والمنهج
الدكتور/ كمال الدين نور الدين مرجوني
تعريف الإباضية
الإباضية فرقة من فرق الخوارج، ولذلك قبل التعريف بها يجدر بي الحديث عن الخوارج. وبدأت الخوارج في عهد الخليفة الرابع أمير المؤمنين (علي بن أبي طالب )، وذلك في معركة (صفين) التي وقعت بين جيش الإمام علي ومعاوية عندما شعر وأحس بريح الهزيمة تهب على جيشه وخامرته فكرة الفرار من المعركة، أشير فيه بفكرة رفع المصاحف والمناداة بتحكيم القرآن الكريم. فرفع جيش معاوية المصاحف ونادى بالاحتكام إلى القرآن، إلا أن هذا التحكيم فشل لما وقع فيه من تغرير وخداع، ومن عدم صدق النوايا لإقرار الحق، وقام معاوية ببعثة عمرو بن العاص في التحكيم، وأما علي فقد اختار عبد الله بن عباس، إلا أن جماعة خرجت ورفض على أن يكون عبد الله بن عباس مندوبا لهذا التحكيم ، ففرضوا عليه أن يختار أبا موسى الأشعري . وجاءوا إلي علي بن أبي طالب ثائرة ومعتبرين التحكيم وما نتج عنه جريمة كبيرة، وطلبت إلى علي أن يتوب عما ارتكب، لأنه كفر بتحكيمه ، كما كفروا هم بحمله عليه وتابوا.

ولقد أطلقت عليهم عدة أسماء وألقاب، منها أنهم سموا "خوارج"، و"حرورية"، و"شراة"، و"مارقة"، و"محكمة"، والسبب الذي من أجله سموا خوارج هم خروجهم على علي بن أبي طالب، وسموا حرورية لأنهم لم يرجعوا مع علي إلى الكوفة واعتزلوا صفوفه ونزلوا بحروراء في أول أمرهم، وسموا شراة لأنهم قالوا شرينا أنفسنا في طاعة الله أي بعناها بالجنة، وسموا مارقة وذلك للحديث النبوي الذي أنبأ بأنه سيوجد مارقة من الدين كما يرق السهم من الرمية، إلا أنهم لا يرضون بهذا اللقب، وسموا محكمة لإنكارهم الحكمين "عمرو بن العاص وأبو موسى الأشعري، وقالوا: لا حكم إلا الله ( ) . والمعنى الحرفِىّ لهذا المبدأ يشير إلى شيئين أو وجهين: الأول: أنه لا ضرورة لوجود الحكومة مطلقاً. والثاني: أن الضرورى هو تطبيق أحكام الشريعة، فإذا تمكن الناس من تطبيقها بأنفسهم فلا حاجة إلى نصب خليفة ( ) .

ومن الملاحظ، أن الخوارج هم أول من ادعى في الإسلام أن الأمة مصدر السلطة فكان موقفهم هذا خطوة أولى نحو القول بحق الاختيار الحر لريئس الدولة، وهذا هو لب الديمقراطية وإن جعلوا هذه الديمقراطية محدودة، لقد تطرف الخوارج في فكرتهم الديمقراطية هذه، فقالوا بما أن الأمة بأسرها هي مصدر السلطة فإنها ليست بحاجة إلى رئيس، إذ أنه ما على المؤمنين إلا أن يفعلوا وفق الشريعة التي عبرت الله عنها في القرآن وهي الصراطة المستقيم، ولكنهم بالرغم من هذا التطرف شعروا بأن الأمة في حاجة إلى رئيس لا ليشرع لها ويسن لها القوانين، بل ليحافظ على تنفيذ أحكام الشريعة، وفعلا اختار الخوارج عبد الله بن وهب الراسبي رئيسا لهم( ).

ويرى الشيخ أبو زهرة أن هذه الفرقة – أي الخوارج – أشد الفرق الإسلامية دفاعا عن مذهبها، وحماسة لآرائها، وأشد الفرق تدينا في جملتها ، وأشد تهورا واندفاعا، وهم في دفاعهم وتهورهم، مستمسكون بألفاظ قد أخذوا بظواهرها، وظنوا هذه الظواهر دينا مقدسا، لا يحيد عنه مؤمن، وقد استرعت ألبابهم كلمة "لا حكم إلا الله" فاتخذوها دينا ينادون به فكانوا كلما رأوا عليا يتكلم قذفوه بهذه الكلمة ( ) .

فالخوارج هم فئة خرجت على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فكفروا المسلمين بفعل الكبائر، واستحلوا دماءهم وأموالهم. ويظهر أن الخوارج والشيعة فرقتان متقابلتان في آرائهما في أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، فالخوارج تكفره وتتبرأ منه، والشيعة تنصره وتؤيده. ويُعدّ الخوارج أول فرقة سياسية ودينية ظهرت في الإسلام. ومن هنا يرى الخوارج جواز كون الإمام غير قريش، وليس بلازم أن يكون الإمام قرشيا، وهذا مخالف لرأي الشيعة التي تقول بإمامة علي بن طالب وهو قريش، ولا تخرج الإمامة من أولاده، وإن خرجت فبظلم يكون من غيره، أو بتقية من عنده( ).

والخوارج تاريخيا ينقسم إلى فرق كثيرة يحصيها بعضهم بعشرين فرقة ( ) . يجمعهم القول حول معتقدهم في موضوع الخلافة والإمامة بالشروط الآتية :

1) الخلافة حق شائع بين جميع المسلمين الأحرار والأرقاء ، وإذ اختير الخلفية فلا يجوز أن ينزل عنها، وإذا جار أو انحرف استحل الخوارج قتله إذا اقتضت الضرورة ذلك.

2) إن الخلافة لا تتم إلا بالشورى، فيستحقها المسلم الذي يجتمع فيه العلم والزهد ولو كان نبطيا ( ) .

3) تقديم الفاضل على المفضول، وقد يعرفون الفاضل إذا ما ندب نفسه أو دعا أو خرج للجهاد فمن بادر إلى ذلك فهو المقدم فيهم، وهو أحق الناس بالإمامة، ويذهبون إلى أن الافتخار بالأجناس وتفضيل بعضها على بعض كفر، وإنما التفضيل عندهم بالتقوى ( ) .

وقد لاحظ ابن أبي الحديد أن الخوارج بالرغم من استعمالهم لكلمة "خليفة وإمام " إلا أن لقب أمير المؤمنين هو المحبب عندهم، فقد أكثروا من استعماله، ولعل مرجع ذلك عنده أن ذلك كان منهم تيما باسم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه ( ) . ومن جانب آخر فإن الخوارج أعطوا للإمامة أهمية كبيرة وعناية بالغة، حيث رأوا في صلاحها صلاح للأمة، وفي فسادها فساد للأمة، حتى أن البيهسية منهم يرون أنه إذا كفر الإمام كفرت الرعية بأسرها( ). وجميع الخوارج فيما يروي عنهم الأشعري يقولون باستخدام السيف لإزالة أئمة الجور، ومنعهم أن يكونوا أئمة، بأن شيئا قدروا عليه بالسيف أو بغير السيف ( ) . فالثورة على الحاكم الظالم واجبة، ومقاومته ضرورة .

وأما أشهر فرق الخوارج فهي كالتالي :

1) الأزارق : وهم أتباع (نافع بن الأزرق) الذي كان من بني حنيفة وكانوا أقوى الخوارج وأكثرهم عددا. لقد أكفروا عليا، وأسقطوا الرجم عن الزاني ( ) . فقالوا إن الله أنزل في شأن علي في قوله تعالى: وَمِنَ النّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَىَ مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ – البقرة : 204 – . وصوبوا ابن ملجم قاتل علي، وقالوا إن الله أنزل في شأنه : وَمِنَ النّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَآءَ مَرْضَاتِ اللّهِ وَاللّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ – البقرة : 207 –، وكفروا عثمان وطلحة والزبير وعائشة وعبد الله بن عباس ( ) .

ومن أقوالهم إن العاصي كافر بالله تعالى كفر شرك إذا قارف ذنبا واحدا ولم يوفق للتوبة، جبط عمله ومات مستوجبا للخلود في العذاب الأليم ( ) . وزعموا أن أطفال مخالفيهم مشركون، وقطعوا بأنهم مخلدون في النار ( ) . وقالوا بأن التقية غير جائزة في القول والعمل ( ) .

2) النجدات : هم أتباع (نجدة بن عويمر) من (بني حنيفة) . ينقل لنا ابن حزم قولهم : "اتفق جميع أهل السنة وجميع المرجئة وجميع الشيعة وجميع الخوارج على وجوب الإمامة ، وأن الأمة واجب عليها الانقياد لإمام عادل يقيم فيهم أحكام الله ويسوسهم بأحكام الشريعة التي أتى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حاشا النجدات من الخوارج، فإنهم قالوا: لاي يلزم الناس فرض الإمامة إنما عليهم أن يتعاطوا الحق فيما بينهم ( ) . ورأوا أن الذي يحدد الصغيرة والكبيرة هو الإصرار على الفعل أو عدم الإصرار عليه، فإن من نظر نظرة صغيرة أو كذب كذبة صغيرة، ثم أصر عليها فهو مشرك، وإن زنى وسرق وشرب الخمر غير مصر عليه فهو مسلم غير مشرك. وقد ذكر البغدادي أنهم أسقطوا حد الخمر ( ) . وقالوا – خلافا لإخوانهم الأزارقة – بأن التقية جائزة في القول والعمل ( ) .

