Saturday, January 9, 2010

لمحة عن الشيعة الإمامية الإثنى عشرية

لمحة عن الشيعة الإمامية الإثنى عشرية
الدكتور/ كمال الدين نور الدين مرجوني
تعريف الإمامية الإثنى عشرية
عرف الشيخ الإمامي المعاصر (محمد الحسين المظفر) الإمامية بأنهم: " الذين قالوا بإمامة الإثنى عشر من أبي الحسن إلى ابن الحسن " ( ) . وهذا النص يوضح لنا أن الإمامية تتميز لقولها بإمامة الأئمة الاثنى عشر . وفي هذا يقول الشيخ محد جواد مغنية: "الإثنى عشرية نعت يطلق على الشيعة الإمامية القائلة باثنى عشر إماما تعينهم بأسمائهم" ( ) . ويعرفهم الشهرستاني الأشعري قائلا: "الإمامية هم القائلون بإمامة عليّ – رضي الله عنه – بعد النبي  نصا ظاهرا وتعيينا صادقا، من غير تعريض بالوصف، بل إشارة إليه بالعين " ( ) .
ويؤكد ذلك الشيخ أبو زهرة في قوله: " إن الجامع لهؤلاء هو ما تدل عليه التسمية بعبارة (الإمامية)، فإنهم يقولون إن الأئمة لم يعرفوا بالوصف. كما قال الإمام زيد بن علي رضي الله عنه عنهما، بل عينوا بالشخص فعين الإمام علي من النبي  وهو يعين من بعده بوصية من النبي ويسمون بالأوصياء"( ) .
وقد افترق الإمامية إلى فرقتين كبيرتين هما: الإثنى عشرية ( ) ، والإسماعيلية الباطنية، وهذا الإفتراق بعد وفاة الإمام جعفر الصادق، حيث اختلف الناس فيمن تولى الإمامة بعد وفاته:
فقالت طائفة: إن موسى الكاظم هو الذي نص عليه الصادق وإليه تنتقل الإمامة حتى ولو كان أصغر من أخيه إسماعيل، وذلك لسببين :
- أولا : أن إسماعيل قد مات في حياة أبيه.
- ثانيا : أن أباه قد رقع عنه الوصاية قبل موته بدعوى شربة الخمر الأمر الذي يؤدي إلى نفي تقواه ، وعدم أحقيته في الإمامة ، ومن ثم فموسى الكاظم (تـ 183هـ) هو الإمام السابع بعد أبيه في نظر أصحاب هذه الطائفة التي أطلق عليها فيما بعد بـ (الإثنى عشرية) لأنها تسلسل الإمامة بعد الكاظم إلى ابنه علي بن موسى (الرضا) (تـ 203هـ) ، ثم إلى ابنه محمد بن علي (الجواد) (تـ220هـ)، ثم إلى ابنه علي بن محمد (الهادي) (تـ 254هـ)، ثم إلى ابنه الحسن بن علي (العسكر) (تـ260هـ)، ثم إلى ابنه محمد بن الحسن (المهدي) (تـ 328هـ).
إذن، فالإمامية الإثنى عشرية متفقون على سوق الإمامة بعد علي إلى جعفر الصادق ، فهي بعد علي للحسن (الزكي)، ثم الحسين بن علي (سيد الشهداء)، ثم إلى ابنه علي بن الحسين (زين العابدين)، ثم إلى ابنه محمد بن علي (الباقر)، ثم إلى ابنه جعفر بن محمد (الصادق) ، ثم إلى ابنه موسى بن جعفر (الكاظم)، ثم إلى ابنه علي بن موسى (الرضا) ، ثم إلى ابنه محمد بن علي (الجواد) ، ثم إلى ابنه علي بن محمد (الهادي) ، ثم إلى ابنه الحسن بن علي (العسكر)، ثم إلى ابنه محمد بن الحسن (المهدي)، وقد غيب في سنة 255هـ . وهو الحجة في عصر الغائب المنتظر وليملأ الأرض عدلا وقسطا بعد ما ملئت ظلما وجورا ( ) . وبذلك يكون مقدار هذه السلسلة اثنا عشر إماما ، لا يزيد ولا ينقص. ومن هنا ، تميزت الإمامية الإثنى عشرية بأنها وضعت لنفسها في بادىء الأمر عددا ثابتا من الأئمة . فتوقفوا عند إمامهم الثاني عشر الغائب وهو محمد بن الحسن العسكري .
وهم الذين يسمون بالجعفرية، لاعتماد آرائهم الفقهية على أقوال الإمام جعفر الصادق، كما يسمون أيضا بـ (الرافضة)، لرفضهم ثورة الإمام زيد ودعوته للخروج على والي العراق في عصره وهو يوسف بن عمر الثقفي كما عليه ابن تيمية. أو لرفضهم إمامة أبي بكر وعمر كما عليه الأشعري، وقد فضل صاحب كتاب (بحار الأنوار) تسمية فرقته بالرافضة ، ووأورد في كتابه أربعة أحاديث في مدح التسمية بالرافضة. وعلى أية حال، إذا أطلق لفظ (الشيعة) فلا ينصرف في الذهن إلا إلي هذه الطائفة الإمامية الإثنى عشرية .
وقالت طائفة: إن إسماعيل هو الذي تنتقل إليه الإمامة بعد أبيه، لأنه هو الإبن الأكبر، وهذه الطائفة يطلق عليها فيما بعد بـ (الإسماعيلية الباطنية) . .
إذن، فكان لموت الإمام جعفر الصادق  أثره البالغ في انقسام الشيعة إلى فرقتين رئيستين: الإمامية الإثنى عشرية من جهة – وهم أتباع موسى الكاظم – ، والإسماعيلية الباطنية –وهم أتباع إسماعيل – من جهة أخرى ، ولكل فرقة منها تدّعي أن لإمامها الزعامة دون الأخرى .
***
فرق الإمامية الإثنى عشرية
وقد انبثق من الإمامية الإثنى عشرية قرق ومذاهب كثيرة، منها: أصولية، وأخبارية، وشيخية، وكشفية، وكنية، وركريمخانية، وقزلباشية، وكلها داخلة في المجموعة الإثني عشرية وأصولها مبثوثة في كتب الإثنى عشرية ( ) . والإثنا عشرية اليوم منقسمون إلى ثلاث مدارس فكرية رئيسية وهي:
- الأول : الأخبارية.
هم الذين يمنعون الاجتهاد، ويعملون بالأخبار ويرون أن ما في كتب الأخبار الأربعة المعروفة للشيعة (الكافي، والتهذيب، والاستبصار، ومن لا يحضره الفقيه) قطعي السند أو موثوق بصدوره، فلا يحتاج إلى البحث عن سنده ، ولا يرون تقسيم الأخبار إلى أقسام الحديث المعروفة من الصحيح والحسن والموثق والضعيف وغيرها، بل كلها صحيحة، ويوجبون الاحتياط عند الشك في التحريم ولو مع عدم سبق العلم الاجمالي، ويسقطون من الأدلة الأربعة المذكورة في أصول الفقه: دليل العقل، والإجماع، ويقتصرون على الكتاب والخبر، ولذلك عرفوا بالإخبارية نسبة إلى الأخبار ولا يرون حاجة إلى تعلم أصول الفقه ولا يرون صحته. ومن علماء الإخباريين: ابن بابويه صاحب كتاب "من لا يحضره الفقيه"، الحر العاملي صاحب كتاب "وسائل الشيعة"، والكاشاني صاحب كتاب "الوافي" ، والنوري الطبرسي صاحب كتاب "مستدرك الوسائل". ويمكن تسميتها بـ "مدرسة الحديث". وسميت كذلك بـ "الحركة السلفية" .
وكانت بداية ظهور الأخبارية في مطلع القرن الحادي عشر للهجرة على يد الشيخ محمد أمين الأسترابادي (تـ 1033هـ) صاحب كتاب (الفوائد المدنية) إلا أنها تجددت بشدة في أواخر القرن الثاني عشر، يقول البحراني: "هو أول من فتح باب الطعن على المجتهدين ، وتقسيم الفرقة ... إلى أخباري ومجتهد" ( ) .
- الثاني : الأصولية.
هم القائلون بالإجتهاد من الشيعة الإمامية الإثني عشرية، ويمكن أن نسمي هذه المدرسة بـ "مدرسة الرأي أو مدرسة التأويل" . ومن علماء هذه المدرسة: الطوسي صاحب كتاب "الاستبصار والتهذيب" ، والمرتضى المنسوب له (أو لأخيه) نهج البلاغة، والشيخ المقيد صاحب كتاب "أوائل المقالات" وغيرهم ، ومعقل هذه المدرسة (النجف)( ) .
- الثالث :الشيخية.
هم طائفة من الشيعة الإمامية الاثني عشرية أسسها أحمد بن زين الدين الأحسائي في مطلع القرن الثالث عشر الهجري، وأتباعا يتواجدون اليوم في العراق، والكويت، و الاحساء، والبصرة، وكرمان، وتبريز في ايران. وينقسمون إلى فرقتين: "الركنية" و "الكشفية"، ولكلّ فرقة آراؤها الخاصّة.
ويمكن أن نحدد ملامح افتراق الأصوليين والأخباريين فيما يلي:
1) اعتراض الأخبارية بأن العمل بالقواعد الأصولية التي ظهرت في بدايات القرن الهجري الرابع على أيادي من عاصرو الشيخ الكليني يؤدي إلى ترك العمل بالنصوص الشرعية.
2) اعتراض الأخبارية أن عمل المتقدمين من الأصحاب إلى أواخر زمن الشيخ الصدوق كان بناء على الأخبار الواردة إليهم من الصادقين عليهم السلام. إذ زعموا أن مدركية الأحكام كانت عبر ظواهر المرويات عن الأئمة عليهم السلام.
3) اعتراض الأخبارية على الدور الذي لعبه العقل في استنباط الأحكام الشرعية، وزعمهم بأن ذلك مؤد إلى نبذ الأحكام الشرعية التي عمل بها المتقدمين.
4) القول بأن العمل طبقاً لقواعد الأصول بدعة لكونه قد ظهر ما بعد فترة غيبة الإمام الثاني عشر عليه السلام، لزعمهم عدم عمل الأصحاب على عهد الأئمة.
ويمكن التمثيل على الخلاف بين الأخبارية والأصولية وهو في مسألة التدخين: لا يوجد نص من الكتاب ولا السنة على التدخين فموقف الأخبارية الاحتياط أو البراءة في الشبهات التحكيمية، فهنا شبهة حرمية تحكيمية، لا ندري التدخين هل هو حرام أم لا، وأما الأصولية فتقول كل شي لم يورد حرمته فالأصل الحلية، الأصل حليته ما لم يرد نص على حرمة الحلية حيث يعبر عنه بالبراءة العقلية والبراة النقلية كما ورد عن رسول الله صلى الله  : (رفع عن امتي تسعة، الخطاء، والنسيان، وما أكرهوا عليه، ومالا يطيقون، ومالا يعلمون، وما اضطروا إليه، والحسد، والطيرة، والتفكر في الوسوسة في الخلق مالم ينطق بشفه). وروي عن رسول الله صلى الله : (رفع عن امتي تسعة، الخطاء، والنسيان، وما أكرهوا عليه، ومالا يطيقون، ومالا يعلمون، وما اضطروا اليه، والحسد، والطيرة، والتفكر في الوسوسة في الخلق مالم ينطق بشفه. والشاهد هنا ما لا يعلمون مالم يصل إليهم البيان فهو مرفوع، كل ما لم يرد له نص بالحلية فالموقف الشرعي هو التوقف، وهناك نصوص يستندون إليها كما ورد عن النبي محمد صلى الله : (ملاك بين وحرام بين وشبيهات بين ذلك).
وهذه أهم ملامح الخلاف، وهناك أمور اختلفوا فيها بناء على هذه النقاط كحجية ظواهر الكتاب وأن فهم القرآن يكون بواسطة المعصوم وما ورد عن المعصوم فقط، ومن هذه الأمور دعاوى متعلقة بحيثيات العمل بالأخبار الواردة عنهم إذ زعم الأخباريون بأن أخبار الكتب الأربعة قطعية الصدور عن الأئمة سليمة لا خدش فيها واستماتوا في إثبات ذلك ، ومعارضتهم للتقسيم الرباعي للأخبار التي ظهرت أيام المتأخرين من الأصحاب وتحديداً عهد السيد ابن طاووس والعلامة الحلي رضوان الله تعالى عليهم. وهناك أمور أخرى كحجية الإجماع ودليل العقل والأصول العملية وما شابه ولكل دليله النقلي والعقلي فيما أراد إثباته ، لكن ذلك لم يمنع إلى يومنا هذا تطور علم الأصول وارتقائه لدرجات عالية إذ مدار ذلك كان بفتح باب الاجتهاد في المذهب على مر العصور والسنين.
ويبدو مما سبق، أن الأصولية تُعدّ من التيار السائد بين الشيعة الإثني عشرية في العصر الحديث، وأن أبرز سماتها الاعتماد على مراجع التقليد في المسائل الفقهية، وأما الإخبارية فيقتصرون في معرفتهم للأحكام الشرعية على الأخبار أو الروايات الواردة عن أهل البيت، وأسقطوا الاستدلال بالمصادر الثلاثة الأخرى وهي القرآن والإجماع والعقل، فهم لا يستدلون بالقرآن بذريعة أن القرآن لا يفهمه سوى أهل البيت والواجب الرجوع إلى أحاديثهم، ولا يستدلون بالإجماع لأنه عندهم بدعة أوجدها أهل السنة ، وينكرون كذلك صلاحية العقل السليم ليكون حجة أو دليلا.
والجدير بالذكر أنه قد وصل الخلاف بين الأخبارية والأصولية إلى التشنيع والتكفير قيما بينهم حتى إن بعضهم يفتي بتحريم الصلاة خلف البعض الآخر ( ) . وكان من شيوخ طائفة الأخبارية من لا يلمس مؤلفات الأصوليين بيده تحاشيا من نجاستها ، وإنما يقبضها من وراء ملابسته ( ) . وقد كفر الاسترباذي وهو من الأخبارية بعض الأصوليين ونسبهم إلى تخريب الدين ( ) . وكما يرى الكاشاني أحد مصادر الأصولية الثمانية جمعا من علمائهم إلى الكفر ( ) .