3) اليزيدية: هم أتباع يزيد بن أنيسة الخارجي، زعم أن الله تعالى سيبعث رسولا من العجم وينزل عليه كتابا قد كتب في السماء وينزل عليه الكتاب جملة واحدة ينسخ به الشريعة الإسلامية، وزعم أن أتباع ذلك النبي المدعى به هم من ورد ذكرهم في القرآن الكريم بـ: "الصابئين"، وليسوا هم الصابئة الموجودة بحران وواسط، وذلك بلا شك رأي فارسي، إذ الفرس هم الذين كانوا يتطلعون إلى نبي قومهم. يروي لنا عبد القاهر البغدادي قائلا بأن: "هؤلاء أتباع يزيد بن أبي أنيسة الخارجي، وكان من البصرة، ثم انتقل إلى جور من أرض فارس، وكان على رأي الإباضية من الخوارج، ثم إن خرج عن قول جميع الأمة، لدعواه أن الله يبعث رسولا من العجم، وينزل عليه كتابا من السماء، وينسخ بشرعه شريعة محمد ، وزعم أن أتباع ذلك النبي المنتظر هم الصائبون المذكورون في القرآن، وكان مع هذه الضلالة يتولى من شهد لمحمد  بالنبوة من أهل الكتاب، وإن لم يدخل في دينه، وليس بجائز أن يعد في فرق الإسلام، من يعد اليهود من المسلمين، وكيف يعد من فرق الإسلام من يقول بنسخ شريعة الإسلام" ( ) . وقالوا إن كل ذنب صغير أو كبير فهو شرك ( ) .

والجدير بالذكر، أن اليزيدية اسم لفرقتين متباينتين، وإحدى هاتين الفرقتين هي فرع لفرقة الإباضية بالفعل، كما ذكر مؤرخو الفرق من أمثال أبي الحسن الأشعري، وعبد القاهر البغدادي ، والشهرستاني. وأما ما ينسبونه إليها من عقائد مخالفة لعقائد الإسلام، فإنما هو عقائد الفرقة الأخرى، التي يطلق عليها أيضا اليزيدية، إذن فلا يجمعهما سوى الإسم: إحداهما اليزيدية (النكارية)، وهي المتفرعة عن الإباضية، والأخرى: اليزيدية (العدوية) عباد الشيطان( ) ، ويمكن أن نميز بينهما جغرافيا، فنسمي أولاهما يزيدية المغرب، ونطلق على الثانية اسم يزيدية المشرق( ) . ومن هنا أخطأ بعض مؤرخي الفرق كالأشعري والبغدادي والشهرستاني وبعض الباحثين لعدم التفرقة بينهما حين عدوا اليزيدية (العدوية) فرقة من فرق الإباضية( ) .

واليزيدية العدوية كانوا -أكثرهم- ينتمون إلى الجنس الكردي، ويتكلمون الكردية، وبعضهم يزيد عليها لغة أخرى كالتركية في آسيا الصغرى، أو العربية في العراق وسوريا ويشتغل معظمهم بالزراعة، ولا يزال بعضهم يعيشون حياة البداوة، ويؤلفون قبائل رجل تدعى "الكوجو"( ).

4) الصفرية : وهي أتباع زياد بن الأصفر . يقول المقريزي :"إنّهم أتباع زياد بن الأصفر ويضيف، ربّما يقال: إنّهم أتباع النعمان بن الصفر، وقيل: بل نسبوا إلى عبدالله بن صفار، ويقال لهم أيضاً: الزيادية ... ويقال لهم أيضاً: النُكّار من أجل أنّهم ينقصون نصف علي وثلث عثمان وسدس عائشة"( ) . يخالفون الأزارقة في عذاب الأطفال، فإنّهم لا يجيزون ذلك ولا يكفّرونهم ولايخلّدونهم في النار. ولم يسقطوا الرجم. وأمّا موقفهم من إطلاق الكافر و المشرك على مرتكبي الكبائر ، فقد قالوا فيه بالتفصيل الآتي : ماكان من الأعمال عليه حدّ واقع فلا يتعدّى بأهله، الاسمُ الذي لزمه به الحدّ كالزنا والسرقة، والقذف، فيسمّى زانياً سارقاً، قاذقاً، لا كافراً مشركاً. وماكان من الكبائر ممّا ليس فيه حدّ لعظم قدره مثل ترك الصلاة والفرار من الزحف، فإنّه يكفّر بذلك. وعلى ما ذكره الشهرستاني فهم لايرون ارتكاب الكبيرة موجباً للشرك والكفر إلاّ فيما إذا لم يرد فيه حدّ كترك الصلاة. لكن الظاهر ممّا نقله البغدادي في الفرق أنّ بين الصفرية قولين آخرين : إنّ صاحب كل ذنب مشرك، كما قالت الأزارقة. إنّ صاحب الذنب لا يحكم عليه بالكفر حتى يرفع إلى الوالي فيحدّه ( ).

5) العجاردة : وهم أتباع (عبد الكريم بن عجرد). يقولون براءة الطفل حتى يدعى إلى الإسلام، وهم يتولون القعدة إذا عرفهم بالديانة ، ويرون الهجرة فضيلة لا فرض ، ويرون أن أموال مخالفيهم فيئا إلا بعد قتل أصحابها، وهو في ذلك يفارقون الأزارقة ، وقالوا بتكفير أصحاب الكبائر ، وإن سورة يوسف ليست من القرآن ، ويزعمون أنها قصة من القصص ، ولا يجوز أن تكون قصة العشق من القرآن ( ) .

6) الميمونية : وهم أتباع (ميمون العجردي) ، وكان على مذهب العجاردة، وأنهم يجيزون نكاح بنات البنات، وبنات أولاد الإخوة والأخوات، وزعموا أن الله تعالى عندما حرم النساء بالنسب إنما حرم الأمهات، والبنات والأخوات والعمات والخالات وبنات الأخ وبنات الأخت ولم يذكر ضمن النساء المحرمات بنات البنات ولا بنات البنين ولا بنات أولاد الإخوة ولا بنات أولا الأخوات، وعلة هذا الافتراء منه أنه تناسى أنه قاس الجدات على الأمهات، فلم يقل لذلك بنكاح أمهات الأمهات وأمهات الآباء والأجداد، فكان إعمال القياس ذاته يوجب تحريم بنات الأولاد قياسا على بنات الصلب، وإذ لم يطرد قياسه فقد نقض اعتلاله، وأنكروا سورة يوسف، وقالوا إنها ليست من القرآن، لأنها في زعمهم قصة غرام فلا يصح أن تضاف إلى الله سبحانه وتعالى، وهذا بلا شك باطل واختلال في النظر.

7) الإباضية : وهم أتباع (عبد الله بن أباض)، وهم أكثر الخوارج اعتدالا وأقربهم إلى الجماعة الإسلامية تفكيرا. ومقرها الرئيسي في سلطنة عمان من شبه الجزيرة العربية، وهم يذهبون إلى أن مرتكب الكبائر كافر نعمة لا كافر شرك – كما ذهب إليه الأزارقة – ، ولا يتصف بالكفر الشركي سوى الكافر ( ) ، وهذا المذهب الذي سنقوم بدراسة نشأته وتطوره وبعض آرائه الاعتقادية في هذا الكتاب.

وبيّن شارح "نهج البلاغة" أدلة الخوارج على وصم مخاليفهم بالشرك والكفر، منها:

- الأول: قوله تعالى:  وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ  -آل عمران: 97-. فجعل تارك الحج كافرا وترك الحج ذنب، فكل مرتكب الكبيرة كافر، ومن المعروف أن المقصود بعبارة "ومن كفر" أي من انكر فريضة الحج ولم يقصد بها أبدا من لم يحج، وعلى هذا الأساس السطحي في تفسير القرآن الكريم انتهوا إلى تكفير كل من وصف بلفظ "الكفر" في الآيات القرآنية ولو كان السياق والمعنى والمقصد البادي من اللفظ ليس هو الكفر بمعناه المعروف وهو الخروج عن الإسلام، وما ذا إلا لسطحية علمهم وبساطة تفكيرهم وضيق أفقهم وضالة معلوماتهم.

- الثاني: قوله تعالى: َيَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكْفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُواْ الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ -آل عمران: 106-. قالوا: والفاسق لا يجوز أن يكون ممن ابيضت وجوهم فوحب أن يكون ممن اسودت وجوهم وجب أن يسمى كافرا.

- الثالث: قوله تعالى: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُّسْفِرَةٌ ضَاحِكَةٌ مُّسْتَبْشِرَةٌ وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ أُوْلَئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ - عبس: 38-42-. والفاسق على وجهه غبرة فوجب أن يكون من الكفرة.

- الرابع: قوله تعالى: وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللّهِ يَجْحَدُونَ - الأنعام: 33-. وبهذا ثبت أن الظلم جحود وكفر، ولا شك أن مرتكب الذنب ظالم.

- الخامس: قوله تعالى: وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ -المائدة: 44-. وكل مرتكب للذنوب فقد حكم لنفسه بغير ما أنزل الله فيكون كافرا ( ) .

من أجل ذلك نجد الإمام عليا حينما ناقشهم لم يجادلهم بالنصوص القرآنية ولا بنصوص الأحاديث النبوية قدر المستطاع لأنهم لا يأخذون إلا بظاهرها، بل كان يناقشهم بفعل الرسول ، لأن العمل لا يقبل تأويلا، ومن ذلك قوله يخاطبهم: "فإن أبيتم إلا أن تزعموا أني أخطأت وضللت، فلم تضلون عامة أمة محمد  وتأخذونهم بخطئ وتكفرونهم بذنبي، سيوفكم على عواتقكم تضعونها مواضع البرء والسقم وتخلطون من أذنب بمن لم يذنب، وقد علمتم أن رسول الله  رجم الزاني المحصن، ثم صلى عليه، ثم ورثه أهله، وقتل القاتل، وورث ميراثه أهله، وقطع يد السارق وجلد الزاني غير المحصن، ثم قسم عليها الفيء فآخذهم رسول الله بذنوبهم وأقام حق الله فيهم ولم يمنعهم سهمهم من الإسلام، ولم يخرج أسماءهم من بين أهله"، ومن ثم فقد كان عدول علي كرم الله وجهه عن الاحتجاج بالنصوص إلى الاحتجاج بالعمل الذي لا يقبل تأويلا مفحما لهم، ولذا فإنهم قد أخرستهم الحجة وأمسكوا عن الإجابة ورجعوا إلى محاسبة نفوسهم على ما ألفته عقولهم السقيمة وزينة لهم تفكيرهم الساذج البسيط ( ) .