ويحكي لنا السيد محمد حسن آل الطالقاني عن الخلاف والعداوة بين الأخبارية والأصولية فيقول:"فدوت في الأوساط العلمية، ولم تقتصر على طلبة العلوم وأهل الفضل، بل تسربت إلى صفوف العوام مما أدى إلا الاستهانة بالعلم والاستخفاف بحملته ، وبلغ التطرف حدا حكم فيه الوحيد البهبهاني بعدم صحة الصلاة خلف البحراني" ( ). ويتابع القول السيد محمد حسن آل الطالقاني: "وأوغل الأخباريون في الازدراء بالأصوليين إلى درجة عجيبة حتى أننا سمعنا من مشايخنا والأعلام وأهل الخبرة والاطلاع على أحوال العلماء: أن بعض فضلائهم كان لا يلمس مؤلفات الأصوليين بيده تحاشيا من نجاستها ، وإنما يقبضها من وراء ملابسه" ( ) . وفي موضع آخر يحكي لنا الشيخ السيد الطالقاني عن طبيعة الخلاف بين الشيعة فيقول: "وكانت اللهجة قاسية والأسلوب نابيا، وقد تزعم فريق الأخباريين في تلك الفترة الميرزا محمد النيشابوري المعروف بالأخباري، كما تزعم فريق الأصوليين الشيخ جعفر كاشف الغطاء النجفي" ( ) . فاحتدم النقاش بين العالمين، فنهج الأخباري المنهج الشيعي الأصيل " قد تطرف الأخباري إلى أبعد حد ووسع شقة الخلاف كثيرا، وتخلى عن الأدب والحشمة والاحترام في مناقشته لعلماء الأصوليين في نقده ورده على السواء، وتطاول على اساطين الدين وعظماء المذهب بالشتم، واستعمل بذيء القول ومرذوله" ( ) .
وأما يوسف البحراني صاحب كتاب "الحدائق" فحاول تضييق دائرة النزاع وما سببه من فضائح وكشف لأخلاقيات الشيعة المستورة قائلا:" إن الذي ظهر لنا بعد اعطاء التأمل حقه في المقام وامعان النظر في كلام علمائنا الأعلام هو الاغماض عن هذا الباب وارخاء الستر دونه والحجاب، وإن كان قد فتحه أقوام وأوسعوا فيه دائرة النقض والابرام، أما أولا فلاستلزامه القدح في علماء الطرفين والازراء بفضلاء الجانبين كما قد طعن به من كل الفريقين على الآخر، بل ربما انجر إلى القدح في الدين - يقصد دين الشيعة - سيما من الخصوم المعاندين" ( ) .
إلا أن هذا الصراع خمد فترة ، إثر خروج عدو مشترك للجميع، وهو عدو شيعي إمامي ولكن له فكر آخر، وهذا الفكر هو الفكر الشيخي ، أتباع أحمد بن زين الدين الأحسائي( ) . ونسبت إلى الشيخ بسبب تبنيه مدرسة خاصة في الحكمة، والفلسفة المتماشية مع حكمة وفلسفة أهل البيت، ونبذه لكثير من الأفكار المستمدة من الفلاسفة الإغريقيين والرومان ، وهم في الواقع تابعون للمدرسة الأصولية في الفقه، وقد ظهرت هذه المدرسة في أواخر النصف الثاني من القرن الثالث الهجري على يد مؤسسها، وقد انتشرت أفكار هذه المدرسة في كثير من مناطق الشيعة لقربها من المنابع الرئيسية وهي أقوال وسيرة أئمة أهل البيت حتى أن الشيخ كان المقدم في بلاط الشاه، وانقسمت الشيخية بعد زمان الشيخ أحمد بن زين الدين الأحسائي إلى الركنية بقيادة الحاج محمد كريم خان الكرماني و الكشفية. وخلال القرن التاسع عشر تحول عدد كبير من الشيخية إلى الديانة البهائية، وذلك لما توليه الديانة البهائية من مرتبة عالية للشيخ الإحسائي. والشيخية الآن متواجدون في دول الخليج( ) . ومن هنا، وجد كلا من الأصولية والأخبارية ، أن الأحسائي قد خرج كمارد ( ) .
ويذهب الشيخ حميد المبارك( ) إلى أن الأصولية والأخبارية لم تعد اليوم تثير حساسية في الحياة اليومية، وأن جيله من العلماء قد شهد في طفولته نهايات هذه الحساسية التي رافقت مجيء السيدعلوي الغريفي من النجف حاملاً اتجاهاً أصولياً جديداً على الساحة البحرينية، وقد كسرت الثورة الإيرانية هذه الحساسية، بعد انتصارها وانتصار التحولات الاجتماعية الدينية التي مثلتها.
وعلى أية حال، أن الشيعة الإمامية فرقة من فرق الشيعة ولها عدة أسماء، فإذا قيل لهم الإثنا عشرية فلإعتقادهم، بإمامة أئمة الإثنى عشرية. وإذا قيل لهم الإمامية فلأنهم جعلوا الإمامة، ركناً خامساً من أركان الإسلام، وإذا قيل لهم جعفرية فلنسبتهم إلى الإمام جعفر الصادق وهو الإمام السادس عندهم. وأن الإمامية الإثنى عشرية تمثل الآن الأكثرية من بين طوائف الشيعة الرئيسية – كالزيدية والإسماعيلية الباطنية – في العالم ، وهم يتمركزون الآن في دولة " إيران الإسلامية "، يؤكد ذلك الدكتور مصطفى الشكعة حيث يذكر أن الإمامية يشملون الآن كل سكان إيران تقريبا، ونصف سكان العراق، وعشرات الألوف من سكان لبنان، وبضعة ملايين في الهند إلى غير ذلك من البلاد الإسلامية ( ) .
***
أصول الإمامية الإثنى عشرية
وأصول العقيدة عند الإمامية الإثنى عشرية خمسة: التوحيد، النبوة، الإمامة، العدل، المعاد. وهذه الأصول الخمسة تتضمن عقائد أخرى انفردت بها الإمامية الإثنى عشرية أو يمكننا القول بـ "أصول المذهب الإمامي"، ومنها: العصمة، المهدية، الرجعية، التقية، البداء، ومعظم هذه الأصول نتيجة تأثير الشيعة بالأديان المغايرة للإسلام كاليهودية، والمسيحية، والمجوسية. وهذه المؤثرات جاءت كنتيجة مباشرة للبذور التي بذرها عدد من اليهود وغيرهم من أتباع الملل الأخرى بتظاهرهم باعتناق الإسلام، ليدخلوا من خلال تلك الأفكار المسمومة والغريبة في عقائد المسلمين، فكانت فكرة التشيع لعلي وآل البيت ستارا ينطلقون منه لتحقيق أهدافهم ( ) .
وبالإضافة إلى ذلك، فإن هذه المؤثرات كما يبدو إنما جاءت في المقام الأول كوليدة للصراعات الفكرية بين المسلمين وأصحاب الديانات الأخرى . ويذكر الدكتور يحيى هاشم فرغل أن النشاط المسيحي بدأ منذ عصر الرسول ، ويشير إلى مناقشة النجاشي لوفد مكة ومناقشة الرسول  لوفد نجران ( ) . ويذكر ابن حزم أن اليهود هم الذين أفسدوا دين المسيح عندما دخل بولس المسيحية وقال بإلهية المسيح، إذ يقول: " وهذا أمر لا نبعده عنهم ، لأنهم قد راموا ذلك فينا وفي ديننا، فبعد عليهم بلوغ إربهم ، وذلك بإسلام عبد الله بن سبأ اليهودي الحميري لعنه الله ليضل من أمكنه من المسلمين، فنهج لطائفة رذلة كانوا يتشيعون في علي  أن يقولوا بإلهية علي، كما نهج بولس لأتباع المسيح  أن يقولوا بإلهيته، وهم الباطنية والغالية إلى اليوم " ( ) . وأهم هذه المؤثرات هي فكرة الوصاية، والرجعة، والمهدية، والتناسخ( ) . ويلاحظ الدكتور عبد الرحمن بدوي أن الكيسانية من أقدم فرقة إسلامية تقول بفكرة المهدي ( ) .
ويلاحظ الدكتور عبد الرحمن بدوي أن الكيسانية من أقدم فرقة إسلامية تقول بفكرة المهدي( ). ويذهب كل من فان فلوتن جولد تسيهر إلى القول بأن فكرة ظهور المهدي التي أدت إليها نظرية الإمامة، والتي تجلّت معالمها في الاعتقاد بالرجعة منشأها المؤثرات اليهودية والمسيحية ( ) . غير أن الدكتور محمد إقبال يرى غير ذلك، حيث يرجع فكرة ( المهدي ) إلى تأثير الفكر المجوسي( ). ومن الجدير بالذكر أيضا أن المسلمين جمعوا أديان الفرس تحت اسم ( المجوس )، وإن كانوا قد أحسوا بما بينها من فروق ( ) . ومن المذاهب المجوسية التي كان لها تأثير مباشر في غلاة الشيعة هي: الزرادشتية، والمانوية، والمزدكية ( ) . ويذكر الشيخ محمد أبو زهرة أن الشيعة قد تأثروا بالأفكار الفارسية حول الملك والوراثة، والتشابه بين مذهبهم ونظام الملك الفارسي واضح، ويستدل على ذلك بأن أهل فارس من الشيعة، وأن الشيعة الأولين كانوا من فارس ( ) . ولذلك، فإن آراء الشيعة كانت تلائم الإيرانيين ( ) .
وتفاصيل الحديث عن أصول المذهب الإمامي (العصمة، المهدية، الرجعية، التقية، البداء) تكون كالتالي:
أولا : العصمة .
عرف الشيخ المفيد (تـ413هـ) العصمة بأنها: " الامتناع بالاختيار عن فعل الذنوب والقبائح عند اللطف الذي يحصل من الله تعالى في حقه، وهو لطف يمتنع من يختص به عن فعل المعصية ولا يمنعه على وجه القهر، أى لا يكون له حينئذ داع إلى فعل المعصية وترك الطاعة مع القدرة عليها " ( ) . وفي نفس المعنى يقول الشريف المرتضى (تـ436هـ) ( ) : " العصمة هي اللطف الذي يفعله الله تعالى، فيختار العبد عنده الامتناع من فعل القبيح، فيقال على هذا: إن الله تعالى عصمه بأن فعل له ما اختار عنده العدول عن القبيح، ويقال: إن العبد معصوم، لأنه اختار عند هذا الداعي الذي فعل له الإمتناع من القبيح" ( ) .
ويتضح من هذه النصوص أن هناك تفسيران للعصمة:
- أحدهما: أنها أمور يفعلها الله تعالى بالمكلَّف، فتقضي ألا يفعل المعصية اقتضاء غير بالغ إلى حد الإيجاب، وفسروا هذه الأمور ، فقالوا: إنها أربعة ِأشياء: أن يكون لنفس الإنسان ملكة مانعة من الفجور، داعية إلى العفة، وثانيها : العلم بمثالب المعصية ، ومناقب الطاعة. وثالثها: تأكيد ذلك العلم بالوحي والبيان من الله تعالى. ورابعها: أنه متى صدر عنه خطأ من باب النسيان والسهو، لم يترك مهلا، بل يعاقب وينبه، ويضيف عليه العذر. فإذا اجتمعت هذه الأمور الأربعة، كان الشخص معصوما عن المعاصي لا محالة، لأن العفة إذا انضافت إليها العلم، بما في الطاعة من سعادة، وما في المعصية من شقاوة، ثم أكد ذلك تتابع الوحي إليه وترادفه، وتظاهر البيان عنده، وتمم ذلك خوفا من العقاب عل القدر القليل، حصل من اجتماع هذه الأمور حقيقة العصمة.
- وثانيهما: العصمة لطف يمتنع المكلف عند فعله من القبيح اختيارا، وقد يكون ذلك اللطف خارجا عن الأمور الأربعة المعدودة، مثل أن يعلم الله تعالى أنه إن أنشأ سحابا، أو أهب ريحا، أو حرَّك جسما، فإن زيدا يمتنع عن قبيح مخصوص اختيارا، فإنه تعالى يجب عليه فعل ذلك، ويكون هذا اللطف عصمة لزيد، وإن كان الإطلاق المشتهر في العصمة، إنما هو لمجموع ألطاف يمتنع المكلف بها عن القبيح مدة زمان تكليفه ( ) .
والعصمة عند الإمامية الاثني عشرية والإسماعيلية الباطنية مطلقا، فتتعلق بالخطأ والسهو والنسيان وغيرها ( ) ، لذلك قالوا إنه لم يعرف عن الإمام عليّ  أنه أخطأ في تصوّره أو وقع في خطأ وزلة ( ) . قال المجلسي: "أصحابنا الإمامية أجمعوا على عصمة الأنبياء والأئمة من الذنوب الصغيرة والكبيرة، وعمدا وخطأ ونسيانا – قبل النبوة والإمامة وبعدها - ، بل من وقت ولادتهم، إلى أن يلقوا الله تعالى، ولم يخالف في ذلك إلا "الصدوق محمـد بن بابويه" وشيخه "ابن الوليد" ، فإنهما جوزا الإسهاء ، من الله تعالى، لأن السهو الذي يكون من الشيطان في غير ما يتعلق بالتبليغ وبيان الأحكام" ( ) . وفي موضع آخر يقرر المجلسي: "اعلم أنّ الإماميّة اتّفقوا على عصمة الأئمّة – عليهم السّلام – من الذّنوب – صغيرها وكبيرها – فلا يقع منهم ذنب أصلاً لا عمدًا ولا نسيانًا ولا الخطأ في التّأويل ولا للإسهاء من الله سبحانه" ( ) . فالمجلسي يسبغ على أئمته العصمة من كافة الأوجه المتصورة: العصمة من المعصية كلها – صغيرة أو كبيرة – العصمـة من الخطأ، والعصمة من السهو والنسيان وغير ذلك.
ومسألة العصمة لم تقف عند حد نفي المعصية بل تجاوزت ذلك ... ففي القرن الرابع يقرر ابن بابويه (المتوفى سنة 381ه‍ـ) عقيدة الشيعة في العصمة في كتابه الاعتقادات الذي يسمى "دين الشيعة الإمامية" فيقول: " اعتقادنا في .. الأئمة.. أنهم معصومون مطهرون من كل دنس، وأنهم لا يذنبون ذنبًا صغيرًا ولا كبيرًا، ولا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، ومن نفى عنهم العصمة في شيء من أحوالهم فقد جهلهم، ومن جهلهم فهو كافر، واعتقادنا فيهم أنهم معصومون موصوفون بالكمال والتمام والعلم من أوائل أمورهم وأواخرها، لا يوصفون في شيء من أحوالهم بنقص ولا عصيان ولا جهل " ( ) . فهو هنا ينفي المعصية ، وأيضًا الجهل والنقص، ويثبت الكمال الذي يلازمهم من أول حياتهم إلى آخرها، ويُكَفِّرُ من خالف ذلك ( ) .
ويجدر بالإشارة إلى أن الإمامية الإثنى عشرية والإسماعيلية الباطنية اتفقوا على ضرورة وجود الإمام المعصوم المنصوص عليه من نسل عليّ بن أبي طالب، لأن العصمة من المبادئ الأولية في كيانهم العقدي، ولها أهمية كبرى عندهم ، إذن فلا بد أن يكون الإمام معصوما ( ) ، يقول الداعي علي بن الوليد الباطني (تـ612هـ) : " وأصل الدين والشرع محمول على التعلّم والعصمة " ( ) . وذلك قياسا على النبي ، يقول الشيخ محمد رضا المظفر – إمامي معاصر – : " إن الإمام كالنبي، يجب أن يكون معصوما من جميع الرذائل والفواحش ما ظهر منها وما بطن، من سن الطفولة إلى الموت، عمدًا وسهوا، كما يجب أن يكون معصوما من السهو والخطأ والنسيان، لأن الأئمة حفظة الشرع والقوّامون عليه حالهم في ذلك حال النبي " ( ) . فللإمام جميع ما في النبيّ من صفات ومؤهّلات، وله ما للنبيّ على الناس من ولاية وسلطان، ولا يفترق عنه في شيء إلا في نزول الوحي، على أن الإمام قد أخذ عن الرسول ما نزل عليه من ربّه، والنتيجة الحتمية لذلك أن الإمام بهذا المعنى معصوم لا محـالة تماما كالنبي، وأن من نفى عنه العصمة فقد نفى عنه الإمامة ، كما هي الحال بالقياس إلى النبوة ( ) .