وعلى أية حال، فإن فرقة الخوارج نشأت من بين مؤيدي علي بن طالب، وأنهم رأوا أنه الإمام الشرعي لمبايعة أهل الحل والعقد له، وحاربوا معه في موقعة الجمل، وظلوا على تأييدهم له ضد معاوية حتى ظهور التحكيم، حيث ظهرت مواقفهم المتناقضة من قبول التحكيم ثم رفضه والخروج على علي لقبول ، وكان هذا هو أول خلاف بينهم وبين علي من التحكيم، فعلي قبل التحكيم وهم قد رفضوه .

نشأة الإباضية و فرقها
هناك اختلاف في التلفظ بالهمزة عند قراءة "الاباضية"، ففي بعض البلدان مثل "عمان" على حد ما روى السمائلي ( ) . يفتحون همزة (أباض)، أما في شمال أفريقيا فيكسرون همزة (إباض). وهو المشهور في التلفظ به .

ويعد عبد الله بن إباض من بني مرة بن عبيد بن تميم المؤسس الأول لهذا المذهب أي الإباضية( ) ، ويرجع نسبه إلى إباض وهي قرية العارض باليمامة، وعبد الله عاصر معاوية وتوفي في أواخر أيام عبد الملك بن مروان. ويذكر الإباضية أن أبرز شخصياتهم جابر بن زيد (22ـ93ه‍ ( الذي يعد من أوائل المشتغلين بتدوين الحديث آخذاً العلم عن عبد الله بن عباس وعائشة و أنس بن مالك وعبد الله بن عمر وغيرهم من كبار الصحابة. مع أن جابراً قد تبرأ منهم ( ). ولجابر بن زيد تلميذ اسمه أبو عبيدة مسلمة بن أبي كريمة ، وقد أصبح مرجع الإباضية بعده مشتهراً بلقب القفاف، توفي في ولاية أبي جعفر المنصور سنة 158هـ‍ .

وقد برز في المذهب الإباضي محدث اسمه الربيع بن حبيب الفراهيدي الذي عاش في منتصف القرن الثاني للهجرة وينسبون له مسنداً خاصاً به مسند الربيع بن حبيب وهو مطبوع ومتداول. ومن أئمتهم في الشمال الإفريقي أيام الدولة العباسية: الإمام الحارث بن تليد، ثم أبو الخطاب عبد الأعلى بن السمح المعافري، ثم أبو حاتم يعقوب بن حبيب ثم حاتم الملزوزي. ومنهم الأئمة الذين تعاقبوا على الدولة الرستمية في تاهرت بالمغرب: عبد الرحمن، عبد الوهاب، أفلح، أبو بكر، أبو اليقظان، أبو حاتم.

ومن علمائهم : سلمة بن سعد، حيث قام بنشر مذهبهم في أفريقيا في أوائل القرن الثاني. وابن مقطير الجناوني: تلقى علومه في البصرة وعاد إلى موطنه في جبل نفوسه بليبيا ليسهم في نشر المذهب الإباضي . وعبد الجبار بن قيس المرادي : كان قاضياً أيام إمامهم الحارث بن تليد. والسمح أبو طالب من علمائهم في النصف الثاني من القرن الثاني للهجرة، كان وزيراً للإمام عبد الوهاب بن رستم ثم عاملاً له على جبل نفوسه ونواحيه بليبيا. وأبو ذر أبان بن وسيم، من علمائهم في النصف الأول من القرن الثالث للهجرة، وكان عاملاً للإمام أفلح بن عبد الوهاب على حيز طرابلس .

وتجدر الإشارة إليه أن الإباضيين يرفضون كل الرفض وينفون كل النفي نسبتهم إلى الخوارج ويصفون " اطلاق لفظ الخوارج على الإباضية أهل الحق والاستقامة من الدعايات المغرضة التي نشأت عن التعصب السياسي أولا ثم المذهبي ثانيا، لما ظهر غلاة المذاهب وقد خلطوابين الإباضية والأزارقة والصفرية والنجدية، فالإباضية أهل الحق لم يجمعهم جامع بالصفرية والأزارقة ومن نحا نحوهم إلا إنكار التحكيم بين علي ومعاوية، وهو رأى علي قبل الضغط عليه بقبول التحكيم، ولما كان مخالفونا لا يتورعون ولا يكلفون أنفسهم مؤونة البحث عن الحق ليقفوا عنده خلطوا بين الإباضية أهل الحق الذين لا يستبيحون مالا ولا قطرة من دم موحد وبين من استحلوا الدماء بالمعصية الكبيرة حتى قتلوا الأطفال تبعا لآبائهم مع أن الفرق كبير جدا كالفرق بين المسحتل والمحرم فماذا بعد الحق إلا الضلال( ) .

وقد أكد الباحثون المعاصرون على انتساب الإباضية بالخوارج، يقول الشيخ محمد أبو زهرة: "الإباضية أتباع عبد الله بن إباض ، وهم أكثر الخوارج اعتدالا ، وأقربهم إلى الجماعة الإسلامية تفكيرا، فهم أبعدهم عن الشطط والغلو، ولهم فقه جيد ، وفيهم علماء ممتازون" ( ) . وفي مثل هذا التأكيد يقول المؤرخ المعاصر حسن إبراهيم حسن: "الإباضية من الخوارج ، وهم أتباع عبد الله بن إباض التميمي، وهم يختلفون عن بقية الخوارج في أنهم لم يغلوا في الحكم على مخالفيهم، ولعل هذا يرجع إلى طبيعة ظروف نشأتهم، فإن صاحبهم عبد الله بن إباض لم يخرج إلا بعد أن قضى الأمويون على الخوارج أو كادوا، وبعد أن كاد اليأس يدب إلى الأحزاب، وتحول نضالهم حول الحكم إلى آراء ومذاهب تكاد تكون علمية بحتة( ) .

إذن، فإن اعتبار الإباضية فرقة من فرق الخوارج ما تزال محل نقاش وجدل بين الباحثين. وكما يبدو لي أن الإباضية في أول الأمر يمكن اعتبارها فرقة من فرق الخوارج، وخاصة أنها لا يجمعهم بالخوارج سوى إنكار التحكيم. وفيما عدا ذلك فإنها انفصلت من الخوارج لأمور منها:

1) أنهم حرموا قتل الموحدين واستحلال دمائهم، وحرموا استعراض الناس وامتحانهم كما فعل متطرفوا الخوارج مثل الأزارقة والنجدية .

2) أنهم ينظرون إلى الدين نظرة واحدة متكاملة لا فصل فيها بين المظاهر الروحية والمادية، ولا طغيان لإحداهما على الأخرى، وتبعا لذلك فقد أنكروا التصوف ورفضوه.

3) للإباضية فقه قريب من المذاهب الفقهية الأربعة ولهم كتاب مشهور يسمى "شرح النيل"( ).

وأما الآراء العامة لفرق الإباضية واجتمعوا حولها فهي كالتالي:

- الأول : قالوا بجواز الخروج على الإما الظالم، ويبدو هذا القول وسط بين ما ذهب إليه أهل السنة من عدم جواز عصيان الحاكم وبين الفرق الأخرى المتطرفة من الخوارج التي تقول بوجوب الخروج عليه.

- الثاني : قالوا بعموم الأمر الإلهي ، وأن كل شيء أمر الله به عباده فهو عام ليس بخاص، وقد أمر الله الكافر والمؤمن ( ) .

- الثالث : قالوا باستتابة مخالفيهم في تنزيل أو تأويل، فإن تابوا وإلا قتلوا سواء أكان ذلك الخلاف فيما يسع جهله أو فيما لا يسع جهله ( ) .

- الرابع : تشددوا على مرتكبي الكبيرة، فلقد رأوا إن الإصرار على أي ذنب كفر، وقالوا إن من زنى أو سرق ثم أقيم عليه الحد يستتاب فإن تاب وإلا قتل، أي لا يكتفي بإقامة الحد ( ) .

- الخامس: لا يمنع الزواج بين معتنقي الإباضية وبين غيرهم من المسلمين معتنقي المذاهب والفرق أو الطوائف الأخرى، كما لا يمنع التوارث بينعم وبين غيرهم من المسلمين.

- السادس: لا يستحلون من غنائم المسلمين الذين يحاربون إلا الخيل والسلاح وكل ما فيه من قوة في الحروب، ويردون الذهب والفضة على أصحابها عند الغنيمة.

والملاحظ أن مذهب الإباضية في كثير من الفروع متفق مع مذاهب أهل السنة وإن خالفهوم في بعض المسائل مثل قولهم: بالوصية الواجبة، وإجازة الوصية لوارث.

وعلى أية حال، فإن الإباضية أقل قسوة لمخالفيهم من سابقيهم من الخوارج، فهو يقولون لا يتبع المدبر في الحرب إذا كان من أهل القبلة وكان موحدا، ولا يقتل منهم امرأة ولا ذرية، لكنهم أباحوا قتل المشبهة وأتباع مدبرهم وسبى نسائهم وذراريهم، وقالوا : إن هذا كما فعله أبو بكر بأهل الردة ( ) .

انقسم الإباضية إلى عدة فرق أهمها: النكارية، النفاثية، الخلفية، الحسنية، السكاكية، الفرثية، اليزيدية، وهذه الفرق تمثل المذهب الإباضي مراحل تاريحية وعقدية ينطوي عليها المذهب، ويرى الباحث علي يحيى معمر بأنه من العسير أن يحدد الباحث الخلاف الأول عند الإباضية أو المسألة الأولى التي اختلفوا فيها، ولكنه يستطيع أن يجزم أن الخلاف داخل المذهب قد كان يقع منذ تكونه ( ) .


الأول: النكارية

يعد (ابن فندين) رأس الفرقة النكارية ، وقد سمو بالنكار لأنهم أنكروا إمامة الإمام عبد الوهاب بن رستم، وأما الذين أيدوا إمامة عبد الوهاب بن رستم وصوبوا إمامته فسموا (وهابية) وهو جمهور إباضية المغرب ( ) . ومن آراء هذه الفرقة كما أوردها أبو عمرو بن خليفة السوفي المارغني في كتابه "مقالات الفرق" :

1) الحد في الأسماء .

2) إن ولاية الله وعداوته تتقلب بالأحوال .

3) إن أسماء الله مخلوقة .

4) الإمامة غير مفترضة .

5) يجوز الإنتقال من الولاية إلى الوقوف .

6) حجة الله تقوم بالسماع وقد سمع الناس.

7) من لم تبلغه دعوة الإسلام، ودعي إلى دين سماوي آخر لا يجوز له أن يجيب.

8) إن صلاة الجمعة غير جائزة خلف أئمة الجور .

9) عطايا الملوك لا يحل أخذها .

10) إن الله لم يأمر بالنوافل .

11) يلزمنا العمل بالفرائض ، ولا يلزمنا العلم بها ، ولا من معرفتها شيء .

12) إن الحق في قول واحد مع واحد من المختلفين في النوافل التي يسمع فيها الخلاف ، وقد ضاق على الناس خلاف الحق .

13) الحرام المجهول حلال .

14) يدعى المشرك إلى الجملة – جملة التوحيد – وبراءة أحداث أهل الأهواء من أهل القبلة .

15) الوقوف في الأطفال كلهم .

16) يجوز شرب الخمر على التقية .

17) لا تجوز إمامة المسلمين وفي المسلمين أفضل منه .

18) لا تقوم الحجة فيما يسمع حتى يجتمع المسلمون منه .

19) لا كفر إلا فيما تقطع عليه اليد ، وهو ربع دينار ، ومن أخذ دونه ليس عليه شيء .

20) اللطمة ، والنظر بشهوة ، والقبلة ، ودخول الحمام بغير إزر صغائر غير كبائر ( ) .

ويرى المؤرخ الإباضي "أبو الربيع سليمان الباروني" أن في هذه المقالات والآراء ابتداع مذهبي، وإضافات سياسية، وأقوال مخالفة للإسلام، إذن فليس من الضرورة أن تكون فرقة إباضية( ) . ويقصد به أنه لا ينبغي إدخال هذا المذهب إلى الفرقة الإباضية. ذلك لغرابة آراءه ومخالفته لأصالة الفرقة الإباضية .

الثاني: النفاثية

تنسب هذه الفرقة إلى رجل يدعى "فرج نصر النفوسي" المعروف بالنفاث، وكان أصله من إحدى القرى الغربية من جبل نفوسة في ليبيا ( ). والجدير بالذكر أن معظم المصادر الإباضية تعتبر هذه الفرقة مارقة وخارجة عن الإمامة الإباضية، وعلى الرغم من ذلك فإنها محسوبة على التاريخ الإباضي بوجه عام، يقول الدكتور محمود إسماعيل عبد الرازق: وعلى الرغم مما تورده المصادر الإباضية من تفسير لحركة نفاث باعتباره مارقا عن الإمامة لأسباب ودوافع ذاتية، فإن ذلك لا ينفي قط كون نفاث ثائرا صاحب آراء واجتهادات في المذهب الإباضي، وداعية لإنقاذ الإمامة الإباضية مما تردت فيه من امتهان على عهد أئمة بني رستم، فقد آلت الإمامـة إلى أفلح بن عبد الوهاب توا بعد وفاة أبيه مما يؤكد استمرار مبدأ الوراثة واختفاء مبدأ الاختيار في الحكم الرستمي" ( ).

ومن أهم أفكار وآراء الفرقة النفاثية كالتالي :

1) يعتقدون أن الله هو الدهر، فلما سئل عن ذلك وخاصة بأن هذا الكلام على الإطلاق سيئ وموهم قال: هكذا وجدته في (الدفتر) يعني بذلك الكتاب المسمى عندهم بهذا الاسم. ولم ير حرجا المؤرخ الإباضي علي يحي معمر من أن يقول بالحرف: " ... وهذا الكتاب المسمى بالدفتر مجهول ومؤلفه أيضا مجهول" ( ). ومحاولات الربط بين هذا المعتقد الذي ينسب إلى النفاثية ( )، وبين قوله  : (لا تسبوا الدهر، فإن الدهر هو الله) لا يساعد عليها سياق الحدي ، وهو النهي عن سب المخلوقات، لأن لها خالقها وهو الله تعالى، فمن سبها فكأنما سب الله تعالى .

2) إنكار خطبة الجمعة، وقالوا بأنها بدعة .

3) أنكروا على الإمام استعمال العمال والسعاة لجباية الحقوق الشرعية ومطالب بيت مال المسلمين من الرعايا .

4) إن ابن الأخ الشقيق أحق بالميراث من الأخ للأب .

5) إن المضطر بالجوع لا يمضي بيع ماله إذا باعه لأجل ذلك ، وعلى من شهد حضرته تنجيته .

6) إن الفقد لا يتحقق إلا فيمن جاوز البحر .

7) إن الإمام إذا لم يمنع رعيته من جور الجورة ، وظلمهم لا يحل له أن يأخذ الحقوق التي جعل الله عليهم لضعفه في الدفاع عنهم .

الثالث: الخلفية

تنسب هذه الفرقة إلى خلف بن السمح بن أبي الخطاب عبد الأعلى بن السمح المعافر، وكان أبو السمح بن أبي الخطاب عبد الأعلى واليا على جبل (نفوسة) وما يليها إلى ضواحي طرابلس وقابس بليبيا وتونس ( ). وكان تابعا لإمام الدولة الرستمية الإباضية آنذك وهو: عبد الوهاب بن عبد الرحمن بن رستم، ولكنه كان على خلاف مع الإمام، وخاصة أن والد (خلف السمح بن أبي الخطاب الذي قام بالإمامة على جبل نفوسة قام بهذا الأمر من قبل والده (عبد الأعلى المعافر) ، ولما مات (السمح ابن أبي الخطاب) قامت جماعة من الناس وبايعوا (خلفا) بغير إذن الإمام الإباضي ( ).

ولم توجد لهذه الفرقة آراء وأفكار متميزة عن غيرها من الفرق الإباضية الست وذلك لانشغالها بالسياسة والحروب، حيث قامت بين جماعة خلف وبين الإمام عبد الوهاب مناوشات.

الرابع: الحسينية

تنسب هذه الفرقة إلى (أبي زياد أحمد بن حسين الطرابلسي)، ولا يعرف تاريخ ولادته ولا وفاته. وتسمى هذه الفرقة بـ (الحسينية) أو (العمدية)، وتسميتها بـ (العمدية) لامتزاجها بالحسينية. وإن كان بعض المؤرخين يسجلون بينهم فروقا بين الأئمة، إذ يسلك بعضهم مسلك المعتزلة والبعض الآخر يسلك مسلك الإباضية. وإن كانوا جملة (حسينية) و (عمدية) يبتعدون عن جميع الأطراف ( ). وهذه الفرقة الحسينية تتميز عن الفرق الإباضية السابق ذكرها بأنها لم تدخل في معارك سياسية ولا صراعات حربية. وآراء هذه الفرقة تتمثل فيما يلي :

1) لا يشرك من أنكر سوى الله .

2) حكموا بتشريك المتأولين المخطئين من فرق الأمة .

3) الحب والرضا والولاية والعداوة والسخط أفعال الله ، وليست بصفات له .

4) يسع جهل معرفة محمد عليه الصلاة والسلام، وليس على الناس إلا معرفة المعبر عنه.

5) أباحوا الزنا وأخذ الأموال لمن أكره على ذلك يتقي بها ويغرم بعد ذلك .

6) الحرام المجهول معاقب عليه.

7) فرقوا بين الأسماء والأحكام، فسموا اليهود منافقين، وسموا المتأولين مشركين ، وأجازوا السبي، وأحلوا النكاح منهم ، وهم عندهم مشركون فيما زعموا .

8) حجة الله تنال بالفكر في دين الله اضطرارا .

9) لا يجوز أن يبعث الله رسولا إلا بعلامة يعرف بها، ويفرز عن غيره، ولا يكون حجة إلا بها.

10) لم ينه الله المشركين والبالغين عن غير الشرك ، ولم يأمرهم بغير التوحيد ، فإذا وحدوا لزمتهم جميع الفرائض ، ونهوا عن جميع المعاصي .

11) العقلاء يتفاضلون في التكليف والاستطاعة ، ولا يتفاضلون في العقل .

12) خوف الرسل خوف إجلال لا خوف عقاب .

13) تجوز الولاية والبراءة بشريطة .

14) أهل الجنة يخافون ويرجون ، والموتى تأكلهم الأرض ، إلا عجب الذنب ( ).