إذن - في رأيهم - فإذا ما ثبت أن الأنبياء معصومون، فإن الأئمة أيضا معصومون لاشتراكهم في العلة التي من أجلها خلقهم الله. يقول دونالدسن : " فإن الشيعة الناقمين لكى يثبتوا دعوة الأئمة ... أظهروا عقيدة عصمة الرسل بصفتهم أئمة أيضا " ( ) . فيعتقدون أن الفرع مشارك للأصل في الأحكام، لذا اعتقدوا العصمة في الأئمة بناء على أنهم خلفاء المعصوم ( ) .
والأئمة في نظر الإمامية الإثنى عشرية والإسماعيلية الباطنية ليسوا معصومين من الكبائر والصغائر فقط، بل من كل شيء، وبهذا فإنهم أثبتوا العصمة المطلقة للأئمة، ومن أقوال الإمامية الإثنى عشرية في ذلك يقول السيد محسن الأمين الحسيني العاملي: " يجب في الإمام أن يكون معصوما من الذنوب والخطأ والنسيان كالنبي، وأن يكون متصفا بجميع الكمالات مُنَزَّهًا عن جميع النقائص، وأن يكون أفضل أهل زمانه " ( ) . ويقول ابن المطهر الحلي (تـ726هـ) : " لابد من إمام منصوب من الله تعالى، معصوم من الزلل والخطأ، لئلاّ يترك بعض الأحكام أو يزيد فيها عمدا أو سهوا " ( ) .
وأسباب العصمة واللطف عندهم كما أشار إليه الشيخ المفيد تتمثل فيما يلي:
1) وجود خاصية في نفس المعصوم أو بدنه تمنعه من الفجور بمقتضى الملكة.
2) إِنَّ له العلم بالمعايب وقبائح المعاصي، وكذلك بالمناقب والمحاسن.
3) تأكيد هذا العلم بالوحي المتتابع والإلهام من الله .
4) أن يؤاخذه الله عما يجب تركه وما يقتضي فعله، فيعلم دوما ما هو الصحيح ( ) .
وأما أقوال الإسماعيلية الباطنية في العصمة، فيقول الداعي أحمد النيسابوري: " لم يكن لأحد مثلها من الطهارة، والأخلاق المرضية، والجود، والسخاء، والحلم، والشجاعة مما لا يمكن لأمثالنا تعداده، ثم البعد والعصمة عن كل ذنب وعيب ونقص " ( ) . وفي موضع آخر يقول إِنَّ الأئمة: " معصومون عن الفسق، والفجور، والطغيان، والانفلات، والعدوان، لأنَّه تعالى طهَّرهم من كل دنسٍ وعيبٍ " ( ) . وقد ورد في كتاب ( المجالس والمسايرات ) قول للمعز لدين الله ( ) : " فالحمد لله الذي منَّ علينا بالعصمة، ولم يجعل لنا فيما حرّمه علينا من شهوة " ( ) .
وَيَتَبَدَّى لنا من خلال هذه الأقوال مدى نظرتهم إلى الإمام وعصمته، فالإمام عندهم لا بُدَّ أن يكون معصوما كالنبي  بلا فَرْقٍ، لأنه حافظ للشرع والمنفرد بالتبليغ عن الله  بعد رحيل النبي ، وأنه وحده مصدر العلم . إلا أنه لا يتلقَّى الوحى، وهذا الأخير ما يميِّزه عن النبي  .
ومن الأدلة التي استدل بها الإمامية الإثنى عشرية والإسماعيلية الباطنية على وجوب العصمة للأئمة قوله :  إِنَّمَايُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا  - سورة الأحزاب: 33.
فقالت الشيعة في تقرير الاستدلال بهذه الآية: " إن المفسرين أجمعوا على نزول هذه الآية في حق عليّ وفاطمة والحسن والحسين ، وهي تدل على عصمتهم دلالة مؤكَّدة ، وغير المعصوم لا يكون إماما " ( ) . ذلك – في رأيهم – أن تلك الآية صريحة في عصمتهم عن المعاصي كما يثبت من كلمة (إنما)، وهي من أقوى أدوات الحصر والدلالة على الاختصاص ( ) . يقول ابن المطهر الحلي الإمامي (تـ726هـ) : " وفي هذه الآية دلالة على العصمة، مع التأكيد بلفظ (إنما)، وبإدخال اللام في الخبر، والاختصاص في الخطاب بقوله (أهل البيت)، والتكرير بقوله (يطهركم) والتأكيد بقوله: (تطهيرا)، وغيرهم ليس بمعصوم ( ) . ويقول الفيض الكاشاني المفسر الإمامي (تـ1091هـ) ( ) في تفسيره المسمى بـ (الصافي) عن الإمام الباقر: " نزلت هذه الآيـة في رسول الله  وآله ، وعليّ بن أبي طالب، وفاطمة، والحسن، والحسين عليهم السلام في بيت أم سلمة ( ) . وورد في إحدى الكتب للباطنية ومُؤَلِّفُهُ مجهولٌ (مسائل مجموعة من الحقائق العالية والدقائق والأسرار السامية)، قوله عن تأويل هذه الآية موضحا عصمة الإمام وأن أمهات الأئمة منـزّهات عن الطمث: " يعني بالرجس دم الطمث ، وإذا كملت مدّة حمل الجنين ظهر ذلك الشخص مولودا مثل أولاد البشر، إلا أن فيه من الصفاء والإشراق والنور والضياء ما يفوق الوصف، مع أنه جسم ... ولا يكون ظهور المعجزات منه وإبداء الآيات الباهرات إلا بعد أن ينص عليه والده، ويتصل به المادّة بوساطة من العقل الأول بوساطة العاشر " ( ) .
ومن ذلك كله، يذهب الشيعة إلى عصمة الأئمة، لطهارتهم من الذنوب، سواء كانت كبيرة أو صغيرة. فهم معصومون عن الذنب سهوا أو عمدا وما إلى ذلك من أقوال وادّعاءات.
واستدل الإسماعيلية الباطنية أيضا على عصمة الأئمة بقوله :  يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ  _ سورة النساء : 59 -. فقد أوجب الله تعالى طاعة الإمام بهذه الآية، ووصلها بطاعته وطاعة رسوله ، وكان في الحكمة غير موجود وصل الدرة بالبعرة، ولا الشريف بالدنيء، ولا الطاهر بالنجس، كان من ذلك الإيجاب أن وصل طاعة الإمام بطاعة الرسول الإمام المعصوم لم يكن إلا لكونها مثلها، وإذا كان وصل طاعة الإمام بطاعة الرسول المعصوم لم تكن لكونها مثلها، وكان طاعة الرسول  وآله وافتراضها لعصمته ، وجب أن تكون طاعة الإمام  لم تفترض إلا لعصمته، إذا الإمام معصوم ( ) .
ومما سبق يتضح، أن كل ما دل على وجوب النبوة، فهو دال على وجوب الإمامة، وبما أن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام معصومون، فالأئمة كذلك معصومون. والحقيقة، أن العصمة التي نسبوها إلى أئمتهم كان الغرض منها تثبيت الروايات التي تتنافى مع العقل والمنطق، والتي نُسِبَتْ إلى الإمام كى يُسدَّ بابُ النقاشِ في محتواها على العقلاء والأذكياء ويرغم الناس على قبولها، لأنها صدرت عن إمام معصوم لا يخطئ ( ) .
ثانيا : المهدية والغيبة ( ) .
إن فكرة الإيمان بالإمام الخفي أو الغائب توجد لدى معظم فرق الشيعة، حيث تعتقد في إمامها بعد موته أنه لم يمت، فتقول باختفائه عن الناس، ومن ثمّ عودته إلى الظهور في المستقبل مهديًا، ولا تختلف هذه الفرق إلا في تحديد الإمام الذي قدّرت له العودة، تبعًا لاختلافها في تحديد الأئمة وأعيانهم، وهذا مما يجعل القول بذلك فيه شيء من القوة فيما يبدو
ومن أشهر الفرق الشيعية القائلة بهذه العقيدة الإمامية الإثني عشرية ( ) ، حيث يقولون باختفاء محمد بن الحسن العسكري، وعودته مهديًا ( ) . في حين يجتمع المسلمون من بقية الفرق الإسلامية على إنكار هذه العقيدة وقائليها؛ من حيث كون المهدي هو محمد بن الحسن، وكونه اختفى، لا من حيث إنكار خروج المهدي في آخر الزمان فإن هذا مما يؤمن به أكثر المسلمين، دون اعتقاد أنه قد ولد ثم اختفى. وعليه فإن بحث المسألة من الأهمية بمكان، وتحري الحق وإبطال الباطل من الواجبات التي تتحتم على كل منصفٍ متبعٍ للدليل الشرعي، نابذٍ للهوى والتعصب والتقليد
وترجع هذه العقيدة إلى أصول مجوسية ، فالشيعة أكثرهم من الفرس، والفرس من أديانهم المجوسية، والمجوس تدعي أن لهم منتظرا حيا باقيا مهديا من ولد بشتاسف بن يهراسف، يقال له: أبشاوثن، وأنه في حصن عظيم من خراسان والصين ( ) . وهذا هو جوهر فرقة الشيعة الإمامية الإثنى عشرية.
ويعتقد الشيعة الإمامية بأن البشارة بظهور (المهدي) من ولد فاطمة في آخر الزمان ليملأ الأرض قسطا وعدلا بعد ما ملئت ظلما وجورا - ثابتة عن النبي  وليست هي بالفكرة المستحدثة عند (الشيعة)( ) .
والحقيقة أن حكاية المهدي المنتظر هي أكثر من نظرية فلسفية في عقيدة الشيعة أو أسطورة متوارثة من الأسلاف، بل هي النظرية البديلة الذي استعملها أوائل الشيعة نتيجة فشل نظرية "الأمة لا تخلو من إمام زمانها". وقد جاء في رواية الكليني الإمامي (تـ329هـ) بسنده عن أبي جعفر  قال: " لو أن الإمام رفع من الأرض ساعة لماجت بأهلها كما يموج البحـر بأهله " ( ) . وأكد ذلك الشيخ محمد رضا المظفر الإمامي المعاصر قائلا: "وعليه لا يجوز أن يخلو عصر من العصور من إمام مفروض الطاعة منصوب من الله تعالى، سواء أبى البشر أم لم يأبوا، وسواء ناصروه أم لم يناصروه، أطاعوه أم لم يطيعوه، وسواء كان حاضرا أم غائبا عن أعين الناس " ( ) .
ويقول بهذه الفكرة أيضا الإسماعيلية الباطنية على لسان الداعي أحمد النيسابوري الباطني حيث يحدِّثنا عن ضرورة وجود الإمام في كل زمان ومكان: " إن وجود الإمام ضروري لا بد منه، وإن جميع الشرائع والأحكام منوطة به لم يخل منه وقت من الأوقات ، ولا زمن من الأزمنة ، طاعتهم مفروضة على الخلق، وقيادتهم معقودة، وحدودهم موجودة معدودة، في كل زمان ومكان لإنقاذ البشرية من الضلال والفساد " ( ) . وأشار بذلك الوزير يعقوب بن كلّس الباطني (تـ380هـ): "إن الإمامة لا تنقطع عن العالم طرفة عين ، لأنها الحجة على الخلق" ( ) . ويقول الداعي أبو يعقوب السجستاني الباطني (تـ353هـ) عن مهمة الإمام: " فواجب إقامة الأئمة في الأزمنة لهداية الخلق، ولحفظ الدين " ( ). وقد استدل الإسماعلية الباطنية على ما ذهبوا إليه من أن الأرض لا تخلو من إمام معصوم بالقرآن الكريم والسنة النبوية، ومن القرآن قوله  :  يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ  - الإسراء : 71 -. وقوله : وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا - الأنبياء : 73 - . وقوله  :  إِنَّمَا أَنْتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ ( ). فبين  أن لكل إنسان في كل زمان إمام يهديه بأمر الله إلى دينه وصراطه المستقيم، فواجب أن يكون في كل زمان للخلق إماما هاد مهتدي لا تخلو الأرض منه، إما ظاهرا وإما مستورا ( ) .
وأما السنة فبحديث رسول : » من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية « ( ). فهذا الحديث – كما يزعمون – يفيد على أن الناس بحاجة ماسة إلى الإمام في كل زمان ومكان( ) .
وكما استدلوا بالقرآن والسنة استدلوا كذلك على وجوب الإمامة بأدلة ذات طابع عقلي، فقالوا: إن طبائع الناس مختلفة وأهواءهم متفاوتة والحوادث غير معلومة، ولا محصورة، وكان في الطبع الاستطالة والتعدي، وحب القهر والغلبة . وعلى هذا وجب من طريق الحكمة أن يكون بين الناس حاكم يفصل بينهم في الحوادث، فلا يكون لهم محيص عن حكمه ، ولا مهرب من قضائه، كما كان النبي  في أيامه، فأخبر الله  عنه بقوله :  فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا  ( ) . والحاكم الإمام، إذ الإمامة واجبة ( ) .
غير أن الإمامية والإسماعيلية اختلفوا في السبب الذي أدى بهم إلى القول بذلك، فقال الشيخ جعفر سبحاني الإمامي المعاصر موضّحا الفرق بينهم: " أقول : إنّ ما ذكره –الباطنية– من أنّ الأَرض لا تخلو من حجة للّه حقٌ، ولكن السبب ليس ما جاء في كلامه من إقامة الحدود ، وحفظ المراسم، ومنع الفساد؛ فإنّ ذلك يقوم به سائر الولاة أيضاً، وإنّما الوجه أنّه الإنسان الكامل وهو الغاية القصوى في الخلقة، ويترتب على وجود ذلك الإنسان الكامل بقاء العالم بإذن اللّه سبحانه وآخره لحصول الغاية "( ).