الخامس: السكاكية

تنسب هذه الفرقة إلى (عبد الله السكاك)، وابتدع هذه الرجل بدعة لا تخرجه من الإباضية فحسب بل تخرجه من الإسلام. يقول أبو العباس الدرجيني: "وكان مشائخ السلف – يقصد سلف الإباضية – تتضارب أقولهم في السكاك وأصحابه وتتفاوت، فقائل بشركهم، وقائل بنفاقهم، وهذا المذهب قد فني أصحابه ( ) .

ومن أهم آراء وأفكار هذه الفرقة هي :

1) أنكروا السنة النبوية، والإجماع، والقياس، وزعموا أن الدين كله مستخرج من القرآن .

2) صلاة الجماعة عندهم بدعة .

3) إن الآذان للصلاة بدعة ، فإذا سمعوه قالوا : نهق الحمار .

4) لا تجوز الصلاة إلا بما عرف تفسيره من القرآن .

5) طعام (الأندر) نجس لما يبول عليه من الدواب حين الدارس والبقول والخضر نجسة إذا وضع في أرضها السماد.

ويعلق أبو يعقوب بن يوسف بن نفاث على هذه العقائد –كما نقله علي يحيى معمر: "أدركت جماعة الشيوخ بقسطيلية يصلون على جميع موتى أهل القبلة كلهم من المخالفين وغيرهم، إلا أصحاب السكاك فإن من مات منهم جعلوا في رجليه مرابط وجروه بها إلى موضع بوارونه فيه( ). ويقول علي يحيى معمر: "وكن الإباضية يعاملون جميع الفرق من أهل القبلة معاملة المسلمين ما عدا السكاكية ، فإن من مات منهم جعلوا في رجليه مرابط ، وجروه بها إلى موضع يوارونه فيه ( ).

السادس: الفرثية

تنسب هذه الفرقة إلى (أبو سليمان بن يعقوب بن أفلح)، ومن مقولات أو أفكار وآراء هذه الفرقة، هي كالتالي :

1) نجاسة الفرث وما طبخ فيه من طعام، ويبدو أن دعوة أبي سليمان ومقولاتها نسبت إلى هذه الجماعة: تحريم أكل الجنين .

2) تحريم دم العروق ولو بعد غسل المذبح، وكذلك دم الجوف .

3) تجاسة عرق الجنب وعرق الحائض .

4) لا تطعى الزكاة إلا للقرابة أي قرابة المزكي .

السابع: اليزيدية :

ظهرت في القرن الثاني الثان الهجري دولة إباضية، تعرف بالدولة الرستمية نسبة إلى مؤسسها عبد الرحمن بن رستم الفارسي الأصل، بويع بالخلافة سنة 160هـ وتوفي سنة 171هـ( ). وبعد وفاة مؤسس الدولة عبد الرحمن بن رستم، فعقدت الإمامة لابنه عبد الوهاب بن رستم توفي سنة 208هـ، وعلى يديه افترقت الإباضية إلى فرقتين إحداهما: النكارية، والأخرى الوهبية، ولقبوا بهذا الإسم لأنهم أنكروا إمامة عبد الوهاب بن عبد الرحمن، وثاروا ضده، ويسمون فيما بعد بـ "اليزيدية"، وهم من اتبع عبد الله بن يزيد الفزاوي، هو من رجال القرن الثالث الهجري.

منهج الإباضية
هناك توافق منهجِيٌّ بين الإباضية والمعتزلة في دراسة العقيدة الإسلامية، فيحتل العقل مكانة كبيرة عند الإباضية. ويحدثنا الثميني الإباضي عن التوافق بين الإباضية والمعتزلة، فيقول: "فإنهم-الأشاعرة والمعتزلة- توغلوا في علم الكلام، وتشبثوا بأذيال الفلاسفة في كثير من الأصول، خصوصا المعتزلة، لكنهم وافقونا في أغلبها، وشاع مذهبهم بين الناس"( ) .

ونذكر على سبيل المثال ما يقوله أحد علماء الإباضية وهو "أبو عبد الله محمد بن سعيد الأزدي القلهاتي" حيث إنه يدعو إلى تقديم العقل على النقل فيقول: "العقل أفضل ما أنعم الله تعالى به على العبد، لأن به عرف الحسن والقبح، وبه وجب الحمد والذم، وبه يلزم التكليف، لأن الله جل جلاله إنما خاطب العقلاء بما يعقلون، ومن لم يكن له عقل سقط عنه التكليف بإجماع الأمة. قال الله عز وجل:  فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَار  - الحشر: 2 -. وقال سبحانه:  إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ  - ق: 37 - أي العقل. والعقل من أفضل النعم، ومن حرم العقل، فقد حرم، والعقل هو العلم، والعلم هو العقل، لأن من علم عقل، ومن عقل علم ... والعقل اسمه مأخوذ من عقال البعير لئلا ينفر، وكذلك العقل يمنع الإنسان ويعقله عن شهواته، كما يمنع العقال البعير عن الشرود. وروي عن النبي  أنه قال: «العقل نور في القلب يميز به بين الحق والبطل»، وعنه  أنه قال: «ما اكتسب الإنسان مثل عقل يهديه إلى هدى أو يرده عن ردى»، وعنه  قال: «لكل شيء دعامة، ودعامة المؤمن عقله، فبقدر عقله تكون عبادته لربه، أم سمعتم قول الله تبارك وتعالى حكاية عن الجاهل يوم القيامة حيث يقول:  لَوْكُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيْرِ  - الملك: 10- "( ) .

وفي موضع آخر يؤكد عبد الكافي بن أبي يعقوب التناوتي مكانة العقل و ضرورة تقديم العقل على النقل وذلك عن طريق التأويل- وهو يخاطب الظاهرية وأهل السنة - فيقول لهم:

"أليس قد قال الله عز وجل: إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِ عِنْدَ اللهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِيْنَ لاَ يَعْقِلُوْنَ - الأنفال: 22 -، وقال: صُمٌّ بُكْمٌ عُمْىٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُوْنَ - البقرة: 171 -( ) . أتحملون هذا كله على الظاهر دون السائغ من الكلام، وعلى المعقول من الخطاب دون المفهوم؟ فإن قالوا: نعم، قلنا: فهم إذن صم لا أسماع ولا عقول لهم يعقلون بها ما يكلفون، وبكم لا ألسنة لهم فينطقون بما يلزمهم، فينبغي على هذا المعنى أن يكون الله عز وجل خاطب من لا يسمع ولا يبصر، وذمه بأنه لا يسمع ولا يبصر ... ولو حملت هذه الآيات التي تلوتموها، والأحاديث التي رويتموها على أظهر ظاهرها، لخرجت إلى أفحش الفحش من الكلام، وأقبح القبيح من المقال" ( ) . وأكد بذلك الثميني إلى أن ما يجوزه العقل، إذا أخبر الشرع بوقوعه، فيجب أن نؤمن به على ظاهره، وندع تأويله، إذ هو في هذه الحالة بدعة، وأما ما أخبر به الشرع، وكان ظاهره مستحيلا في العقل، فيجب أن نصرفه عن ظاهره الممتنع، لأن نعلم قطعا أن الشرع لا يخبر بوقوع مالم يمكن وقوعه، فلو كذبنا العقل في هذا، وعملنا بظاهر النقل المستحيل، لأدى ذلك إلى انهدام النقل أيضا، لأن العقل أصل لثبوت النبوات التي يتفرع عنها صحة النقل، فليزم إذن من تكذيب العقل تكذيب النقل"( ) .

ومما سبق -من المنهج الذي قدمته الفرقة الإباضية- فيتضح لنا أن منهجهم قريب من المعتزلة، فتبنّوا مناهج المعتزلة في قولهم بالتحسين والتقبيح العقلين، ومالوا إلى تأويل كل ما يوهم التشبيه ولو ظاهرا، ونفوا رؤية الله تعالى في الآخرة، هذا مع قولهم القديم بخلود العصاة في النار، وبحرية انتخاب الإمام، ولا ينكر الإباضية اعتناقهم لهذه الآراء واتفاقهم مع المعتزلة بشأنها، وإنما يجادلون في أن المعتزلة هم الذين أخذوها عنهم وليس العكس( ) . ولاحظ أستاذي الدكتور حسن الشافعي بأن وجود الإباضية في أوساط سنية، ومشاركتهم في حياة أهل السنة بعد انقراض المعتزلة في المراحل اللاحقة، وعداءهم للنزعات الشيعة الباطنية، كل أولئك قد ساعد على تقوية الروح المحافظة بينهم، وعلى اقترابهم أكثر فأكثر من أهل السنة، حتى إنهم يتبرأون من "الخوارج" ويتنصلون من متابعة المعتزلة ( ) .


( ) الأشعري ، مقالات الإسلاميين ، 1/206 - 207 .

( ) عمار الطالبى ، آراء الخوارج ، ص 125 .

( ) انظر : د. محمد السيعد جعيصة، 1995م، الخلاف والاختلاف بين المسلمين، 1/35، طبع بمصر.

( ) محمد أبو زهرة ، تاريخ المذاهب الإسلامية ، ص 69 – 70 ، دار الفكر العربي ، القاهرة .

( ) الشهرستاني ، الملل والنحل ، 1/195 .

( ) راجع : د. حسن إبراهيم ، تاريخ الإسلام السياسي ، ص 390 .

( ) النبطي هو الناشئ الأكبر . انظر : مسائل الإمامـة ، ص 68 ، تحقيق : يوسف فان آس ، بيروت ، 1972م . المسعودي ، مروج الذهب ، 2/406 . د. حسن إبراهيم ، تاريخ الإسلام السياسي ، ص 390 .

( ) المسعودي ، روج الذهب ، 2/406 . د. حسن إبراهيم ، تاريخ الإسلام السياسي ، ص 390 .

( ) انظر : ابن أبي الحديد ، شرح نهج البلاغة ، 1/402 ، طبع ، الحلبي ، القاهرة .