والجدير بالذكر هنا أن هناك فرق كثيرة ادّعت المهدية على مدى التاريخ القديم والحديث وكانت تجد لها صدى بين الجماهير التي تخوض مع الخائضين وغالباً ما تخوض تلك الفرق في الدماء بين قاتل ومقتول، ومن الحركات المهدية:
- مهدي الجارودية، حيث اعتقدت هذه الفرقة بمهدية محمد بن عبد الله«النفس الزكية» وقد قتل سنة 45هـ.
- مهدي الإسماعيلية، حيث اعتقدوا أن إسماعيل بن الإمام الصادق هوالمهدي.
- مهدي القرامطة، حيث اعتقدوا بمهدية محمد بن إسماعيل وأنه حي في بلاد الروم.
- مهدي الخوارج، ولا تعتقد به إلا فرقة واحدة هي اليزيدية المنقرضة.
- مهدي القحطانية، وهي جماعة في اليمن.
- مهدي المغرب، واسمه التويزري ظهر في القرن الثامن وتم اغتياله.
- مهدي المغرب الثاني، نهاية القرن الثامن هاجم مراكش وأحرقها فتم اغتياله.
ثالثا : الرجعة .
هي من العقائد التي تسربت وجاءت للشيعة الإمامية الإثنا عشرية عن طريق بعض الديانات الفارسية مثل (الزرادشتية). وعقيدة الرجعة تُعد من أصول دين الشيعة، بل ومن أشهر عقائدهم التي بينها علمائُهم في كتبهم القديمة والحديثة، في أكثر من خمسين مؤلفاً ( ) .
وترتبط عقيدة الرجعة لدى الامامية الاثني عشرية بالامام المهدي المنتظر ( ) ، وهي في اللغة: العودة إلى الحياة الدنيا بعد الموت، أي رجوع الناس بعد موتهم إلى الدنيا، قال الجوهري والفيروزآبادي : فلان يؤمن بالرجعة ، أي بالرجوع إلى الدنيا بعد الموت ( ) . وهي عند الشيعة الإمامية ، هو نفس المعنى المحقّق في اللغة ، وهو أنَّ الله تعالى يُعيد قوماً من الأموات إلى الدنيا قبل يوم القيامة في صورهم التي كانوا عليها، فيعزُّ فريقاً ويذلُّ فريقاً آخر، وينصر المُحِقِّين على المبطلين، والمظلومين على الظالمين. ويكون ذلك عند قيام مهدي آل محمد  الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعد أن مُلئت ظلماً وجوراً ، فتُعدُّ الرجعة مظهراً يتجلى فيه مقتضى العدل الإلهي بعقاب المجرمين على نفس الأرض التي ملأوها ظلماً وعدواناً . ولا يرجع إلاّ من عَلَت درجته في الإيمان، أو من بلغ الغاية من الفساد، ثم يصيرون بعد ذلك إلى الموت ، ومن بعده إلى النشور، وما يستحقونه من الثواب أو العقاب .
كما حكى الله تعالى في قرآنه الكريم تمنِّي هؤلاء المرتجعين الذين لم يصلحوا بالارتجاع، فنالوا مقت الله، أن يخرجوا ثالثاً لعلهم يصلحون، فقال تعالى: قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَينِ وَأَحْيَيتَنَا اثنتينِ فاعتَرفنَا بِذُنُوبِنَا فَهَل إلى خُروجٍ مِنْ سَبِيلٍ  - غافر : 11 - . وفي هذا يبين الشيخ المظفر أن الذي تذهب إليه الإمامية أخذا بما جاء عن آل البيت عليهم السلام أن الله تعالى يعيد قوما من الأموات إلى الدنيا في صورهم التي كانوا عليها، فيعز فريقا ويذل فريقا آخر، ويديل المحقين من المبطلين والمظلومين منهم من الظالمين، وذلك عند قيام مهدي آل محمد عليه وعليهم أفضل الصلاة والسلام. ولا يرجع إلا من علت درجته في الإيمان أو من بلغ الغاية من الفساد، ثم يصيرون بعد ذلك إلى الموت، ومن بعده إلى النشور وما يستحقونه من الثواب أو العقاب، كما حكى الله تعالى في قرآنه الكريم تمني هؤلاء المرتجعين الذين لم يصلحوا بالارتجاع فنالوا مقت الله أن يخرجوا ثالثا لعلهم يصلحون، قال تعالى: قَالُواْ رَبّنَآ أَمَتّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَىَ خُرُوجٍ مّن سَبِيلٍ  - غافر : 11 -. نعم قد جاء القرآن الكريم بوقوع الرجعة إلى الدنيا، وتظافرت بها الأخبار عن بيت العصمة. والإمامية بأجمعها عليه إلا قليلون منهم تأولوا ما ورد في الرجعة بأن معناها رجوع الدولة والأمر والنهي إلى آل البيت بظهور الإمام المنتظر، من دون رجوع أعيان الأشخاص وإحياء الموتى ( ) .
ويرى الإمامية الإثنى عشرية أن الاعتقاد بالرجعة من مظاهر الإيمان بالقدرة الإلهية ، فقد روي أنّ ابن الكوّاء الخارجي سأل أمير المؤمنين عن الرجعة - في حديث طويل - في آخره: " لا تشكّنَّ يابن الكوّاء في قدرة الله عزَّ وجلَّ " ( ). وسأل أبو الصباح الإمام الباقر عن الرجعة ، فقال : "تلك القدرة، ولا ينكرها إلاّ القدرية، تلك القدرة فلا تنكرها" ( )، وبمثل ذلك أجاب (عليه السلام) عبد الرحمن القصير ( ).
وهناك أدلة أخرى استدل بها الإمامية الإثنى عشرية على الرجعة كقوله تعالى :  وَأَقْسَمُواْ بِاللّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لاَ يَبْعَثُ اللّهُ مَن يَمُوتُ بَلَىَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً وَلَكِنّ أَكْثَرَ الْنّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ لِيُبَيّنَ لَهُمُ الّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وَلِيَعْلَمَ الّذِينَ كَفَرُواْ أَنّهُمْ كَانُواْ كَاذِبِينَ  - النحل : 38 ، 39 - ، روى الشيخ الصدوق والكليني وعلي بن إبراهيم والعياشي وغيرهم أنّها نزلت في الرجعة ( ) ، ولا يخفى أنّها لا تستقيم في إنكار البعث، لاَنّهم ما كانوا يقسمون بالله بل كانوا يقسمون باللات والعزى، ولاَنّ التبيين إنّما يكون في الدنيا لا في الآخرة ( ) . وقوله تعالى :  كيفَ تكفُرونَ باللهِ وكُنتُم أمواتاً فأحياكُم ثُمَّ يُميتُكُم ثُمَّ يُحييكُم ثم إليه تُرجَعُونَ  - البقرة 2 : 28 - . قال ابن شهرآشوب: "هذه الآية تدلُّ على أنَّ بين رجعة الآخرة والموت حياة أُخرى، ولا ينكر ذلك لأنه قد جرى مثله في الزمن الاَول ، قوله تعالى في قصة بني إسرائيل: قال تعالى:  أَلَمْ تَرَ إِلَى الّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللّهُ مُوتُواْ ثُمّ أَحْيَاهُمْ إِنّ اللّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النّاسِ وَلََكِنّ أَكْثَرَ النّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ  - البقرة : 243 - ، وقوله تعالى في قصة عزير أو أرميا :  أَوْ كَالّذِي مَرّ عَلَىَ قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىَ عُرُوشِهَا قَالَ أَنّىَ يُحْيِي هََذِهِ اللّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللّهُ مِئَةَ عَامٍ ثُمّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَل لّبِثْتَ مِئَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَىَ طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنّهْ وَانْظُرْ إِلَىَ حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنّاسِ وَانْظُرْ إِلَى العِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمّ نَكْسُوهَا لَحْماً فَلَمّا تَبَيّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنّ اللّهَ عَلَىَ كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ  - البقرة : 259 - ، وقوله تعالى في قصة إبراهيم:  وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَىَ قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَىَ وَلَكِن لّيَطْمَئِنّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مّنَ الطّيْرِ فَصُرْهُنّ إِلَيْكَ ثُمّ اجْعَلْ عَلَىَ كُلّ جَبَلٍ مّنْهُنّ جُزْءًا ثُمّ ادْعُهُنّ يَأْتِينَكَ سَعْياً وَاعْلَمْ أَنّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ - البقرة : 260 - . وقال الشيخ الحر العاملي : وجه الاستدلال بهذه الآية أنّه أثبت الاِحياء مرتين ، ثم قال بعدها (ثُمَّ إليهِ تُرجعُونَ) والمراد به القيامة قطعاً، والعطف ـ خصوصاً بثمّ ـ ظاهر في المغايرة، فالاِحياء الثاني إما في الرجعة أو نظير لها، وبالجملة ففيها دلالة على وقوع الاِحياء قبل القيامة( ) .
ويحرص مذهب الإمامية على بيان الفرق بين القول بالرجعة وبين القول بالتناسخ، فالرجعة هي نوع من البعث أو من المعاد الجسماني، وتعني عوة الروح إلى نفس بدنها الأول، أما التناسخ فهو عودة الروح إلى بدن آخر كما هو معروف في فكرة التناسخ ، ومن هنا تعد الرجعة دليلا على جواز البعث الجسماني، وأن إنكارها يعتبر إنكارا لمبدأ البعث الجسماني، ويدل على ذلك قول الشيخ المظفر: "وأما من طعن في الرجعة باعتبار أنها من التناسخ الباطل، فلأنه لم يفرق بين معنى التناسخ وبين المعاد الجسماني، والرجعة من نوع المعاد الجسماني، فإن معنى التناسخ هو انتقال النفس من بدن إلى بدن آخر منفصل عن الأول، وليس كذلك معنى المعاد الجسماني، فإن معناه رجوع نفس البدن الأول بشخصياته النفيسة، فكذلك الرجعة ، وإذا كانت الرجعة تناسخا، فإن إحياء الموتى على يد عيسى عليه السلام كان تناسخا، وإذا كانت الرجعة تناسخا، كان البعث والمعاد الجسماني تناسخا( ).
وفي موضع آخر أشار آل كاشف الغطاء إلى عدم اعتبار الرجعة أصلا من أصول الدين حيث قال: "ليس التدين بالرجعة في مذهب التشيع بلازم ولا إنكارها بضار، وإن كانت ضرورية عندهم، ولكن لا يناط التشيع بها وجودا وعدما، وليست هي إلا كبعض أنباء الغيب ، وحوادث المستقبل وأشراط الساعة مثل نزول عيسى من السماء وظهور الدجال" ( ) . ولكن هذا مخالف لما ثبت عند غيره من أئمة الإثنى عشرية، يقول المفيد: " واتفقت الإمامية على وجوب رجعة كثير من الأموات إلى الدنيا قبل يوم القيامة، وإن كان بينهم في معنى الرجعة اختلاف " ( ) . ويقول المرتضى: " وإذا ثبت جواز الرجعة، ودخولها تحت المقدور، فالطريق إلى إثباتها إجماع الإمامية على وقوعها، فإنهم لا يختلفون في ذلك( ) .
ومن الملاحظ أن الشيعة الإمامية اختلفوا في حقيقة الرجعة، بل إن فريقا منهم أنكرها، ونفاها نفيا باتا ، ونقل هذا الاختلاف المفسر الإمامي الطبرسي في (مجمع البيان) ، وذلك عند تفسيره لقوله تعالى:  وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلّ أُمّةٍ فَوْجاً مّمّن يُكَذّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ  - النمل : 83 – فقال الطبرسي: "استدل بهذه الآية على صحة الرجعة من ذهب إلى ذلك من الإمامية ، ووجه الدلالة – بزعم هؤلاء – أن اليوم يحشر الله فيه فوجا من كل أمة ، لا يمكن أن يكون اليوم الآخر بحال، لأن هذا اليوم يحشر فيه جميع الناس، لا فوج من كل أمة ، لقوله تعالى :  وَيَوْمَ نُسَيّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الأرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً  - الكهف : 47 - ، فتعين أن يكون الحشر في هذه الدنيا - وليس في الآخرة -. وأما الذين أنكروا الرجعة من علماء الإمامية فقد قالوا: إن الحشر في الآية يراد به الحشر في اليوم الآخر، لا في هذه الحياة، والمراد بالفوج رؤساء الكفار والجاحدين، فإنهم يحشرون ويجمعون لإقامة الحجة عليهم. واستنادا إلى هذا القول يقول محمد جواد مغنية: "وهكذا يفيد كلام الشيخ الطبرسي أن علماء الإمامية لم يتفقوا بكلمة واحدة على القول بالرجعة"( ). وقال السيد محسن الأمين: " الرجعة أمر نقلي، إن صح النقل به، لزم اعتقاده، وإلا فلا ( ) . وقد أشار الشيخ أبو زهرة إلى اختلاف الشيعة في الرجعة قائلا : "ويظهر أن فكرة الرجعة على هذا الوضع ليست أمرا متفقا عليه عند إخواننا الإثنى عشرية، بل فيهم فريق لم يعتقده" ( ) .
وأوضح الشيخ المقيد أن رجوع الناس بعد موتهم إلى الدنيا فريقان:
- أحدهما: من علت درجته في الإيمان وكثرت أعماله الصالحات .. فيريه الله عز وجل دولة الحق ويعزه بها ويعطيه من الدنيا ما كان يتمناه .