( ) الشهرستاني ، الملل والنحل ، 1/171 .

( ) الأشعري ، مقالات الإسلاميين ، 1/204 .

( ) البغدادي ، الفرق بين الفرق ، البغدادي ، ص 83 . الخياط ، الانتصار ، ص 140 .

( ) الشهرستاني ، الملل والنحل ، 1/163 .

( ) الجويني ، الإرشاد ، ص 385 - 386 .

( ) البغدادي ، الفرق بين الفرق ، ص 83 .

( ) الشهرستاني ، الملل والنحل ، 1/164 .

( ) ابن حزم ، الفصل في الملل والأهواء والملل ، 4/87 .

( ) البغدادي ، الفرق بين الفرق ، ص 19 .

( ) الشهرستاني ، الملل والنحل ،1/167 .

( ) البغدادي، الفرق بين الفرق، ص 244.

( ) الشهرستاني ، الملل والنحل ، 1/183 .

( ) يقول الباحث أحمد تيمور وهو ينفي صلة اليزيدية بالإسلام: "يدينون بعبادة الشيطان، ويقولون بالتناسخ. أحمد تيمور، 1347هـ، اليزيدية ومنشأ نحلتهم، ص 4، القاهرة، المطبعة السلفية. وأكد هذا الرأي أيضا الباحثون من أمثال الأساتذة: د.قسطنطين رزيق في مقدمة تحقيقه لكتاب "اليزيدية قديما وحديثا". و د. سامي سعيد الأحمد في كتابه "اليزيدية أحوالهم ومعتقداتهم"، 2/36 وما بعدها.

( ) عبد الفتاح أحمد فؤاد، الفرق الإسلامية وأصولها الإيمانية، 2/63.

( ) وقع في الخطأ صاحب كتاب "الخلاف في الاختلاف بين المسلمين" وهو للدكتور محمد السعيد جعيصة، حيث قال: "هذا وقد افترقت الإباضية إلى عدة فرق منها: "اليزيدية، وسبق لنا الحديث عنها بمناسبة الكلام عن غلاة الخوارج" فهذا الحكم بالتعميم. انظر: ص 53.

( ) لمزيد من التفصيل راجع: عبد الفتاح فؤاد، الفرق الإسلامية وأصولها الإيمانية، 2/69.

( ) المقريزي، الخطط، 2/354 .

( ) راجع: الشهرستاني، الملل و النحل، 1/137. البغدادي، الفَرق بين الفِرق، ص 90 . الأشعري، مقالات الإسلاميين، ص 101.

( ) الأشعري ، مقالات الإسلاميين ،1/177 .

( ) انظر : الجويني ، الإرشاد ، ص 385 .

( ) انظر : شرح نهج البلاغة، 1/401.

( ) د. محمد السيعد جعيصة، 1995م، الخلاف والاختلاف بين المسلمين، 1/44، طبع بمصر.

( ) سالم بن حمود السمائلي ، الحقيقة والمجاز في تاريخ الإباضية في اليمن والحجاز ، ص 35 ، وزارة التراث القومي ، سلطنة عمان ، طبع سجل العرب بالقاهرة ، 1400هـ /1980م .

( ) وقد أخطأ المقريزي في أن الإباضية تنسب إلى شخص يدعى (الحرث بن عمر) . انظر : المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار ، 2/355 ، مطبعة دار صابر ، بيروت .

( ) راجع : ابن حجر العسقلاني ، تهذيب التهذيب 2/38 .

( ) صالح باجية ، الإباضية بالجريد من مقدمة محمد حمد الحارثي الإباضي ، ص 2 ، دار بوسلامة تونس ، ط1/1396هـ .

( ) محمد أبو زهرة ، تاريخ المذاهب الإسلامية ، 1/85 .

( ) د. حسن إبراهيم حسن ، تاريخ الإسلام السياسي ، 1/393 .

( ) انظر : د. عوض محمد خليفات ، الأصول التاريخية للفرق الإباضية ، ص 10 ، الجامعة الأردنية ، دار الجويني للنشر.

( ) الأشعري ، مقالات الإسلاميين ، 1/186 .

( ) المصدر السابق ، 1/186 .

( ) البغدادي ، الفرق بين الفرق ، ص 107 .

( ) المصدر السابق ، ص 107 .

( ) علي يجي معمر ، الإباضية بين الفرق الإسلامية ، ص 253 .

( ) انظر : سليمان الباروني ، مختصر تاريخ الإباضية ، ص 35 .

( ) انظر : علي يحيى معمر ، الإباضية بين الفرق الإسلامية ، ص 363 . أبو عمر عثمان بن خليفة المارغني ، رسالة فرق الإباضية الست وما زاغت به عن الحق ، مخطوط تحت رقم : 69/2 ، ص 1 – 3 ، مكتبة بني يزجن ، الجزائر .

( ) انظر : أبو الربيع سليمان الباروني ، مختصر تاريخ الإباضية ، ص 37 .

( ) أبو الربيع سليمان الباروني ، مختصر تاريخ الإباضية ، ص 37 .

( ) د. محمود إسماعيل عبد الرازق ، الإباضية في بلاد المغرب ، ص 167 ، مطبعة النجاح الجديدة ، الدار البيضاء، المغرب .

( ) علي يحيى معمر ، الإباضية بين الفرق الإسلامية ، ص 267 .

( ) الدرجيني ، طبقات المشائخ بالمغرب ، 1/78 .

( ) علي يحيى معمر ، الإباضية بين الفرق الإسلاميـة ، ص 271 . مختصر تاريخ الإباضية ، أبو الربيع سليمان الباروني ، ص 35 .

( ) الدرجيني ، طبقات المشائخ بالمغرب ، 1/68 وما بعدها .

( ) فرق الإباضية الست وما زاغت به عن الحق ، ص 6.

( ) فرق الإباضية الست وما زاغت به عن الحق ، ص 274.

( ) الدرجيني ، طبقات المشائخ بالمغرب ، 1/18.

( ) علي يحيى معمر ، الإباضية بين الفرق الإسلامية ، ص 275 .

( ) المصدر السابق ، ص 267 .

( ) الباروني، أبو الربيع سليمان، 1938م، مختصر تاريخ الإباضية، ص 36-37، تونس، مكتبة الاستقامة.

( ) عبد العزيز الثميني، 1986م معالم الدين، 1/22-23، عمان، وزارة التراث القومي والثقافة بعمان.

( ) القلهاتي، الكشف والبيان، 1/39.

( ) وفي نفس السورة والآية: 18، ورد ذكرها بلفظ: صُمّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ.

( ) أبو عمار التناوتي، الموجز في علم الكلام، ضمن كتاب آراء الخوارج الكلامية، للدكتور عمار الطالبي، 1/361-364.

( ) عبد العزيز الثميني، 2/193.

( ) على معمر الطالبي، الإباضية في التاريخ، ص 169، القاهرة – مصر، مكتبة وهبة،

( ) د. حسن الشافعي، المدخل إلى دراسة علم الكلام، ص 109.