- والآخر: من بلغ الغاية في الفساد. وكثر ظلمه لأولياء الله واقترافه السيئات، فينتصر الله تعالى لمن تعدى عليه قبل الممات، ويشفي غيظهم منه بما يحله من النقمات، ثم يصير الفريقان بعد ذلك إلى الموت ومن بعده إلى النشور وما يستحقونه من دوام الثواب والعقاب( ) .
واختلف علماء الشيعة فيمن يرجع إلى الدنيا، فمنهم من قال إنها للأئمة فقط ليقيم الله بهم دولة العدل والحق، وذهب إلى هذال القول "الزنجاني" وهو من علمائهم المعاصرين : " الرجعة عبارة عن حشر قوم عند قيام القائم الحجة - عليه السلام -، ممن تقدم موتهم من أوليائه وشيعته، ليفوزوا بثواب نصرته ومعونته، بظهور دولته، وقوم من أعدائه ينتقم منهم، وينالوا بعض ما يستحقونه من العذاب والقتل على أيدى شيعته وليبتلوا بالذل والخزي بما يشاهدونه من علو كلمته. وهي عندنا الإمامية الاثنا عشرية تختص بمن محّض الإيمان، ومحّض الكفر والباقون سكوت عنهم " ( ) . ويقول أحمد الأحسائي ( ) في كتاب الرجعة: "اعلم أن الرجعة في الأصل يراد بها رجوع الأموات إلى الدنيا، كأنهم خرجوا منها ورجعوا إليها"( ) .
فالرجعة عندهم هي للأئمة، ومن محّض الإيمان من أوليائهم، ومن محّض الكفر من أعدائهم -وهم يعنون بذلك الصحابة رضي الله عنهم - والقصد من ذلك هو إظهار العز والنصر للأئمة ومواليهم، والانتقام من أعدائهم، كما نص على هذا الزنجاني في كلامه المتقدم. وقد دلت على هذا رواياتهم وأقوال علمائهم المتقدمين.
ومنهم من تأول ما ورد في الرجعة من أخبار بأن معناها رجوع الدولة والأمر والنهي إلى آل البيت بظهور الإمام المنتظر، من دون رجوع أعيان الأشخاص وإحياء الموتى ( ) . وقد أشار الألوسي إلى هذا الكلام حيث قال: "وتأول جماعة من الإمامية ما ورد من الأخبار في الرجعة على رجوع الدولة والأمر والنهي، دون رجوع الأشخاص، وإحياء الأموات"( ) .
رابعا : التقية ( ) :
يعني بالتقية أن يظهر الشخص أمرا ويضمره غيره على سبيل المداراة والمجاراة خوفا على النفس أو على المال والعرض، وهي عند الإمامية كما يعرفه الشيخ المفيد: "التقية كتمان الحق، وستر الاعتقاد فيه ، ومكاتمة المخالفين ، وترك مظاهرتهم بما يعقب ضرارا في الدين والدنيا" ( ). ويقصد بالمخالفين أهل السنه. ويقول شيخهم البحراني مبينا معنى التقيه: "المراد بها اظهار موافقة أهل الخلاف فيما يدينون ب " ( ). ويقصد بأهل الخلاف أهل السنة. ويقول الخميني : "التقيه معناها: أن يقول الإنسان قولا مغايرا للواقع أو يأتي بعمل مناقض لموازين الشريعه " ( ). ويقصد بموازين الشريعه دين الشيعه .
ويفهم من كل هذه التعريفات أن التقيه عند الشيعه هي التظاهر بعكس الحقيقه، وتبيح للشيعي خداع غيره. أو بمعنى آخر أن يُظهر الإنسان لغيره خِلاف ما يُبطن.
ويبين الشيخ المفيد أن التقية تتخذ حكم الفرض والواجب إذا كان الضرر معلوما بالضرورة وإلا فيسقط فرضها، وينص قوله : "إن التقية جائزة في الدين عند الخوف على النفس ، وقد تجوز في حال دون حال للخوف على المال ولضروب من الاستصلاح . وأقول أنها قد تجب أحيانا وتكون فرضا ، وتجوز أحيانا من غير وجوب ، وتكون في وقت أفضل من تركها" ( ) . وفي موضع آخر يؤكد آل كاشف الغطاء أحكام التقية الثلاثة قائلا : "العمل بالتقية له أحكامه الثلاثة فتارة يجب إذا كان تركها يستوجب تلف النفس من غير فائدة ، وأخرى يكون رخصة كما لو كان في تركها والتظاهر بالحق نوع تقوية له ، فله أن يضحى بنفسه وله أن يحتفظ عليها ، وثالثة يحرم العمل بها كما لو كان ذلك موجبا لرواج الباطل وإضلال الحق ( ) .
ومن الملاحظ أن التقية بهذه الصورة لا تدخل في باب العقائد عند الإمامية ، لأنها خاضعة للأحكام الثلاثة من وجوب وحرمة ورخصة ، ولذلك يرد آل كاشف الغطاء على من يشنع على الشيعة الإمامية بهذا المبدأ ، فيقول : "من الأمور التي يشنع بها بعض الناس على الشيعة ويزدري عليهم بها قولهم : بالتقية جهلا منهم .. بمعناها وبموقعها وحقيقة مغزاها ، ولو تثبتوا في الأمر وتريثوا في الحكم ، وصبروا لعرفوا أن التقية التي يقول بها الشيعة لا تختص بهم ولم ينفردوا بها ، بل هو أمر ضرورة العقول وعليه جبلة الطباع وغرائز البشر، وشريعة الإسلام في أسس أحكامها وجوهريات مشروعياتها ، تماشي العقل والعلم جنبا إلى جنب وكتفا إلى كتف" ( ) .
ولكن الواقع في المذهب الشيعي الإمامي - كما وردت في كتبهم القديمة أو التراث – أن التقية تُعدّ عندهم ركناً من أركان إيمانهم، فلا إيمان لمن لا تقية له ، والتارك للتقية كالتارك للصلاة ، وقد رووا أحاديث في أمهات كتبهم منها :
- روي عن جعفر الصادق أنه قال : "التقية من دين آبائي ولا إيمان لمن لا تقية له" ( ) . ويقول الباقر: "أشرف أخلاق الأئمة الفاضلين من شيعتنا التقية" ( ) .
- ويقول ابن بابويه : "اعتقادنا في التقية أنها واجبة من تركها بمنزلة من ترك الصلاة"( ) .
- بل جعلوا هذا من كلام محمد  وهو منه براء , فقالوا على لسان نبينا عليه أفضل الصلاة والسلام : "تارك التقية كتارك الصلاة "( ) .
- وعن جعفر قال : "إن تسعة أعشار الدين في التقية ولا دين لمن لا تقية له"( ) .
- بل وتارك التقية ذنباً لا يغفر كالشرك ، فقد جاء في أخبارهم: (يغفر الله للمؤمن كل ذنب، يظهر منه في الدنيا والآخرة، ما خلا ذنبين: ترك التقية، وتضييع حقوق الإخوان) ( ) .
فهذه الروايات والأقوال كلها إن دلت على شيء فإنما دلت على الوجوب ، وليس كما وضّحه لنا الشيخ آل كاشف الغطاء .
ولعل من الأهمية بمكان الإشارة هنا إلى أن طائفة (الإثنى عشرية) تتميز عن غيرها من الفرق الشيعية بنشاطها الدعوية إلى التقريب بين المذاهب أو على وجه الخصوص التقريب بين السنة والشيعة( ) . فرفعوا شعارهم بعدم اختلاف السنة والشيعة في الأصول ، وإنما خلافهم معهم في مسائل الفروع . وقد صرح بهذا القول أحد علمائهم البارز حسين آل كاشف الغطا : " الشيعة ما هم إلا طائفة من طوائف المسلمين، ومذهب من مذاهب الإسلام يتفقون مع سائر المسلمين في الأصول ، وإن اختلفوا معهم في بعض الفروع " ( ) . والصراع والخلاف بينهما إنما صنعته الأوهام نتيجة العزلة الطويلة بين الطائفتين( ) . ومن جانب أهل السنة يرى الشيخ شلتوت بأن الخلاف بين السنة والشيعة يقع في بعض المسائل الفلسفية والآراء الكلاميّة التي لا صلة لها بأصول العقيدة ( ) .
خامسا : البداء .
ذكر الشيخ الإمامي المعاصر جعفر سبحاني أن من العقائد الثابتة عند الشيعة الإمامية ، هو القول بالبداء ، ومن الكلمات الدارجة بين علمائهم أن النسخ والبداء صنوان ، غير أن الأول في التشريع ، والثاني في التكوين ، وقد اشتهرت بالقول به كاشتهارها بالقول بالتقية وجواز متعة النساء( ) .
جاء في لسان العرب : "بدا الشيء ظهر ... يقال : بدال لي أي تغير رأي على ما كان عليه. ويقال : بدا لي من أمرك بداء أي ظهر لي ... والبداء استصواب شيء علم بعد أن لم يعلم ( ). ويفهم من هذا أن البداء في اللغة معناه : الظهور. وأما في الجانب الاصطلاحي فأورد صاحب كتاب (نظرية البداء) قائلا : "فقد انسحب على الأمور الممكنة التي تقع في عالم التكون والتي تمتاز بظاهرة التغير بحيث تبدو هذه الأمور ثابتة أولا كأنها تسير وفق سنة واحدة ، ولكن صرعان ما يظهر فيها التبدل"( ). وقرر الشيخ الإمامي المظفر بأن مذهب الإمامية في البداء يكون على هذا المعنى لا على المعنى اللغوي ، بل هم يؤكّدون على أن البداء بالمعنى اللغوي لا يجوز إطلاقه على الله تعالى ، لأن البداء بهذا المعنى يستحيل على الله تعالى لأنه من الجهل والنقص وذلك محال عليه تعالى ولا تقول به الإمامية . قال الصادق عليه السلام : "من زعم أن الله تعالى بدا له في شيء بداء ندامة فهو عندنا كافر بالله العظيم" . وقال أيضا : "من زعم أن الله تعالى بدا له في شيء ولم يعلمه أمس فأبرأ منه"( ).
والحقيقة أن الإمامية في هذه المسألة منقسمون إلى ثلاثة اتجاهات وهي :
الإتجاه الأول :
يجعل التغير في المعلوم دون العلم . فالعلم الإلهي ثابت أزلا أبدا ، وإن هذا التغير معلوم به أزلا . ويمثل هذا الإتجاه الشيخ الصدوق (تـ 381هـ) ، والشيخ المقيد (تـ 413هـ) ، والشريف المرتضى (تـ 436هـ) ، حيث إن البداء عندهم كالنسخ عند غيرهم .
ويستدل الشيخ الصدوق على أهمية القول بالبداء بجعل التغير في المعلوم دون العلم ، كقولهم: ما عبد الله عز وجل بشيء مثل البداء ، وقولهم : ما عظم الله عز وجل بمثل البداء . وقولهم في تفسير قوله تعالى :  يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَآءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمّ الْكِتَابِ  - الرعد : 39 - ، هل يمحو الله إلا ما كان ، وهل يثبت إلا ما لم يكن ؟ ( ). ويقول في موضح آخر : "ليس البداء كما يظنه جهال الناس بأنه بداء ندامة تعالى عن ذلك ، ولكن يجب علينا أن نقر لله عز وجل بأن له البداء، معناه أن له أن يبدأ بشيء من خلقه فيخلفه قبل شيء ، ثم يعدم ذلك الشيء ، ويبدأ بخلق غيره أو يأمر بأمر ، ثم ينهى عن مثله أو ينهى عن شيء ، ثم يأمر بمثل ما نهى عنه، وذلك مثل نسخ الشرائع ، وتحويل القبلة، وعدة المتوفى عنها زوجها. ولا يأم الله عباده بأمر في وقت ما إلا وهو يعلم أن الصلاح لهم في ذلك الوقت في أن يأمرهم بذلك، ويعلم أن في وقت آخر الصلاح فهم في أن ينهاهم عن مثل ما أمرهم به، فإذا كان ذلك الوقت أمرهم بما يصحلهم. فمن أقر لله عز وجل بأن له أن يفعل ما يشاء، ويعدم ما يشاء، ويخلق مكانه ما يشاء، ويقدم ما يشاء، ويؤخر ما يشاء، ويأمر بما شاء كيف شاء، فقد أقر بالبداء" ( ). ويؤكد الشيخ المفيد هذا المعنى: "أقول في معنى البداء ما يقول المسلمون بأجمعهم في النسخ وأمثاله من الإفقار بعد الإغناء والإمراض بعد الإعفاء والإماتة بعد الإحياء ، وما يذهب إليه أهل العدل خاصة من الزيادة في الآجال والأرزاق والنقصان منها بالأعمال"( ).
الإتجاه الثاني :
إنهم يذهبون إلى أن التغير في ذات العلم لا في ذات المعلوم . إلا أن هذا الاتجاه يستخدم ظاهرة التأويل في العلم نفسه ، ويمثل هذا الاتجاه المجلسي (تـ 1110هـ) ، إذ يرى أن علم الله تعالى ينقسم إلى قسمين:
1) علم مدون في لوح محفوظ ، وهذا العلم لا يتغير ولا يتبدل .
2) علم مدون في لوح المحو والإثبات وهذا النوع من العلم هو الذي يدخله التغيير ، وهو الذي ينسب إليه البداء ( ).
الإتجاه الثالث :
يقولون بأن البداء هو التغير في العلم دون تأويل لطبيعة العلم . وهذا العلم المتغير إنما هو علم المخلوق لا علم الخالق . ومن هنا يكون البداء بمعنى (الإبداء) أي ظهور أمر للإنسان لم يكن يتوقعه . ويمثل هذا الإتجاه الشيخ الطوسي (تـ 460هـ) ( ).
ويلاحظ أن مفهوم البداء عند لإتجاه الأول والثالث فيه محاولة لتنزيه علم الله تعالى عن التجدد والتغير والتبدل، وأما الإتجاه الثاني فمردود مطلقا ، لأنه قالوا بالتجدد والتغير والتبدل في علم الله تعالى.
وهو بمعنى الظهور بعد الخفاء، كما في قوله تعالى:  وَلَوْ أَنّ لِلّذِينَ ظَلَمُواْ مَا فِي الأرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لاَفْتَدَوْاْ بِهِ مِن سُوَءِ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَبَدَا لَهُمْ مّنَ اللّهِ مَا لَمْ يَكُونُواْ يَحْتَسِبُونَ  - الزمر : 47 - . أو بمعنى : نشأة رأي جديد لم يكن من قبل كما في قوله تعالى :  ثُمّ بَدَا لَهُمْ مّن بَعْدِ مَا رَأَوُاْ الاَيَاتِ لَيَسْجُنُنّهُ حَتّىَ حِينٍ  - يوسف : 35 - .
***