Tuesday, February 23, 2010

موقع الزيدية من الفرق الإسلامية

موقع الزيدية من الفرق الإسلامية
الدكتور/ كمال الدين نور الدين مرجوني
اقتربت الزيدية من أهل السنة ، لذهاب بعض فرقها –كالصالحية والبترية– إلى أن الإمامة تنعقد بالعقد والاختيار ، وقالوا بصحة إمامة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ، لأن عليا سلم ذلك لهما ، وسكت عن حقه بمنزلة رجل كان له حق فتركه ( ) . ولذلك نجد الزيدية أقرب فرق الشيعة وأعدلها إلى أهل السنة والجماعة ، لا سيما في بداية ظهورها ، وعصر نشأتها ، فإنها على ما كان عليه السلف الصالح من العمل بأحكام كتاب الله وسنة رسوله  ، وفي ذلك يرى الدكتور إبراهيم مدكور في حديثه عن موقف الزيدية من الألوهيـة بأنههم في الحقيقة كانوا في البداية أقرب إلى السلف ، غير أن فكرة الألوهية عند زيدية اليمن المتأخرين معتزلة خالصة ( ) .
ومن هنا ، فيمكن القول بأن الزيدية الأوائل أقرب إلى أهل السنة ، وأما في تطوراتها الفكرية فقد تحول إلى المعتزلة ، وبهذا خالف الزيدية أهل السنة في أمرين :
أحـدهما : نزعتها الاعتزاليـة تبعا لزيد بن علي  ، الذي كان قد أخـذ عن واصل بن عطاء ( ) . ولعل لهـذه النزعة الاعتزاليـة جعلت أتباع الإمام زيد إلى عصـر الإمام صالح المقبلي (تـ1108هـ) يتمسكون بمبادئ المعتزلة ، فيرى أن الزيدية باليمن هم معتزلة في كل الموارد إلا في شيء من مسائل الإمامة ، وهي مسألة فقهية ، وإنما عدها المتكلمون من فنهم لشدة الخصام ، كوضع بعض الأشاعرة المسح على الخفين في مسائل الكلام ( ) . وأشار في موضع آخر إلى أن الزيدية يوافقون المعتزلة في العقائد ، وأما في الفروع فأئمتهم يختلفون ، منهم من يغلب عليه مذهب الحنفية ، ومنهم من يغلب عليه مذهب الشافعي موافقة لا تقليدا ، ومنهم من لم يكن كذلك ، بل شأنهم شأن سائر المجتهدين ( ) .
وثمة مظهر آخر أورده نشوان الحميري (تـ573هـ) أن كثيرا من معتزلة بغداد كمحمد بن عبد الله الإسكافي وغيره ، ينسبون إليه في كتبهم ، ويقولون : نحن زيدية ( ) .
ومما سبق من أقوال ونصوص ، إن دل على شيء فإنما يدل على وجود العلاقة الوطيدة التي تربط بين الزيدية والمعتزلة ، فعلى المستوى الشخصي نجد زيد بن عليّ وواصل بن عطاء على علاقة بينهما ، وقد فسر تلك العلاقة الأستاذ سليمان الشواشي في بحثه عن (واصل بن عطاء وآراؤه الكلامية) فيرى أن واصلا يميل إلى التشيع ، ولكن تشيعه ليس من جنس تشيع السبئية أو الكيسانية أو غيرهما من الفرق الشيعية ، وإنما هو مجرد عطف وولاء للبيت العلوي ، وهذا التعاطف نحو آل البيت لم يكن مقصورا على واصل وصحبه ، بل كان سائدا حتى أوساط أهل السنة كالحسن البصري ، وأبو حنيفة ، ومالك بن أنس وغيرهم ، فهؤلاء عرفوا بولائهم للبيت العلوي ومناهضتهم للسلطة الأموية ، ومن هنا ، فمن المرجح أن تشيع واصل وعداءه للسطلة الأموية ، قد وطدا العلاقة بينه وبين أئمة أهل البيت عدا جعفر الصادق الذي أظهر عدم الود له ( ) .
والثاني : الإمامة التي هي مدار اهتمام فرق الشيعة كلها ، ومحور عقائدهم السياسية ، وذلك أن أول بذرة وضعت في بناء الشيعة ، نظرية القول بأفضلية علي بن أبي طالب ، والتمسك بولاية آل بيت الرسول الكريم ، والانحياز إليهم في كل نازلة تنـزل ، وفي كل خطب يلم ( ). غير أن الزيدية كأحد فرق الشيعة بعد كل ما مرّ عليها من الافتراق ، والانقسام ، والحروب ، والثورات ، فلا تزال متبعا نظرية الإمامة ، ولكن تميزت عن غيرها من الشيعة ، فتوحدت أخيرا بالزيدية الحديثة في قولهم بإمامة المفضول مع قيام الأفضل ، واشتراط الاجتهاد في الأئمة ، وهم لا يتبرأون من أبي بكر وعمر ، وإنما يصححون إمامتهما ، ويرفضون القول بالنص ، كما أنكروا عقيدة العصمة ، والقول بالرجعة ، والتقية ، وغيبة الإمام ( ) .
وقد أشار الإمام يحيى بن حمزة (تـ749هـ) إلى أصول المذهب الزيدي ، وأوضح بأن هذه الأصول هي التي جعلت الزيدية تتميز عن غيرها من الفرق والمذاهب الكلامية ، فقال إنه : " من كان عقيدته في الديانة ، والمسائل الإلهية ، والقول بالحكمة ، والاعتراف بالوعد والوعيد ، وحصر الإمامة في الفرق الفاطمية ، والنص في الإمامة على الثلاثة ، الذين هم عليّ وولداه ، وأن طريق الإمامة الدعوة فيمن عداهم ، فمن كان مقرّا بهذه الأصول فهو زيدي ( ) . ثم أوضح الفروق المميزة للمذهب الزيدية عن غيرها من الفرق والمذاهب الإسلامية بأنه : " إذا قال الزيدية بإثبات الصانع فخرجوا بذلك من المعطلة ، والدهرية . وإذا قالوا باختيـار الصانع الحكيم فخرجوا بذلك من الفلاسفة ، وأهل التنجيم وأصحاب الأحكام ، والقائلين بقدم إلهين ، وعبدة الأوثان والأصنام . لأن أقوالهم مسترقة من الفلاسفة ، فإنهم منبع كل ضلال ومنشأ كل جهالة . وإذا قالوا بإسناد الصفات إلى الذت ، فخرجوا بذلك عن المذهب المجبرة ومنها المذهب الأشعري والنجارية ، لقولهم بالمعاني القديمة . وذا قالوا بالحكمة فخرجوا بذلك عن الأشعرية في إسناد القبائح إلى الله  عنها وهكذا القول بحدوث القرآن والإرادة . وإذا قالوا بالوعيد والخلود فخرجوا بذلك عن طبقات المرجئة . وإذا قالوا بالنص الخفي على الأئمة الثلاثة ( عليّ بن أبي طالب ، والحسن ، والحسين ) والدعوة والخروج في أولادهما وهو طريق الإمامة ، فخرجوا بذلك عن رأي المعتزلة " ( ) .
__________________________