المصادر والمراجع:
( ) المظفر، الشيعة والإمامة ، ص 7 .
( ) مغنيه، الإثنا عشرية وأهل البيبت، ص 15، دار الجواد – دار التيار الجديد، بيروت، ط4/1404هـ.


( ) الأشعري، مقالات الإسلاميين ، 1/89 .


( ) أبو زهرة ، تاريخ المذاهب الإسلامية ، ص 52 ، القاهرة ، طبعة دار الفكر .


( ) والواقع أن هذا المصطلح لا نجده في كتب الفرق والمقالات المتقدمة، فلم يذكره القمي (تـ299 أو 301هـ) في "المقالات والفرق"، ولا النوبختي (تـ 310هـ) في كتابه "فرق الشيعة"، ولا أبو الحسن الأشعري (تـ 330هـ) في كتابه "مقالات الإسلاميين"، ولعل أول من ذكره من الشيعة المسعودي (تـ 349هـ). وأما من غير الشيعة فلعله عبد القاهر البغدادي (تـ429هـ)، حيث ذكر أنهم سموا بالإثنى عشرية لدعواهم أن الإمام المنتظر هو الثاني عشر من نسبه إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه. انظر : البغدادي، الفرق بين الفرق، ص 64. د. ناصر القفاري، أصول مذهب الشيعة، ص 1/127.


( ) انظر : محمد رضا المظفر، عقائد الإمامية ، ص 76 – 77 ،


( ) محمود الملاح ، الآراء الصريحة ، ص 81 ، ضمن مجموعة السنة ، بدون تاريخ وذكر مكان الطباعة .


( ) البحراني ، لؤلؤة البحرين ، ص 117 .


( ) انظر : بحر العلوم ، التقليد في الشريعة ، ص 92 . فرج العمران ، الأصوليون والأخباريون فرقة واحدة ، ص 19 .


( ) محمد جواد مغنية ، مع علماء النجف ، ص 74 .


( ) محمد آل الطلقاني ، الشيخية ، س 9 .


( ) البحراني ، لؤلؤة البحرين ، ص 118 .


( ) البحراني ، لؤلؤة البحرين ، ص 121 . ولمزيد من التفصيل راجع : أصول مذهب الشيعة الإمامية الإثنى عشرية ، للدكتور ، ناصر القفاري ، 1/136-147 .


( ) الطالقاني، تنقيح المقال في أحوال الرجال - 2 / 85 .


( ) الطالقاني، جامع السعادات - 1/ المقدمة.


( ) الطالقاني، السيخية، ص 39.


( ) المصدر السابق، ص 40.


( ) يوسف البحراني، الكشكول، 2/ 387 .


( ) ثم تبلور على يد تلميذه كاظم الرشتي (1259/1843)، وصار يُسمّى (بالرشتية)، وذلك بعد كسر شوكة الحركة الاخبارية التي انتهت بمقتل الميرزا محمد الاخباري سنة (1232/1816) .وقد بدأ الاتجاه «الرشتي» ينحو منحىً من التعقيد الفكري يتلاءم والمرحلة السائدة ذلك الوقت، وقد لُقب أصحاب هذا الاتجاه «بالكشفية» نسبة الى الكشف والالهام الذي يدعيه اصحاب هذه الطريقة، وهي طريقة «مبناها على التعمق في ظواهر الشريعة، وإدعاء الكشف كما إدعاه جماعة من مشايخ الصوفية وهولوا به، وتكلموا بكلمات مُبهمة، وشطحوا شطحات خارجة عما يعرفه الناس ويفهمونه. انظر : أعيان الشيعة، 2/589.


( ) ويذكر الشيخ محسن العصفور أن الشيخية التي تعيش في دول الخليج هي مدرسة لم تعد لها هوية معلومة، فهي هجينة وخليط من انتماءات فكرية وقد تحولت الى فرقة تقدس أسرة الأحقاقي الأسكوئي التي تسكن الكويت، وترجع أصولها إلى مدينة "كرمان" الايرانية، ومنهم الكثير من شبابهم قلّدوا المدعو "محمد حسين فضل الله" اللبناني الذي يمثل اليوم أحد أقطاب الانحراف والزيغ والضلال وهو مؤسس فرقة جديدة يمكن تسميتها بالفضلية تعبث بثوابت الدين وتهدم قدسية الشريعة وقد خرجوا لأول مرة من شرنقة الفرقة الشيخية وأصبح انتماؤهم اسمياً وشكلياً لها ليس أكثر . انظر : منتديات مدرساة الأخباريين "ekhbarion.com/vb/showthread" .


( ) انظر: راشد الخطامي، الأصولية والأخبارية حقيقة وحجم الصراع بينهم، www.muslm.net.


( ) هو حميد بن إبراهيم بن ناصر المبارك البحراني أحد أبرز علماء الدين الشيعة في البحرين. يعتبر أحد أبرز خطباء المنبر الحسيني، وهو أيضًا مدرس في الحوزات العلمية في البحرين للبحث الخارج، كما تقلد منصب القضاء بعد عودته من قم في التسعينات، وفي الآونة الأخيرة ظهر له بعض المؤلفات وبعض الاهتمامات بالحداثة. ولد في قرية عالي، ويرجع أصله إلى قرية توبلي التي هاجر منها والده الشيخ إبراهيم إلى عالي، هاجر إلى مدينة قم في إيران بداية الثمانينات، ومكث بها يطلب العلم، فأخذ المقدمات حتى حضر البحث الخارج لدى أعلامها، فقد حضر بحث جماعة من الفقهاء منهم الشيخ حسين الوحيد، والشيخ جواد التبريزي، والشيخ حسين المؤيد. انظر : ar.wikipedia.org.


( ) إسلام بلا مذاهب ، ص 191 ، طبعة الحلبي .


( ) الحركات الباطنية في العالم الإسلامي ، د. محمد أحمد الخطيب ، ص 36 ، مكتبة الأقصى بعمان و عالم الكتب بالرياض ، ط2/1986م . ( أصل الكتاب رسالة دكتوراه للمؤلف قدمها إلى قسم العقيدة والمذاهب المعاصرة بكلية أصول الدين جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في الرياض . بإشراف : الشيخ زيد بن عبد العزيز الفياض ) .


( ) د. يحيى هاشم فرغل، عوامل وأهداف نشأة علم الكلام ، ص 169 ، مجمع البحوث الإسلامية ، القاهرة، 1392هـ - 1973م .


( ) ابن حزم، الفصل في الملل والنحل ، 1/164 .


( ) انظر : فجر الإسلام ، أحمد أمين ، ص 273 ، مكتبة النهضة المصرية ، القاهرة ، ط12/1978م . نظرية الإمامة لدى الشيعة الإثنى عشرية ، د. أحمد محمود صبحي ، ص 398 وما بعدها ، دار المعارف ، القاهرة ، بدون تاريخ . أدب الشيعة ، د. عبـد الحسيب طه حميدة ، ص 90 وما بعدها ، مطبعة السعادة ، القاهرة ، ط2/1968م .


( ) انظر : مذاهب الإسلاميين ، 2/815 .


( ) انظر : مذاهب الإسلاميين ، 2/815 .


والحقيقة أن الاعتقاد بالمهدي المنتظر ، وبأنه من أهل البيت ، وسيخرج في آخر الزمان ، فيملأ الأرض قسطا وعدلا بعدما ملئت جورا ، هو عقيدة إسلامية مشتركة بين الشيعة وأهل السنة ، ولكنهم اختلفوا فيمن يكون هذا الشخص المنتظر ؟ . فيرى أهل السنة أنه رجل من أهل البيت دون التحديد بالشخص ، وهناك آراء تقول بأن لا مهدي سوى عيسى ، ولكن جمهور أهل السنة على أن المهدي المنتظر غير عيسى  ، بينما ذهب الإمامية إلى تحديد الشخص المنتظر وهو الإمام الثاني عشر محمد بن الحسن العسكري ، وأما الباطنية فالمهدي عندهم هو محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق ، فهو قائم القيامة أو صاحب الدور والكور – والكور يتألف من عدة أدوار قد تصل إلى السبعة – ، فالإمام السابع في أي دور من الأدوار يكون هو القائم صاحب الدور الذي يحاسب أهل دوره على الأخطاء التي ارتكبوها . انظر : المقدمة ، ابن خلدون ، ص 311 . الفكر السياسي عند الباطنية وموقف الغزالي منه ، د. أحمد عرفات القاضي ، ص 91 ، الهيئة المصرية العامة للكتاب ، القاهرة ، 1993م . ( أصل الكتاب رسالة ماجستير للمؤلف قدّمها إلى قسم الفلسفة الإسلامية بكلية دار العلوم جامعة القاهرة . بإشراف : أستاذي : أ.د. محمد السيد الجليند و أستاذي : أ.د. السيد رزق الحجر ، عام 1988م ) . نظرية الإمامة لدى الشيعة الإثنى عشرية ، د. أحمد محمود صبحي ، ص 398 . الإمام المهدي المنتظر بين النظرية والواقع ، ، السيد عدنان البكّاء ، ص 45 ، الغدير ، بيروت – لبنان ، ط1/1999م . الإمامة وقائم القيامـة ، د. مصطفى غالب ، ص 303 – 304 ، دار ومكتبة الهلال ، بيروت – لبنان ، 1981م .