Friday, February 19, 2010

العقيدة الإسلامية في ضوء الدراسات الكلامية

"الإباضية،المعتزلة،الأشعرية،الماتريدية،الظاهرية"
دراسة مقارنة
الدكتور/ كمال الدين نور الدين مرجوني
     محاضر مشارك بجامعة العلوم الإسلامية الماليزية   
:المقدمة
إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله . قال تعالى: يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ اتّقُواْ اللّهَ حَقّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنّ إِلاّ وَأَنْتُمْ مّسْلِمُونَ - آل عمران: 102- . وقال تعالى:  يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ اتّقُواْ اللّهَ وَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً  - الأحزاب: 70-71 -.
أما بعد
فقد أخبرنا الله تعالى عن الأمم السابقة أنهم اختلفوا اختلافا شديدا وافترقوا افتراقا بعيدا، وفي ذلك أعظم واعظ وأكبر زاجر عن الاختلافات والتفرق، ولم يقتصر سبحانه في تذكيرنا بذلك، بل زجرنا عن الاختلاف زجرا شديدا ، وتوعد على ذلك وعيدا أكيدا فقال تعالى :وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِيْنَ تَفَرّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَآءَهُمُ الْبَيّنَاتُ وَأُوْلََئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ، يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِيْنَ اسْوَدّتْ وُجُوهُهُمْ أَكْفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُواْ الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ - آل عمران: 105- 106 -. قال ابن عباس رضي الله عنهما: تبيض وجوه أهل السنة والائتلاف، وتسودّ وجوه أهل البدع والاختلا ، ثم فصل تعالى مآل الفريقين، وأين توصل أهلها كل من الطريقين فقال تعالى:  فَأَمَّا الَّذِيْنَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيْمَانِكُمْ فَذُوْقُواْ الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ وَأَمَّا الَّذِيْنَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ - آل عمران: 106-107 -.
وقد حذرنا عن ذلك نبينا محمد  الذي هو أولى بنا من أنفسنا فقال : (ألا وإن من كان قبلكم من أهل الكتاب افترقوا على اثنين وسبعين ملة، وإن هذه الملة ستفترق على ثلاث وسبعين ، اثنتان وسبعون في النار وواحدة في الجنة وهم الجماعة، وفي بعض الروايات : (هم من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي) ( ) .
وصدق الله تعالى وصدق رسوله الكريم، حيث حصل وتحقق هذا الافتراق والانقسام، بل تفاقم الأمر وعظم الشقاق فاشتد الاختلاف ونجمت البدع والنفاق. وهذا شأن سائر الفرق في الانقسام والتفرق والاختلاف في الأفكار والآراء والمعتقدات. وقد ظهرت بعد وفاته  فرق عديدة منها المعتزلة ويسمّون القدرية لإنكارهم القدر، ‏‏والجهمية ويسمّون الجبرية أتباع جهم بن صفوان يقولون إن العبد مجبور في أفعاله لا اختيار له، وإنما ‏هو ‏كالريشة المعلقة في الهواء يأخذها الهواء يمنة ويسرة، والخوارج الذين خرجوا على سيدنا علي ‏رضي الله ‏عنه ويكفرون مرتكب الكبيرة، والمرجئة الذين يقولون: لا يضر مع الإيمان ذنب ‏بمعنى لا يعاقب ‏عصاة المؤمنين في الآخرة، والكرّامية الذين يقولون إن الله تقوم به الحوادث في ذاته ‏وأقواله ويقولون بأن ‏الله ليس له نهاية من الجهات الخمس وله نهاية من الأسفل، والمشبهة والمجسمة الذين يتقوّلون في الله ما لا يجوّزه الشرع ولا العقل ‏من إثبات الحركة له والنقلة ‏والحد والجهة والقعود والإقعاد.
هكذا افترقوا في أسماء الله تعالى وصفاته إلى نفاة معطلة و مجسمة ممثلة. وفي باب الإيمان والوعد والوعيد إلى مرجئة ووعيدية من خوارج ومعتزلة. وفي باب أفعال الله وأقداره إلى جبرية غلاة وقدرية نفاة، وكل طائفة من هذه الطوائف قد تحزبت فرقا وتشعبت طرقا، وكل فرقة تكفر صاحبتها وتزعم أنها هي الفرقة الناجية المنصورة .
وما دام البحث في الأمور الإلهية يكثر فيها الجدل والنقاش ولا ينتهي أبدا، ولا تحسم الموضوعات، بل يستمر النزاع والجدل فيها مدى الحياة الإنسانية، إذ اعتمد النزاع على العقل وحده، لأن العقول الإنسانية مختلفة الإدراك، وقاصرة عن استيعاب ما وراء الطبيعة بالكامل، والبحث فيما وراء الطبيعة عن طريق العقل كان عاملا قويا في تفريق المسلمين. والعقل رغم كل مكانته وإمكاناته في حياة البشر يظل محدودا، فأخطأ من ظن أن العقل قد أحاط بكل شيء في العالم المشهود، وأبعد من ذلك في الخطأ الاعتقاد بأنه قادر على اقتحام عالم الغيب، فالعقل وإن أدرك شيئا من المادة، فلن يدرك إلا بعض الظواهر، أما أعماقها وأغوارها فلا يصل إلى شيء منها، ومن ثم فحقائق الغيب لا سبيل إلى معرفتها معرفة عقلية، وإنما طريق معرفتها الوحي. وقد نبه إليه الإمام القرطبي أن للعقل التعرف على الأمور فحسب، لأن الشرع إذا جاء أن يحكم بما شاء، وإن العقل لا يحكم بوجوب ولا غيره، وإنما حظه تعرف الأمور على ما هي عليه ( ) .
وفي موضع آخر أوضح ابن خلدون قصور العقل في الأمور الإلهية، فقال: "العقل ميزان صحيح، فأحكامه يقينية لا كذب فيها، غير أنك لا تطمع أن تزن به أمور التوحيد والآخرة، وحقائق النبوة، وحقائق الصفات الإلهية، وكل ما وراء طوره، فإن ذلك طمع في محال" ( ) .
وقد اهتم كثيرٌ من المسلمين بدراسة علم العقيدة أو علم الكلام المتمثل في الفرق العقائدية، ومن منطلق توضيح مسائل الاعتقاد وبيان الخلاف الحاصل بين الفرق والمذاهب العقائدية الإسلامية فيها، أحببت جمع شتات تلك المسائل وترتيبها، ليسهل على الراغب في دراستها الاطلاع عليها بأقصر طريق وأقل مؤنة. واكتفينا في هذا الكتاب بدراسة أهم الفرق والمذاهب العقائدية أو الفرق الكلامية وهي: "الإباضية" من فرق الخوارج، والمعتزلة، والأشاعرة، والماتريدية، والظاهرية .
ويحب أن أنبّه إلى أنني لم أتطرّق في هذا الكتاب إلى عرض بعض الموضوعات الكلامية كالنبوة والإمامة، وذلك لضيق الوقت، وعدم الفرص المتاحة لي حاليا، ولكنني عزمت نفسي بأن أكمل هذاالبحث المتواضع في المستقبل-إن شاء الله- في كتاب مستقل، وذلك بدراسة آراء أهل السنة والشيعةفي مسألة  النبوة والإمامة،وعنوانه "النبوة والإمامة بين السنة والشيعة"دراسة مقارنة 
ومن المعلوم أن من أقدم على عمل قبل سبره وغوره، فإنه يجد من الصعوبات ما قد يعوق سيره، ويكدر أفكاره، وأنا واحد ممن ينطبق عليه هذا لأمور منها: إني أقدمت على كتابة موضوع كبير وشامل لآراء المذاهب الكلامية من نواحي عدة: دراسة الآراء والأفكار فيه مع مراعاة الاختلاف داخل المذهب الواحد. وطول الموضوع لكثرة التفريعات الكلامية فيه مع الجدال والمناقشات والردود المملة.
وهذا الكتاب يتحدث عن العقيدة الإسلامية في ضوء الدراسات الكلامية، وهو عبارة عن موقف علماء الكلام من القضايا الكلامية منها: التوحيد، وأسماء الله وصفاته، والإيمان، ومرتكب الكبيرة، والشفاعة، ورؤية الله سبحانه وتعالى ... إلخ.
وطريقي في دراسة القضايا الكلامية قائم على أساس ردّ كل مشكلة من تلك التي عرضنا لها إلى أصلها الكتاب والسنة، ثم نمضى معها في أدوارها ومراحلها المختلفة، مع المقارنة بين آراء الفرق المختلفة فيها، ومع مراعاة التطور التاريخي لها داخل الفرقة الواحدة أو المذهب الواحد. وقد حرصت الرجوع إلى المصادر الأصلية لكل رأي أو ومذهب، فلم أعتمد في التعرف على رأي إمام أو مذهب ما تناقلته بعض الكتب عنه أو نسبوه إليه في غير كتب مذهبه، إلا إذا عزّ الطلب. وقمت بترجمة بعض الأعلام الواردة في الكتاب.
فالله أسأل التوفيق والسداد بما بذلت من جهد في هذا الكتاب، وأن يجعل عملي هذا خالصا لوجهه الكريم، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه، والحمد لله رب العالمين.
فهرس محتويات الكتاب
المقدمة: أ - د
الفصل الأول: قضية التوحيد
تمهيد: .......................................................... 2 – 7
- المبحث الأول : مفهوم التوحيد عند الإباضية ، معرفة الله سبحانه وتعالى ، الأسماء والصفات عند الإباضية واختلافهم فيها .............................................. 8 - 16.
- المبحث الثاني : مفهوم التوحيد عند المعتزلة ، معرفة الله سبحانه وتعالى ، الأسماء والصفات عند المعتزلة واختلافهم فيها ............................................... 17 - 24.
- المبحث الثالث : مفهوم التوحيد عند الأشاعرة ، معرفة الله سبحانه وتعالى ، الأسماء والصفات عند الأشاعرة واختلافهم فيها .................................. 25 - 32.
- المبحث الرابع : مفهوم التوحيد عند الماتريدية ، معرفة الله سبحانه وتعالى ، الأسماء والصفات عند الماتريدية واختلافهم فيها ............................................. 33 - 35.
- المبحث الخامس : مفهوم التوحيد عند الظاهرية ، معرفة الله سبحانه وتعالى ، الأسماء والصفات عند الظاهرية واختلافهم فيها .................................... 36 - 40.
الخلاصةوالتعليق ........................................................ 41 - 45.
الفصل الثاني: قضية خلق القرآن
تمهيد: ........................................................................... 47 – 51.
- المبحث الأول : الإباضية وخلق القرآن واختلافهم فيه – بين إباضية المشرق وإباضية المغرب – ..................................................................... 52 - 54 .
- المبحث الثاني : المعتزلة وخلق القرآن ....................................... 55 - 61.
- المبحث الثالث : موقف الأشاعرة من قضية خلق القرآن والرد على المعتزلة .... 62 – 67.
- المبحث الرابع : موقف الماتريدية من قضية خلق القرآن ...................... 68 - 69.
- المبحث الخامس : موقف الظاهرية من قضية خلق القرآن ................... 70 - 73 .
- الخلاصة والتعليق : ..................................................... 74 - 78 .
 الفصل الثالث: قضية أفعال العباد
تمهيد: ...........................................................................80 – 81.
- المبحث الأول : أفعال العباد عند الإباضية .................................. 82- 83 .
- المبحث الثاني : أفعال العباد عند المعتزلة وعلاقتها بالجانب الأخلاقي ومدى مسؤلية الإنسان عن هذه الأفعال ......................................................... 84 - 91.
- المبحث الثالث : أفعال العباد عند الأشاعرة ونظرية الكسب ................ 92 - 97 .
- المبحث الرابع : أفعال العباد عند الماتريدية وعلاقتها باستطاعة الأحوال والأسباب، واستطاعة الأفعال ...................................................... 98 - 103.
- المبحث الخامس : أفعال العباد عند الظاهرية ............................ 104 - 107.
الفصل الرابع: قضية الإيمان والإسلام
تمهيد: .................................................................. 109 – 113.
- المبحث الأول : معنى الإيمان والإسلام عند الإباضية واختلافهم في زيادة الإيمان ونقصانه، وتقسيم الذنوب ، وموقفهم من الصغائر والكبائر ........................ 114 - 122.
- المبحث الثاني : معنى الإيمان والإسلام عند المعتزلة ، واختلافهم في زيادة الإيمان ونقصانه، وموقفهم من مرتكب الكبيرة ......................................... 123 - 130.
- المبحث الثالث : حقيقة الإيمان والإسلام عند الأشاعرة ، وموقفهم من مرتكب الكبيرة ، واختلافهم في زيادة الإيمان ونقصانه .................................... 131 - 137.
- المبحث الرابع : حقيقة الإيمان والإسلام وعلاقتهما عند الماتريدية ، وموقفهم من مرتكب الكبيرة ، ومناقشة الماتريدية للكرامية الذين يقولون بأن الإيمان هو الإقرار باللسان وليس في القلب شيء ، ونقد الماتريدية للمعتزلة في هذه المسألة ، ومراتب الناس في التصديق بالله تعالى ..................................................................... 138 - 147.
- المبحث الخامس : حقيقة الإيمان والإسلام وعلاقتهما عند الظاهرية ، ورأيهم في مصيرة مرتكب الكبييرة ...................................................... 148 - 153.
 الخلاصة والتعليق ..................................................... 154 - 160.
الفصل الخامس: قضية السمعيات
تمهيد: ....................................................................... 162 – 165.
- المبحث الأول : موقف الإباضية من البعث والميزان والصراط والشفاعة ورؤية الله عز وجل ...................................................................... 166 - 170.
- المبحث الثاني : موقف المعتزلة من البعث والميزان والصراط والشفاعة ورؤية الله عز وجل ...................................................................... 171 - 186.
- المبحث الثالث : موقف الأشاعرة من البعث والميزان والصراط والشفاعة ورؤية الله عز وجل ...................................................................... 187 - 197.
- المبحث الرايع : موقف الماتريدية من البعث والميزان والصراط والشفاعة ورؤية الله عز وجل ...................................................................... 198 - 202.
- المبحث الخامس : موقف الظاهرية من البعث والميزان والصراط والشفاعة ورؤية الله عز وجل ................................................................ 202 - 208.
- الخلاصة والتعليق : ................................................... 209 - 212.
الفصل السادس: المسائل المتفقة والمختلفة بين التيارات الكلامية
- المبحث الأول : المسائل المختلفة بين الأشاعرة والماتريدية ................. 213 - 219.
- المبحث الثاني : الخلاف بين الماتريدية والمعتزلة ........................... 220 - 221.
- المبحث الثالث : الإتفاق بين الماتريدية والمعتزلة .......................... 222 - 222.
الخاتمة : ..................................................................... 224 – 227.
المصادر والمراجع : ............................................................ 229 - 242.
فهرس الكتاب : ............................................................. 243 - 247.