( ) انظر : السيادة العربية و الشيعة والإسرائيليات في عهد بني أمية ، ص 121 – 123 ، ترجمه عن الفرنسية : د. حسن إبراهيم حسن و د. محمد زكي إبراهيم ، مصر ، 1934م . العقيدة والشريعة في الإسلام ، ص 205 ، ترجمة : د. محمد يوسف موسى وآخرون ، مصر ، 1946م .


( ) تجديد التفكير الديني في الإسلام ، ص 177 . ترجمة : عباس محمود وآخرين ، مصر ، 1955م .


( ) نشأة الفكر الفلسفي في الإسلام ، د. علي سامي النشار ، 1/189 .


( ) غلاة الشيعة وتأثرهم بالأديان المغايرة للإسلام ، د. فتحي محمد الزغبي ، ص 556 .


( ) انظر : تاريخ المذاهب الإسلامية ، ص 38 ، دار الفكر العربي ، القاهرة ، بدون تاريخ .


( ) انظر : الخوارج والشيعة – المعارضة السياسية الدينية – ، يوليوس فلهوزن ، ص 146 ، دار الجيل للكتب والنشر ، ط5/1998م ، ترجة وتقديم : د. عبد الرحمن بدوي .


( ) المفيد ، شرح عقائد الصدوق ، ص 114 ، تبريز 1371هـ .


( ) هو أبو طالب علي بن الحسين بن موسى القرشي العلوي الحسيني الموسوي البغدادي من ولد موسى الكاظم ، ولد سنة 355هـ ، هو جامع كتاب نهج البلاغة المنسوبـة ألفاظه إلى الإمام علي رضي الله  ، توفي سنة 436هـ ، وأهم مؤلفاته : "حقائق التأويل في متشابه القرآن" و "معاني القرآن" . انظر : الذهبي ، سير أعلام النبلاء ، 17/588 – 590 ، رقم : 394 .


ويرى ابن حزم أن الشريف المرتضى لا يذهب كغيره من علماء الإمامية الإثنى عشرية إلى أن القرآن فيه زيادة ونقص ، بل إنه كان يُكَفِّرُ من قال بذلك ، وينص قوله في ذلك : " من قول الإمامية كلها قديما وحديثا أن القرآن مبدّل زيد فيه ما ليس منه ، ونقص منه كثير ، وبدل منه كثير حاشا علي ابن الحسين بن موسى ... وكان إماميا يتظاهر بالاعتزال ، مع ذلك فإنه كان ينكر هذا القول ويُكَفِّرُ من قاله ، وكذلك صاحباه أبو يعلى ميلاد الطوسي وأبوالقاسم الرازي " . ابن حزم ، الفصل في الملل والنحل، 4/139 .


( ) الشريف المرتضى ، 1387هـ - 1967م ، أمالي المرتضى ، 2/347 ، بيروت ، ، تحقيق : محمد أبو الفضل إيراهيم ، دار الكتاب العربي .


( ) ابن أبي الحديد ، شرح نهج البلاغة ، 7/7 –8 .


( ) انظر : ابن المطهر الحلي ، منهاج الكرامة ، ص 47 .


( ) جابر ، قاسم حبيب ، 1407هـ - 1987م ، الفلسفة والاعتزال في نهج البلاغـة ، ص 127 ، بيروت – لبنان ، المؤسسة الجامعية للدراسات النشر والتوزيع .


( ) المجلسي ، بحار الأنوار ، 25/350 - 351 .


( ) المصدر السابق ، 25/211 . وانظر : مرآة العقول : 4/352.


( ) ابن بابويه ، الاعتقادات : ص108-109 .


( ) القفاري ، ناصر علي ، أصول مذهب الشيعة الإثناعشرية ، 2/507 .


( ) انظر : فياض ، عبد الله ، 1986م ، تاريخ الإمامية وأسلافهم من الشيعة ، ص 157 ، ، بيروت ، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات .مصطفى غالب ، الحركات الباطنية في الإسلام ، ص 98 . السيد علي عباس الموسوي ، نظرية الإمامة وإشكالية الغيبة ، ص 48 ، مقالة بمجلة "المنهاج" ، 1424هـ -2004م ، تصدر عن مركز الغدير للدراسات الإسلامية ، بيروت – لبنان ، السنة الثامنـة ، العدد 32 .


( ) علي ابن الوليد ، تاج العقائد ومعدن الفوائد ، ص 105 .


( ) المظفر، عقائد الإمامية ، ص 67.


( ) مغنية، 1984م ، الإسلام والعقل ، ص 224 – 225 ، بيروت – لبنان ، دار ومكتبة الهلال و دار الجواد .


( ) دونالدسن ، عقيدة الشيعة ، ص 328 .


( ) محمود شكري الألوسي ، مختصر التحفة الإثنى عشرية ، ص 284 .


( ) السيد محسن الأمين الحسين العاملي ، الدر الثمين ، ص23 ، مطبعة الآداب ، النجف – عراق .


( ) ابن المطهر الحلي ، منهاج الكرامة ، ص 114 .


( ) انظر : الشيخ المفيد ، أوائل المقالات في المذاهب المختارات ، ص 97 .


( ) الداعي أحمد النيسابوري ، كتاب إثبات الإمامة ، ص 43 .


( ) الداعي أحمد النيسابوري ، كتاب إثبات الإمامة ، ص 71 .


( ) هو الخليفة الفاطمي الرابع ، ولد سنة 319هـ ، و تسلَّم الخلافـة سنة 342هـ ، وكان له من العمر (23) عاما . وتوفي في القاهرة سنة (365هـ) . انظر : الداعي إدريس عماد الدين ، عيون الأخبار وفنون الآثار – أخبار الدولة الفاطمية – ، ص 202 . المقريزي ، اتّعاظ الحنفاء بأخبار الأئمة الفاطميين الخلفاء ، 1/93 ، تحقيق : د. جمال الدين الشيّال .


( ) القاضي النعمان ، المجالس والمسايرات ، ص 418 .


( ) محمود شكري الألوسي ، مختصر التحفة الإثنى عشرية ، ص 149 .


( ) جابر ، قاسم حبيب ، الفلسفة والاعتزال في نهج البلاغة ، ص 127 .


( ) ابن المطهر الحلي ، منهاج الكرامة ، ص 121 .


( ) هو المولى محسن الملقب بـ "الفيض الكاشاني" ، فقيه ومفسر إمامي ، توفي سنة 1091هـ . انظر : آغا بزرك الطهراني ، طبقات أعلام الشيعة ، ص 150 .


( ) الفيض الكاشاني ، الصافي ، 4/187 .


( ) مسائل مجموعة من الحقائق العالية والدقائق والأسرار السامية انظر : ص 8 ، ضمن أربعة كتب إسماعيلية عنى بتصحيحها : ر . شتروطمان .


( ) حميد الكرماني ، المصابيح في إثبات الإمامة ، ص 75 – 76 . الداعي علي بن الوليد ، دامغ الباطل وحتف المناضل ، 1/215 ، 267 .


( ) الموسوي ، موسى ، الشيعة والتصحيح ، ص 82 .


( ) وجدير بالإشارة إلى أن الاعتقاد بالمهدي المنتظر ، وبأنه من أهل البيت ، وسيخرج في آخر الزمان ، فيملأ الأرض قسطا وعدلا بعدما ملئت جورا ، هو عقيدة إسلامية مشتركة بين الشيعة وأهل السنة ، ولكنهم اختلفوا فيمن يكون هذا الشخص المنتظر ؟ . فيرى أهل السنة أنه رجل من أهل البيت دون التحديد بالشخص ، وهناك آراء تقول بأن لا مهدي سوى عيسى ، ولكن جمهور أهل السنة على أن المهدي المنتظر غير عيسى  ، بينما ذهب الإمامية إلى تحديد الشخص المنتظر وهو الإمام الثاني عشر محمد بن الحسن العسكري ، وأما الباطنية فالمهدي عندهم هو محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق ، فهو قائم القيامة أو صاحب الدور والكور – والكور يتألف من عدة أدوار قد تصل إلى السبعة – ، فالإمام السابع في أي دور من الأدوار يكون هو القائم صاحب الدور الذي يحاسب أهل دوره على الأخطاء التي ارتكبوها . انظر : المقدمة ، ابن خلدون ، ص 311 . الفكر السياسي عند الباطنية وموقف الغزالي منه، د. أحمد عرفات القاضي ، ص 91 ، الهيئة المصرية العامة للكتاب ، القاهرة ، 1993م . ( أصل الكتاب رسالة ماجستير للمؤلف قدّمها إلى قسم الفلسفة الإسلامية بكلية دار العلوم جامعة القاهرة . بإشراف : أستاذي : أ.د. محمد السيد الجليند و أستاذي : أ.د. السيد رزق الحجر ، عام 1988م ) . نظرية الإمامة لدى الشيعة الإثنى عشرية ، د. أحمد محمود صبحي ، ص 398 . الإمام المهدي المنتظر بين النظرية والواقع ، ، السيد عدنان البكّاء ، ص 45 ، الغدير ، بيروت – لبنان، ط1/1999م . الإمامة وقائم القيامـة ، د. مصطفى غالب ، ص 303 – 304 ، دار ومكتبة الهلال، بيروت – لبنان ، 1981م .


ومن هنا نستطيع القول بأن الاعتقاد بالمهدي المنتظر هو أمر مشترك بين السنة والشيعة ، والخلاف بينهما أن الشيعة جعلوا فكرة المهدي المنتظر من أصولها العقائدية ، وأما السنة فلا . بالإضافة إلى أن الزيدية من الشيعة إنما ترى أن المهدية لا تنفصل في مفهومها عن الإمامة ذاتها ، فكل فاطمي شجاع ، عالم زاهد ، يخرج بالسيف ، يدعو إلى الحق ، فهو إمام ومهدي في آن واحد ، دون اعتقاد في المهدية بالمفهوم الذي يفيد انتظار محرّر أو مخلص مبعوث من الله ، وكل أئمة الزيدية ، كزيد وولده يجيى ومحمد النفس الزكية مهديون . أحمد صحبي ، نظرية الإمامة لدى الشيعة الإثنى عشرية ، 405 ، دار المعارف ، القاهرة ، 1969م .


( ) وذهب بعض فرق الزيدية وهي الجارودية إلى القول بالمهدية والغيبة . والجارودية تنتسب إلى أبي الجارود زياد بن منذر الهمذاني المتوفى عام 150هـ ، وهي تمثل من الزيدية الاتجاه الأكثر ميلا لآراء الإمامية الإثنى عشرية ، ففي الإمامة آمنوا بالمهدية وقال بعضهم بالغيبة ، وعودة الإمام المنتظر . وأما في الصحابة فطعنوهم ، وخاصة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما . انظر : يحيى بن حمزة ، عقد اللآليء ، ص 174 – 178 . أحمد الشرفي ، شرح الأساس الكبير ، 1/146 . أحمد بن يحيى المرتضى ، كتاب الملل والنحل ، 1/34 ، ضمن البحر الزخار.


( ) الطوسي ، الغيبة ، ص 42 ، 43 .


( ) عبد الجبار ، تثبيت دلائل النبوة ، دار العربية ، بيروت ، تحقيق : عبد الكريم عثمان .


( ) محمد رضا المظفر ، عقائد الإمامية ، ص 78 .


( ) أصول الكافي ، باب "أن الأرض لا تخلو من حجّة" ، 1/201 .


( ) المظفر محمد رضا ، عقائد الإمامية ، ص 66 .


( ) المصدر السابق ، ص 71 .


( ) يعقوب بن كلِّيس ، الرسالة المذهبة ، ص 142 .


( ) السجستاني ، أبو يعقوب ، كتاب الافتخار ، ص 71 .


( ) سورة الرعد : 7 .


( ) كتاب الافتخار ، ص 70 . وانظر : القاضي النعمان بن محمد ، كتاب المجالس والمسايرات ، ص 118 .


( ) أخرجه الكليني في أصول الكافي ، باب دعائم الإسلام ، 2/45 . ومسلم في صحيحه ، كتاب الإمارة ، باب " الإمام" ، رقم : 1851 ، وجاء بلفظ (من خلع يدا من طاعة لقي الله يوم القيامة لا حجة له ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية) . وأحمد في مسنده ، رقم : 16922 . وأبو بكر الهيثمي في مجمع الزوائد ، 5/218 ، وفي رواية : من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية ، وإسنادهما ضعيف . والطراني في المعجم الكبير ، 19/388 ، رقم : 910 . عن معاوية ، وجاء بلفظ : ( من مات بغير إمام مات ميتة جاهلية ) .


( ) انظر : الداعي حسن بن نوح ، مجموعة التربية ، ص 239 . ضمن كتاب الإمامة وقائم القيامة .


( ) سورة النساء : 65 .


( ) الداعي أحمد حميد الدين الكرماني ، 1416هـ - 1996م ، المصابيح في إثبات الإمامة ، ص 66 ، بيروت – لبنان ، تحقيق : مصطفى غالب ، دار المنتظر . الداعي علي بن الوليد ، دامغ الباطل وحتف المناضل ، 1/155 .


( ) الشيخ جعفر سبحاني ، كتاب بحوث في الملل والنحل ، 8/223 . نقلا عن الانترنت : www_imamsadeq_org .


وقد رد الزيدية هذه الدعاوى بأنها افتراء وكذب، لأنه قد مضـت فترة من الفترات التي خلت من الرسل ولم يكن هناك إمام أو وصي . وفي ذلك يقول الإمـام القـاسم الرسي الزيدي (تـ246هـ) : " فيسألون ولا قوة إلا بالله ، عن فترات الرسل في الأيام الماضية ، وما لم يزل فيها لا ينكره منكر ولا يجهله من الأمم الخالية ، هل خلت منها فترة ، وأمة منهم مستقلة أو مستكثرة من أن يكون فيها إمام هاد ، حجة لله على من معه من العبـاد ، يعلم من حلال الله وحرامه ، وجميع ما حكم الله في العباد من أحكامه ، ما يعلم ممن تقدمه ، وكان قبله من كل ما حكم الله به ونزّله " . الرد على الرافضة ، ص 89 .


ويرى الزيدية أن الحديث " » من مات ولم يعرف إمام زمانه ، مات ميتة جاهلية « جاء لإثبات وجوب الإمام ، وعقدها ، ومعرفة أوصافه . انظر : القاسم الرسي ، تثبيت الإمامة ، ص 40 . أحمد بن حسن الرصاص ، الخلاصة النافعة ، ص 228 . الجواب المختار ، ص 268 . ضمن مجمـوع كتب ورسائل الإمامم المنصور بالله القاسم بن محمد . وانظر : الإمام حميدان بن يحيى ، التصريح بالمذهب الصحيح ، ص 131 . المنتـزع الأول من أقوال الأئمة له ، ص310 ، كلاهما ضمن مجموع السيد حميدان .


ومن الجدير بالذكر هنا ، أن الإمام الهادي يحيى بن الحسين الزيدي (تـ298هـ) يذهب كما يذهب إليه الإمامية الإثنى عشرية والإسماعيلية الباطنية في هذه المسألة ، حيث قرر بأنه لا يخلو زمان من إمام . ويتبين ذلك عند شرحه للحديث السابق ، إذ يقول : " إنه لا يعدم في كل عصر حجة لله يظهر منهم إمام يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ، فإذا علم ثم مات فقد نجا من الميتة الجاهلية ، ومات على الميتة الملية . ومن جهل ذلك ، ولم يقل به ، ولم يعتقده ، فقد خرج من الميتة الملية ، ومات على الميتة الجاهلية هذا تفسير الحديث ومعناه " . الهادي يحيى بن الحسين، 1424هـ - 2003م ، كتاب الأحكام في الحلال والحرام ، 2/467 باختصار ، صعدة – اليمن ، جمعه: علي بن أحمد بن أبي حريصة ، منشورات مكتبة التراث الإسلامي .


ولا يحتاج هذا النص إلى تفسير ، حيث يفيد على أن الأرض لا تخلو من إمام مفروض الطاعة ، ولا غرو في ذلك ، لأن الإمام الهادي في حدّ ذاته كان يتجه تجاه الجارودية ، والجارودية تمثل من الزيدية الاتجاه الأكثر ميلا للشيعة الإمامية . وتابع هذا الرأي من الزيدية الإمام الحسين بن القاسم العياني (تـ404هـ) ، حيث قال : " إن الأرض لا تخلو من الحجة " . الحسين بن القاسم العياني ، المعجز ، ص 242 .


( ) وقد أفرد (عقيدة الرجعة) بالتأليف بعض علمائهم الكبار كالحر العاملي الذي ألف كتاب ( الإيقاظ من الهجعة في إثبات الرجعة) . وجمع ما يزيد على 620 بين آية وحديث صريح في الرجعة نقلها عن سبعين كتاباً قد صنفها عظماء علماء الاِمامية ، وقال : إنَّ أحاديث الرجعة ثابتة عن أهل العصمة عليهم السلام لوجودها في الكتب الاَربعة وغيرها من الكتب المعتمدة ، وكثرة القرائن القطعية الدالة على صحتها وثبوت روايتها، على أنّها لا تحتاج إلى شيءٍ من القرائن لكونها قد بلغت حدّ التواتر ، بل تجاوزت ذلك الحدّ ، وكل حديث منها يفيد العلم مع القرائن المشار إليها ، فكيف يبقى شك مع اجتماع الجميع . والأحسائي الذي ألف كتاب (الرجعة) . عبد اللطيف البغدادي ، الرجعة على ضوء الأدلة الأربعة .


وجمع السيد محمد مؤمن الحسيني الاسترآبادي الشهيد بمكة سنة 1088 هـ في رسالته المختصرة في الرجعة نحو 111 حديثاً من الكتب المعتمدة وجميعها تنصُّ على الرجعة . وأخرج الحر العاملي (ت 1104 هـ) في كتابه (الايقاظ من الهجعة بالبرهان على الرجعة) وجمع العلاّمة المجلسي المتوفى سنة 1111 هجريةـ نحو 200 حديث في باب الرجعة من كتاب (بحار الاَنوار) وقال : كيف يشكّ مؤمن بحقية الاَئمة الاَطهار عليهم السلام فيما تواتر عنهم في قريب من مائتي حديث صريح ، رواها نيف وأربعون من الثقات العظام والعلماء الاَعلام في أزيد من خمسين من مؤلفاتهم ، كثقة الاِسلام الكليني، والصدوق محمد بن بابويه ، والشيخ أبي جعفر الطوسي ، والسيد المرتضى ، والنجاشي ، والكشي ، والعياشي، وعلي بن إبراهيم ، وسليم الهلالي ، والشيخ المفيد ، والكراجكي ، والنعماني ، والصفار ، وسعد بن عبدلله ، وابن قولويه ، والسيد علي بن طاووس ، وفرات بن إبراهيم ، وأبي الفضل الطبرسي ، وإبراهيم بن محمد الثقفي ، ومحمد بن العباس بن مروان، والبرقي ، وابن شهر آشوب ، والحسن بن سليمان ، والقطب الراوندي ، والعلامة الحلي وغيرهم . إلى أن قال : وإذا لم يكن مثل هذا متواتراً ، ففي أيّ شيءٍ يمكن دعوى التواتر مع ماروته كافة الشيعة خلفاً عن سلف .


( ) إن من أبرز عقائد الشيعة والتي تكاد تمتلئ بها كتبهم؛ عقيدة المهدي المنتظر محمد بن الحسن العسكري، وهو الإمام الثاني عشر عندهم وهم يطلقون عليه الحجة كما يطلقون عليه القائم. ويزعمون أنه ولد سنة (255هـ)، واختفى في سرداب "سُرَّ من رأى" سنة (265هـ)، وهم ينتظرون خروجه في آخر الزمان لينتقم لهم من أعدائهم, ولا يزال الشيعة يزورونه بسرداب "سُر من رأى" ويدعونه للخروج. وقد صاحبت عقيدة المهدي المنتظر عند الشيعة خرافات وعقائد منحرفة خطرة. وقد استعرت فكرة خروجه في زماننا هذا عند الشيعة، فقد بدؤوا يستعدون لخروجه القريب – زعموا - ويتحدثون عن رؤيته في بعض المسيرات الشيعية, وتعددت تلك الرؤى وزعموا أنهم استطاعوا التقاط صورة له . وهذه العقيدة منذ سنة (260هـ) إلى اليوم هي أساس مذهب الإمامية الإثنى عشرية ، ويهتم بها آيات الرافضة ومراجعها حتى يعدون منكرها أكفر من إبليس . إذ بها يستمدون القداسة بين شيعتهم، وبواسطتها يأخذون الأموال من اتباعهم باسم خمس "الغائب"، وعن طريقها يدعون الصلة بأهل البيت، وقد اضطروا للقول بهذه العقيدة البعيدة عن العقول، لأنهم قد حصروا الإمامة بأولاد الحسين وبأشخاص معينين منهم على اختلاف بينهم في تحديد الإمامة. ولكنهم فوجئـوا في سنة (260هـ)، بوفاة الحسن العسكري - وهو الإمام الحادي عشر عندهم - عقيماً فافترقوا في هذا وتحيروا حتى بلغت فرق شيعة الحسن العسكري أربع عشرة فرقة كما يقول النوبختي، أو خمس عشرة فرقة، كما يقول القمي، وهما من الرافضة ومن عايش تلك الأحداث، إذ هما من شيوخهم في القرن الثالث.


( ) الصحّاح ، 3/1216 . القاموس المحيط ، 3/28 .


( ) محمد رضا المظفر ، عقائد الإمامية ، ص 80 – 81 .


( ) المجلسي ، بحار الأنوار ، 53 ، 74 .


( ) بحار الأنوار ، 72 ، 71 .


( ) بحار الأنوار ، 74 ، 73 .


( ) الكليني ، الكافي ، 8/ 50، 14 . وتفسير القمي 1 : 385 . وتفسير العياشي 2 : 259
26 . والاعتقادات، للصدوق : 62 .


( ) العاملي ، الايقاظ من الهجعة ، 8/76 .


( ) العاملي ، الايقاظ من الهجعة ، 8/84 .


( ) محمد رضا المظفر ، عقائد الإمامية ، ص 82 .


( ) آل كاشف الغطاء ، أصل الشيعة وأصولها ، ص 47 ، المكتبة الحيدرية ، 1969م .


( ) المفيد ، أوائل المقالات ، ص 48 .


( ) نقلاً عن الرجعة للأحسائي ، ص30 .


( ) محمد جواد مغنية ، الشيعة في الميزان ، ص 54 -55 .


( ) السيد محسن الأمين ، نقض الوشيعة ، ص 473 .


( ) محمد أبو زهرة ، الإمام الصادق ، ص 240 .


( ) المفيد ، أوائل المقالات ، ص 89 - 90 .


( ) عقائد الإمامية الإثنى عشرية ، 2/228 .


( ) أحمد بن زين الدين الأحسائي، متوفى سنة 1241هـ، يعد من كبار علمائهم المتأخرين . قال عنه الخونساري: "ترجمان الحكماء المتألهين، ولسان العرفاء والمتكلمين، غرة الدهر، وفليسوف العصر .. لم يعد في هذه الأواخر مثله في المعرفة والفهم، والمكرمة والحزم، وجودة السليقة وحسن الطريقة...الخ " . روضات الجنات ، 1/88-89 .


( ) أحمد الأحسائي ، الرجعة ، ص 41 .


( ) محمد رضا المظفر ، عقائد الإمامية ، ص 82 .


( ) تفسير الألوسي ، 6/315 .


( ) على مر التاريخ الإسلامي السياسي نجد الشيعة على مختلف فرقها في موقف المعارضة دائما، فهي حزب معارض ، ولكن الأسلوب المستخدم فيها لدى كل هذه الفرق تختلف بين بعضها بعضا، فاختارت الشيعة الزيدية بطريقتها المعارضة علنيا من غير تكتم وتخفي أو في ما يسميهم في اصطلاحهم بمبدأ الخروج ، بينما اختارت الشيعة الإمامية والإسماعيلية بالطريقة السرية أو ما يعرف في اصطلاحهم بالتقية .


( ) المفيد ، أوائل المقالات ، ص 210 .


( ) البحراني ، الكشكول ، 1/ 202 .


( ) الخميني ، كشف الأسرار ، ص 147.


( ) المفيد ، تصحيح اعتقادات الصدوق ، ص 220 ، ط تبريز – إيران .


( ) آل كاشف الغطاء ، أصل الشيعة وأصولها ، ص 178 .


( ) آل كاشف الغطاء ، أصل الشيعة وأصولها ، ص 178 – 178 .


( ) الكليني ، أصول الكافي ، 2/219 .


( ) الأصول الأصلية ، 324 .


( ) ابن بابويه ، الاعتقادات ، ص 114 .


( ) المجلسي ، بحار الأنوار : 75/412.


( ) الكليني ، أصول الكافي : 2/217 . المجلسي ، بحار الأنوار : 75/423 . الحر العاملي ، وسائل الشيعة ، 11/460 .


( ) تفسير الحسن العسكري : ص130. الحر العاملي ، وسائل الشيعة : 11/474. المجلسي ، بحار الأنوار: 75/415.


( ) وقام الدكتور/ناصر بن عبدالله بن علي القفاري ببحث جامعي لنيل درجة الماجستير من كتاب خاص في هذا المجال بعنوان " مسألة التقريب بين أهل السنة والشيعة . ونشره دار طيبة بالسعودية في مجلدين .


( ) رسالة الإسلام ، السنة الأولى ، العدد الأول ، ص 22-24 .


( ) مقدمة كتاب "الدعوة الإسلامية إلى وحدة أهل السنّة والإمامية" لمحمد جواد مغنية (والكتاب للخنيزي).


( ) انظر : فتوى شلتوت في ملحق الوثائق .


( ) جعفر سبحاني ، أضواء على عقائد الشيعة الإمامية ، ص 427 .


( ) ابن منظور ، لسان العرب ، 1/234 ، مادة بدا .


( ) عبد الزهر الندر ، نظرية البداء عند صدر الدين الشيرازي ، ص 27 ، مطبعة النعمان ، النجف ، 1975م.


( ) ابن منظور ، لسان العرب ، 1/234 ، مادة بدا .


( ) الصدوق ، التوحيد ، ص 332 – 333 ، دار المعرفة ، بيروت – لبنان ، بدون تاريخ ، تصحيح : السد هاشم الحسيني الطهراني .


( ) الصدوق ، التوحيد ، ص 335 .


( ) المفيد ، أوائل المقالات ، ص 94 ، تبريز – إيران ، ط1/1363هـ .


( ) المجلسي ، بحار الأنوار ، 4/130 ، مؤسسة الوفاء ، بيروت، ط3/1983م .


( ) انظر : عبد الزهر البندر ، نظرية البداء عند صدر الدين الشيرازي ، ص 27 - 35 .



0 komentar:

Post a Comment